مأساة غزة تلقي بظلالها على تحضيرات الأردنيين لشهر رمضان

10 مارس 2024
أزمة غزة فاقمت من صعوبة الوضع الاقتصادي الذي يعيشه المواطن الأردني (فرانس برس)
+ الخط -

على وقع حرب إسرائيلية مستعرة منذ أكثر من 150 يوماً في غزة، يتجهّز الأردنيون لشهر رمضان المبارك، الذي يحلّ منتصف الأسبوع الجاري، وسط مشاهد قتل ودمار، عكّرت صفو تحضيرات سنوية اعتادوها.

كغيرهم من شعوب العالم الإسلامي، ينتظر الأردنيون حلول الشهر الكريم، وعادة ما يستبقونه بارتياد الأسواق؛ للتزوّد بالسلع الأساسية التي يحتاجونها فيه، إلا أن ما يحدث في غزة بدّل الحال.

أمام مدخل محلّه الخاص ببيع العصائر والحلويات، الذي يقع في بداية شارع السينما في محافظة إربد، كان محمد أبو حرب (52 عاماً) يقف منتظراً مرور المواطنين ممن قصدوا تلك المنطقة، على أمل بيع منتجاته التي كانت في سنوات سابقة تُعَدّ مقصداً للكثيرين منهم.

لكن خلوّ الشوارع منهم، واقتصارها على أعداد قليلة، لم يحقق له ذلك، وأكد لوكالة "الأناضول" أن "الوضع بشكل عام راكد، والسبب أن المواطنين متأثرون بما يجري في غزة". 

وتابع: "الموضوع ليس تحضيراً لشهر رمضان، لكن عندما تشاهد إنساناً جائعاً ويقتل أمامك (في غزة) فإنك تفقد لذة التحضيرات المعتادة".

واعتبر أن "الوضع الاقتصادي ليس له علاقة بالتراجع الكبير في مستوى الإقبال على التحضير لرمضان، فهو ليس بالأمر الجديد، ولكن ما يجري في غزة يسيطر على المشهد العام".

"الوضع في غزة تعيس ومقلق"، بهذه الكلمات استهل التاجر رائد حداد (48 عاماً) حديثه، لافتاً إلى أن "الجميع يخشى من تداعيات الأوضاع على مستقبل المنطقة".

وأضاف: "الحركة تتراجع بشكل سنوي عما قبلها، ولكن هذه أصعب سنة منذ عقود، بحكم وجودنا في هذا المكان منذ ستينيات القرن الماضي، فنحن من أقدم المحالّ التجارية هنا".

الشاب محمد لؤي (24 عاماً)، بائع في أحد المحال كان له رأي آخر عن سابقيه، أرجع أسباب قلة الإقبال عن الأسواق إلى "تراجع الاقتصاد، وبأن المواطنين أعادوا ترتيب أولوياتهم الإنفاقية". لكنه في الوقت ذاته لم يستبعد غزة من الحسبان؛ إذ بين أن "الناس تقول: نحن نلبس وبغزة لا يجدون ما يأكلون".

مجدي العزام (47 عاماً) كان هو الآخر ينتظر دخول زبون إلى محله، وقال إن "التراجع هذا العام كبير جداً في الأسواق، ولا نستطيع تأمين التكاليف".

وأشار بقوله: "من تراهم في الأسواق مضطرون إلى ذلك، فأحداث غزة أثرت كثيراً في الجميع".

واستذكر خلال حديثه أحد تجار غزة ممن كانوا يشترون السلع من مستودعاته، حيث قال: "كان هذا التاجر (لم يذكر اسمه) يتراكم له عندنا مبالغ مالية، ومع الأسف الآن لا يجد مكاناً يؤويه ويؤوي أطفاله، ما يحدث في غزة مؤلم جداً".

أما علي بني هاني (33 عاماً)، وهو مواطن كان يقصد أحد المحالّ لشراء بعض السلع، فأكد أن "أزمة غزة فاقمت من صعوبة الوضع الاقتصادي الذي يعيشه المواطن الأردني".

من جانبه، قال الأكاديمي والباحث في علم الاجتماع، حسين خزاعي، إن "ما يحدث عبارة عن رسالة تضامنية شعورية بأن المواطن جزء من غزة، والمواطن الأردني يفترض نفسه يعيش ويتعايش مع ظروف الغزيين".

وبيّن أن "المواطن الأردني يتجاهل التحضيرات من كل الجوانب، خصوصاً وهم يشاهدون صعوبة الظروف لأهل غزة الذين لا يجدون طعاماً ولا ماءً ولا دواءً".

وأوضح أنّ "حالة الإحباط والقلق والتوتر والألم للمصير المجهول لما يحدث، تدفع الكل إلى التساؤل عن موعد نهاية هذه الغطرسة".

"المجتمع الأردني يرى نفسه عاجزاً عن صدّ ومواجهة الحرب على أشقائه في غزة، ولا يستطيع تقديم أية خدمة إلا بهذا التضامن، وإرسال رسالة بأننا نجوع معكم حتى لو توافر لنا الطعام". 

وحتى نهاية يناير/ كانون الثاني، ارتفعت أسعار الغذاء في الأردن للشهر السابع على التوالي، وبلغت نسبتها الأخيرة 3%، وفق تقرير الأمن الغذائي الشهري الصادر أخيراً عن البنك الدولي.

كذلك ارتفع معدل التضخم في الأردن بنسبة 1.95% خلال يناير 2024، بحسب التقرير الشهري لدائرة الإحصاءات العامة.

ويشنّ الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي حرباً مدمرة على قطاع غزة خلَّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين وكارثة إنسانية غير مسبوقة ودماراً هائلاً في البنى التحتية والممتلكات، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بدعوى "الإبادة الجماعية".

ومنذ ذلك التاريخ، يواصل الأردنيون التعبير عن تضامنهم مع القطاع، وذلك عبر فعاليات مستمرة تشهدها محافظات المملكة بشكل شبه يومي. 

(الأناضول)

المساهمون