إليك تفاصيل أهمية خط الغاز الروسي "نورد ستريم 2" لأمن الطاقة في ألمانيا

08 ابريل 2022
ألمانيا أكثر الدول تضرراً من عدم تشغيل الخط الروسي (Getty)
+ الخط -

شدد المستشار الألماني أولاف شولتز لهجته أخيرا حيال العقوبات على روسيا، وبالأخص إيقاف خط "نورد ستريم 2" المُعد لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا وأوروبا، في إشارة حملت الكثير من الوضوح بعدما كان يؤخذ على الاشتراكي شولتز وفاؤه لخطه السياسي وتأييده مشروع الغاز من منطلق أنه مشروع اقتصادي خاص.

وبعد الرسالة الألمانية العلنية، عادت لتطرح التساؤلات داخليا عن الخطوة التي قد تقدم عليها برلين لتعويض النقص، لا سيما أن البلاد تعتمد على الغاز الطبيعي الروسي، فيما أضحت الأسعار مرتفعة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ومنشآت التخزين فارغة نسبيا ولا تتجاوز الكمية الموجودة فيها 22% فقط من طاقتها الاستيعابية، أي عند أدنى مستوياتها التاريخية، فضلا عن مدى إمكان الاستغناء عن الخط نهائيا رغم إعلان وزارة المالية الاتحادية أن قطع إمدادات روسيا، التي تمثل 40% من الاستهلاك، قد يعطل أكبر اقتصاد في أوروبا.

90% من غاز "نورد ستريم 2" إلى شرق أوروبا وجنوبها

منذ أن حشدت روسيا قواتها على الحدود مع أوكرانيا قبل أن تغزوها فعلا، أضحى "نورد ستريم 2" المنجز حديثا، والذي سيمد ألمانيا وأوروبا بالغاز الروسي عبر البلطيق، الورقة الأبرز التي يهول بها الغرب لردع روسيا عن اجتياح أوكرانيا، لما لموسكو من مصلحة اقتصادية وجيوسياسية في هذا المشروع الحيوي، الذي ينتظر تراخيص التشغيل بعدما أُنجز في سبتمبر/أيلول 2021، ويسمح بنقل حوالي 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى أوروبا ويحقق إيرادات ضخمة للخزينة الروسية.

وأبرزت "بزنس إنسايدر" أن ألمانيا ستكون بشكل عام بلد عبور للغاز الروسي، ومن الناحية النظرية، فإن أحد خطي الأنابيب، أي "نورد ستريم 1" الذي يعمل منذ سنوات، كاف لتزويد حوالي 26 مليون أسرة بالغاز، علما أن 90% من الغاز الطبيعي الروسي عبر الخط الجديد "نورد ستريم 2" ستُوجه إلى شرق أوروبا وجنوبها عبر خط "أوغال" EUGAL. 

في المقابل، تفيد تقارير اقتصادية بأن الغاز الروسي سيصبح أكثر أهمية بالنسبة إلى ألمانيا وأوروبا، خاصة على المدى المتوسط، كتقنية تجسير نحو مستقبل محايد مناخيا، مبرزة أنه منذ بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي، ارتفع سعر الغاز الطبيعي 80%.

وليس فصل الشتاء هو المسؤول عن ذلك فحسب، بل أيضا الاقتصاد العالمي الذي شهد انتعاشة بعد أزمة كورونا، وسط توقعات بأن تكاليف الطاقة لن تنخفض مع بدء تشغيل الخط الجديد (إن حصل)، لأن العامل الحاسم هو مقدار الغاز الطبيعي الذي سيُضخّ عبر بقية خطوط الأنابيب.

هل تتحمّل ألمانيا وقف إمدادات الغاز الروسي؟

وعن الفترة التي يمكن أن تعيشها أوروبا من دون الغاز الروسي، أبرز موقع "فاينانس ماركتفيلت" تحليلا مثيرا للاهتمام عن الخبيرة باربرا لامبريشت من "كوميرس بنك"، وفيه أن الاتحاد يمكن أن يصمد بين شهر ونصف وشهرين ونصف على الأرجح من دون الغاز الطبيعي الروسي تماما.

وفي سيناريو بسيط، قد يفترض المرء ألا تزود روسيا الاتحاد الأوروبي بالغاز إذا ما فرضت عقوبات هائلة على موسكو، حيث توقعت الخبيرة أن يفقد التكتل الأوروبي حوالي 12 مليار متر مكعب من خط الأنابيب وحوالي 1.5 مليار متر مكعب شهريا من واردات الغاز الطبيعي المسال.

وعليه، تؤكد الخبيرة وجوب سد هذه الفجوة بالاحتياطيات المتبقية في مرافق التخزين، حيث توجد حاليا 33.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وفق أحدث البيانات التي أظهرتها "غاز إنفراستراكتشر يوروب"، حيث انخفضت المخزونات إلى نحو 20 مليار متر مكعب بنهاية مارس/آذار المنصرم.

وعن الإجراءات التي من الممكن أن تلجأ إليها أوروبا لتتحمل فترة أطول من دون الغاز الروسي، عملت لامبريشت في تحليلها على تبيان عدة عوامل حتى تتسنى زيادة الاحتياطي مجددا، مشيرة إلى أن هولندا، أهم منتج للغاز داخل الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تضح المزيد من الغاز سريعا رغم الاعتراضات البيئية.

وفي حالة النرويج، ثاني أهم مورد للغاز في الاتحاد بنسبة 23%، لا تكاد توجد أي إمكانية أُخرى لزيادة كمية العرض على المدى القصير. وأول الغيث سيكون عبر الغاز المسال، حيث لدى الاتحاد 25 محطة رئيسية سعتها 2155 مليار متر مكعب، ويمكن لها أن تغطي نحو ثلثي احتياجات الاستيراد.

إلا أن هناك عوامل مقيدة لذلك تتمثل بقدرات مقدمي الخدمات التي ترتبط غالبا بعقود طويلة الأجل، إضافة إلى مشكلة التوزيع، بحيث سيكون التقنين عندئذ عنوان المرحلة المقبلة لتوفير الاستهلاك، وهذا ستكون له تبعات وتكاليف عالية على الاقتصاد، وطبعا ستكون ألمانيا بلا شك الدولة الأكثر تضررا في الاتحاد، علما أن المفوضية الأوروبية أعلنت أخيرا أن اليابان وكوريا ستدعمان أوروبا بالغاز المسال عند الحاجة.

المساهمون