مأزق النفط ... السحب الأميركي من الاحتياطي ينذر بنتائج عكسية

05 ابريل 2022
أسعار البنزين ترتفع بشدة في أميركا (Getty)
+ الخط -

تبدو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ماضية في رهانها على ضخ المزيد من احتياطي النفط الاستراتيجي في الأسواق للحد من صعود الأسعار عالمياً، رغم التحذيرات من النتائج العكسية التي قد تترتب على هذه الخطوة، إذ ستفقد واشنطن عشرات ملايين البراميل بأسعار منخفضة، بينما قد تضطر إلى تعويضها بأثمان باهظة في غضون أشهر قليلة مع معاودة الأسعار الصعود بقوة بعد نفاد تأثير ضخ هذه الكميات في الأسواق.

وتضغط أسعار النفط المتصاعدة على صانعي القرار في الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا، على الرغم من استهدافهم ضرب اقتصاد روسيا بحظر صادراتها من النفط والغاز بعد غزوها أوكرانيا، إذ ترتد الآثار على الأسواق العالمية، ومن بينها أميركا والقارة العجوز، لا سيما أنّ تحالف "أوبك+" يلتزم سياسة زيادة الإنتاج تدريجياً.

وفي ردة فعل معاكسة، ارتفع سعر خام برنت إلى أكثر من 105 دولارات للبرميل، أمس الإثنين، كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي فوق 100 دولار للبرميل، بعدما سجلا هبوطاً في تعاملات آخر جلسات الأسبوع يوم الجمعة الماضي.

وجاء ارتفاع الأسعار مجدداً مع استمرار المخاوف حيال شح الإمدادات بالرغم من سحب الولايات المتحدة وبعض الدول من احتياطياتها النفطية الاستراتيجية، إذ ما زال الخوف يسيطر على الأسواق من استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وعدم توصل واشنطن وطهران إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.

فقد أصدرت وزارة الطاقة الأميركية، يوم الجمعة الماضي، إشعاراً ببيع النفط الخام من الاحتياطي الاستراتيجي، بعد يوم من إعلان الرئيس الأميركي عن أكبر سحب على الإطلاق من احتياطي الطوارئ بهدف خفض أسعار البنزين التي ارتفعت بشدة.

وقالت وزارة الطاقة، في بيان، إنّها ستفرج عن أول 90 مليون برميل من النفط بين مايو/ أيار ويوليو/ تموز، بينما ستفرج عن 90 مليون برميل أخرى بين أغسطس/ آب وأكتوبر/ تشرين الأول.

بدورها، أعلنت وكالة الطاقة الدولية عن خططها لإصدار جديد للنفط من احتياطي الطوارئ، لمواجهة اضطرابات السوق، لكنها لم تُفصِح بعد عن التفاصيل.

وجاءت موافقة الدول الأعضاء الـ31 في وكالة الطاقة الدولية، في بيان، الجمعة الماضي، عقب اجتماع وزاري استثنائي، برئاسة وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم.

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أعلنت، في مارس/ آذار الماضي، عن سحب إجمالي 62.7 مليون برميل من احتياطي الطوارئ، لمواجهة نقص الإمدادات وتهدئة أسعار النفط.

ويمتلك أعضاء وكالة الطاقة مخزونات طوارئ تبلغ 1.5 مليار برميل، وجاء الاتفاق بين الأعضاء على السحب الأخير من الاحتياطي للمرة الخامسة بعد أعوام 1991 و2005 و2011 والأول من مارس/ آذار 2022.

لكنّ موقع "أويل برايس" الأميركي ذكر في تقرير له، مساء الأحد، أنّ "إطلاق أيّ عدد من البراميل من الاحتياطيات الاستراتيجية يمكن أن يوفر راحة قصيرة جداً للأسواق، بينما بعد ذلك قد يزيد الأمر سوءاً".

ونقل الموقع عن أحد خبراء النفط قوله إنّ البيت الأبيض سيبيع الكميات التي قرر ضخها بسعر 100 دولار للبرميل، ثم قد يضطر بعد ذلك لشرائها بسعر 150 دولاراً.

في الواقع، هناك شيء واحد يجري تجاهله خلال الأوقات المضطربة وهو أنّ احتياطي البترول الاستراتيجي في أيّ بلد يحتاج إلى التجديد، وفق الموقع الأميركي، الذي أشار إلى أنّ طرح 180 مليون برميل في الأسواق بمثابة سحب كبير للاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة، والذي يبلغ حالياً أكثر من 580 مليون برميل.

ويهدد احتمال حدوث اضطرابات كبيرة في إنتاج النفط الروسي بناء على العقوبات الغربية الواسعة، بإحداث صدمة عالمية في إمدادات النفط.

ويأتي ذلك مع الدور المهم لروسيا في أسواق الطاقة، كونها ثالث أكبر منتج للخام عالمياً، وتمثل صادراتها من النفط الخام البالغة 5 ملايين برميل يومياً، ما يقرب من 12% من التجارة العالمية.

كما تمثل صادرات المشتقات النفطية من روسيا البالغة 2.85 مليون برميل يومياً، نحو 15% من تجارة المنتجات المكررة عالمياً.

وبلغ سعر الخام 139 دولاراً للبرميل، الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 2008، قبل أن يتراجع تدريجياً على أمل توصل روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق لإنهاء الحرب والتوصل أيضاً لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وقال ستيفن برينوك، من شركة "بي.في.إم" للسمسرة في النفط، لوكالة رويترز، أمس: "هل سيسد الإفراج عن نفط من الاحتياطيات الاستراتيجية النقص الناجم عن العقوبات وإحجام المشترين عن النفط الروسي؟ الإجابة المختصرة: لا".

وفي وقت سابق من هذا العام، وافقت الولايات المتحدة على الإفراج عن 30 مليون برميل كجزء من اتفاق مع وكالة الطاقة الدولية، لكن من الواضح أنّ نجاح هذه الإصدارات في تهدئة الأسعار كان بعيد المنال، وفق موقع أويل برايس.

كما أعلنت الولايات المتحدة، العام الماضي، عن إطلاق 50 مليون برميل في محاولة لخفض الأسعار، وهدأت الأسعار قليلاً قبل أن تسجل مستويات قاسية من الصعود.

وبينما يتصاعد قلق الأسواق من توقف الإمدادات الروسية، يعمل تحالف "أوبك+" كالمعتاد، إذ يلتزم بإضافة حوالي 400 ألف برميل يومياً إلى أسواق النفط كل شهر للوصول إلى مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا التي هوت بالطلب عالمياً على الخام.

وقبل أيام وافقت "أوبك+" على إضافة شهرية أخرى بمقدار 432 ألف برميل يومياً على الرغم من الضغوط من جانب واشنطن ووكالة الطاقة الدولية لضخ المزيد من البراميل.

تُظهِر منظمة أوبك بصراحة متزايدة أنّ مصالحها ومصالح بعض أكبر عملائها قد لا تتماشى في الوقت الحالي بعضها مع بعض، وقد رفضت إدانة روسيا علانية لأفعالها في أوكرانيا، ولم تنضم إلى حملة العقوبات الغربية.

المساهمون