ماتياس كورمان يتخلى عن الوقود الأحفوري ليرأس منظمة التعاون والتنمية

05 يونيو 2021
ماتياس كورمان (Getty)
+ الخط -

اضطر الأسترالي ماتياس كورمان، الذي كان يواجه بشراسة المدافعين عن البيئة إلى صبغ قناعاته وخطابه بالأخضر من أجل جذب أصوات الناخبين لتولي أمر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، التي تضم كبار العالم، حيث شرع في ممارسة مهامه في الأول من يونيو/ حزيران الجاري.

بعدما كان كورمان، وزير المالية السابق، يرى أن السعي إلى تقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري نوع من التطرف، أضحى ملتزما ببلوغ ذلك الهدف في منصبه الجديد، بينما لم ينس النشطاء دفاعه الشرس أيضا عن التبادل الحر.

واختير الأسترالي، البالغ من العمر 50 عاماً، كي يخلف المكسيكي أنخيل غوربا على رأس الأمانة العامة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، التي أسست قبل 60 عاماً، والتي يقع مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، وتتولى تحفيز التقدم الاقتصادي والتجاري العالمي.

ودرس كورمان، الذي ولد في بلجيكا، القانون واختار وهو في سن الثالثة والعشرين، الهجرة إلى أستراليا، التي عقد العزم على المكوث فيها سنة واحدة، قبل أن يطيب له المقام هناك. وتدرج في مراكز القرار في ذلك البلد الذي يدين بتقدمه للمهاجرين، حتى التحق بالحزب الليبرالي، ومارس مهام مستشار، قبل أن ينتخب سيناتورا قبل أربعة عشر عاماً.

وتمكن في عام 2013 من أن يصبح وزيراً للمالية، حيث قضى في ذلك المنصب سبعة أعوام، كما تولى منصب الوزير الأول (رئيس الوزراء) بالنيابة. وجرى انتخاب كورمان لتولي رئاسة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بأغلبية بسيطة، حيث لم تكن المعركة من أجل تولي ذلك المنصب سهلة، إذ واجه أربعة مرشحين، أبرزهم المفوضة الأوروبية السابقة في التجارة السويدية سيسلي مالستروم، وفق تقرير لصحيفة ليزيكو الفرنسية.

وقد شُنت حملة من أجل الحيلولة دون انتخاب كورمان، حيث أثيرت مسألة إتاحته دعما بنحو 30 مليار دولار عندما كان وزيراً للمالية في أستراليا لقطاع الطاقة الأحفورية، علما أن الصناعة في بلده ترتهن كثيراً للفحم، الذي يستخرج من مناجم بكلف بسيطة. غير أنه أكد في سعيه لتولي الأمانة العامة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أنه سيعيد النظر في سياسته. فقد وعد بأن يتبنى سياسة طموحة وفعالة على الصعيد العالمي في مجال التغير المناخي من أجل الوصول إلى تقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلي الصفر في أفق عام 2050.

وينتظر أن تكون مكافحة التغيرات المناخية إحدى أهم الأولويات التي ستلقى على عاتق الأمين العام الجديد للمنظمة، علما أن القوى العظمى تأخرت في احترام التزاماتها في هذا المجال. وعمدت حوالي عشرين منظمة غير حكومية إلى التعبير عن رفضها لترشيح كورمان على رأس المنظمة، التي تمثل البلدان السبعة والثلاثين المنتمية إليها حوالي 60% من الناتج الإجمالي المحلي.

وتستحضر تلك المنظمات تصريحاته التي تعتبر أن المطالبة بتقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري نوع من التطرف، بل إنه دعا طلبة كانوا قد شاركوا في مظاهرة عالمية من أجل الدفاع عن البيئة للبقاء في مدارسهم. وعُرفت عن الوزير الأسترالي، الذي يتمتع بنفوذ كبير داخل الحزب الليبرالي الحاكم بأستراليا، معارضته لنظام فرض تعرفة على الكربون بهدف تقليص الانبعاثات في الصناعة في أستراليا، وهو النظام الذي تم حذفه.

ولم يكتف بالتأكيد على تقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال العمل في منصبه الجديد، بل حدد أولويات أخرى لا تقل أهمية، مثل التربية، والكفاءات وتقليص الفوارق في المجال الجبائي، حيث سيكون عليه قيادة إصلاح جبائي للشركات المتعددة الجنسيات الذي كلفت به المنظمة من قبل مجموعة العشرين، وهو ما تتطلع إليه إدارة الرئيس الأميركي جو بادين، التي تهدف إلى فرض جباية بنسبة 15% على الشركات العالمية من أجل توفير إيرادات تساعد على مواكبة مشاريع الإنعاش الاقتصادي.

عندما كان يقود حملته من أجل الفوز بمنصب سادس أمين عام للمنظمة، استعمل طائرة عسكرية بهدف الترويج لترشحه، ما أثار غضب مواطنيه، غير أن الحكومة الأسترالية دافعت عنه، معتبرة أنها استهدفت تجنيبه الإصابة بفيروس كورونا حال لجأ إلى طائرات عادية.

المساهمون