مؤشرات بعودة الروح إلى العلاقات التجارية بين تركيا والسعودية

11 مايو 2021
أسواق السعودية لم تخل من المنتجات التركية رغم القيود (العربي الجديد)
+ الخط -

كشف مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، ياسين أقطاي لـ"العربي الجديد" أن الفترة المقبلة ستشهد تحسناً بالعلاقات التركية السعودية، موضحاً أن وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو سيحدد خلال زيارته الحالية إلى الرياض نقاط الخلاف التي أدت لتوتر العلاقات وراجعت التجارة بين البلدين، ليصار لاحقاً إلى تطبيع العلاقات وتنظيم لقاءات بين لجان متخصصة لـ"لحلحة الخلافات".
ويتوقع أقطاي أن يسلك البلدان خطوات "تصحيحية" لما فيها مصلحة الشعبين، سواء ما يتعلق بعودة التبادل التجاري والسياح، أو حتى زيادة التعاون الاقتصادي وزيادة الاستثمارات.
وزادت زيارة مولود جاويش أوغلو إلى الرياض التي تنتهي اليوم الثلاثاء من آمال انفراج العلاقات المتوترة منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2018 والذي أدى إلى تراجع حجم التبادل التجاري وتعطيل المملكة عديداً من الصادرات بعد الدعوات المتكررة لمقاطعة البضائع التركية والسياحة إلى تركيا، قبل أن تغلق الشهر الماضي 8 مدارس تركية بالمملكة في نهاية العام الدراسي 2020 – 2021.

 

قيود على المنتجات التركية
خلال الأشهر الثلاثة الماضية، علّقت الرياض في الجمارك عدداً من الواردات من تركيا، بما فيها منتجات البيض والحليب واللحوم البيضاء، ما سبب خسائر للتجار ورجال الأعمال الأتراك، لأن معظم السلع التي منعت من دخول المملكة غذائية ولها فترة صلاحية محددة.
وتصاعدت الدعوات السعودية إلى مقاطعة المنتجات التركية منذ أكثر من عامين، رغم أن الرياض نفت صدور أي قرار رسمي بحظر دخول البضائع التركية إلى المملكة، خشية العقوبات التي يمكن أن تفرضها منظمة التجارة العالمية، في حال مخالفة الأحكام الملزمة في اتفاقيات التجارة الدولية واتفاقيات التجارة الحرة.
ودعا رئيس مجلس إدارة غرف الرياض التجارية والصناعية، عجلان العجلان، إلى ضرورة الاستمرار في مقاطعة تركيا وتصفير التعامل معها، لتعلن بداية العام الجاري مجموعة واسعة من المؤسسات والشركات السعودية انضمامها إلى الحملة التي تحظى بدعم علني من قبل بعض المسؤولين ووسائل الإعلام شبه الرسمية في المملكة.
لكن تركيا، وبحسب مصادر رسيمة، وجّهت شكوى وقتذاك إلى منظمة التجارة العالمية، بسبب حملة المقاطعة السعودية لبضائعها، وتم بحسب المصادر إبلاغ منظمة التجارة العالمية بالممارسات التي تقوم بها السعودية والتي تقيّد التجارة بين البلدين، والطلب بسرعة الإفراج عن شاحنات البضائع المعلقة في الجمارك، بعد أن تراجعت صادرات تركيا إلى السعودية 93.7 بالمائة في آذار/ مارس الماضي إلى 18.9 مليون دولار من 298.2 مليون دولار قبل عام، بحسب بيانات رابطة المصدرين الأتراك.

بداية انفراجة
لكن الانفراجة بدأت، بحسب الاقتصادي التركي أوزجان الطويل، منذ الشهر الماضي، بعد تصريحات  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، وتبع ذلك اتصال بين الرئيس التركي والعاهل السعودي قبل أيام، لتأتي زيارة وزير الخارجية اليوم لتكسر جمود العلاقات الممتدة منذ ثلاثة أعوام.
ويكشف الاقتصادي التركي أن بلاده تواصلت أخيراً مع السعودية لحل مشكلة تعليق عدد من الواردات من تركيا، مشيراً إلى أن صادرات تركيا للسعودية انخفضت إلى 56.2 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الجاري بتراجع بلغت نسبته 93.1% على أساس سنوي.

ويأمل الاقتصادي التركي خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن يتنامى حجم التبادل إلى أكثر من خمسة مليارات دولار، لأن هناك حاجة وإمكانية بين الرياض وأنقرة، أكثر مما هي عليه بين بلاده وألمانيا التي يزيد حجم التبادل فيها عن 12 مليار دولار، لأن الرياض برأيه "بوابة عودة العلاقات" التي تحرص بلاده عليها، سواء مع مصر أو السعودية.

خسائر سعودية
ولم تسلم السعودية من خسائر مقاطعة السلع التركية، التي حاولت استبدالها بسلع أوروبية وآسيوية، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد" لكنها بمواصفات مختلفة "خاصة الآسيوية" وأسعار أعلى، مشيرة إلى أن السعوديين خسروا مليارات الريالات خلال العام الماضي، جراء تكدس البضائع التركية في الجمارك "بعد التعاقد وطلب الاستيراد"، كاشفة أن بعض التجار غيّروا شهادة المنشأ التركية وأدخلوا بعض البضائع، والدليل أن أسواق المملكة لم تخل من المنتجات التركية، بما فيها الغذائية والألبسة ومواد البناء.
ويقول المستثمر مصطفى محمد صالح من مدينة جدة السعودية إن توتر العلاقات السياسية بين البلدين "انعكس سلباً على الأعمال والسفر والاستيراد"، فبعد توجه رأس المال السعودي إلى تركيا، خاصة بعد عام 2011، وقت سمحت تركيا بالتملك، زاد عدد الشركات من 11 شركة إلى أكثر من 1100 شركة اليوم، بحجم استثمار يزيد عن 11 مليار دولار، موزعة في الاستثمار الزراعي والعقاري والطاقة وغيرها.

 

ويشير المستثمر بقطاع الزراعية الحيوانية جنوبي تركيا إلى أن المناخ الاستثماري والقدرة الشرائية وحجم السوق بتركيا مغرٍ، كما أن المناخ العام بتركيا يغري السعوديين، سواء للاستثمار أو شراء العقارات والاستثمار، مبيناً أن السعوديين دخلوا في تركيا بقطاعات الطاقة والأغذية والنقل والصناعة والمواصلات والعديد من القطاعات الخدمية "وإن كان العقار أكثر القطاعات جذباً".
ويضيف محمد صالح أن حجم التبادل التجاري تراجع "إلى أقصى حد" خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن بلغ ذروته عام 2016 واقترب من 6 مليارات وكانت مساعي البلدين لوصوله إلى 25 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، لكن السياسة تدخلت فأثرت على الاقتصاد "نأمل اليوم تصويب العلاقات والخلافات وزيادة التبادل والاستثمارات بين البلدين"، وإن كان ذلك مرهون بمدى تحسن العلاقات السياسية والدبلوماسية وانقشاع وباء كورونا، لأن النظر للأرقام خلال العام الأخير مؤشر غير صحيح، فكورونا أثر على العلاقات والتبادل بين جميع دول العالم.

المساهمون