استمع إلى الملخص
- بصفته مفكرًا ومناضلاً اجتماعيًا، نجح بلوم في تحقيق زيادة الأجور والاعتراف بالحرية النقابية، وظل ملتزمًا بقيمه حتى قيادته لآخر حكومة مؤقتة قبل الجمهورية الرابعة.
- اليسار الفرنسي استلهم من تراث بلوم لتشكيل "الجبهة الشعبية الجديدة" في الانتخابات الأخيرة لمواجهة اليمين المتطرف، مقدمًا برنامجًا يهدف لتحسين ظروف الطبقة العاملة والفقراء، رغم انتقادات ماكرون.
فجأة، طفا اسم ليون بلوم على سطح الأخبار والنقاش منذ أن أعلنت الأحزاب اليسارية في فرنسا عن تشكيل جبهة شعبية لمواجهة اليمين المتطرف الصاعد في الانتخابات التشريعية التي ستجرى في 30 يونيو/ حزيران الجاري، بعدما أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون عن حل البرلمان وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها.
رأى الكثيرون في السياسي ليون بلوم (9 إبريل/ نيسان 1872-30 مارس/ آذار 1950)، الذي قاد اليسار إلى السلطة في 1936 ببرنامج اقتصادي مختلف، عراباً رمزياً لليسار الراغب في التصدي لتقدم اليمين المتطرف عبر الجبهة الوطنية، هو الذي شكل تحالفاً مكوناً من حزبه الاشتراكي والحزب الشيوعي والحزب الراديكالي. ذاك تحالف فاز في الانتخابات في 1936 كي يتولى قيادة الحكومة. كان شعار الحركة التي قادها ليون بلوم "من أجل الخبز والسلام والحرية".
وقد أشار النائب عن حزب فرنسا الأبية فرانسوا روفان إلى أن بلوم كان وراء تقليص ساعات العمل في الأسبوع من 48 إلى 40 ساعة وحصول العمال على الحق في إجازة سنوية مدفوعة، لافتاً إلى أن بعض العمال حينها تمكنوا من رؤية البحر لأول مرة في حياتهم. هذا التدبير ما زال الفرنسيون يعترفون به لحكومة ليون بلوم التي سعت منذ انتخابها في مايو/ أيار 1936 إلى إبراز بعدها الاجتماعي لفائدة الطبقة العاملة والفئات الفقيرة.
أهمية فكر ليون بلوم
فقد جمع بلوم في يونيو/ حزيران رجال الأعمال والكونفيدرالية العامة للعمل، حيث جرى التوصل إلى اتفاق يقضي بزيادة الأجور والاعتراف بالحرية النقابية والاتفاقيات الجماعية داخل الشركات. واعتقل بلوم في 1940 وحوكم وسلم للنازيين في 1943، وبعد الحرب العالمية الثانية، قاد آخر حكومة مؤقتة قبل إرساء الجمهورية الرابعة، وظل إلى غاية وفاته المدير السياسي لصحيفة Populaire منتقداً النظام البرلماني الذي أرساه الجنرال شارل ديغول.
وغداة التقدم الكبير لليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، بادر اليسار الفرنسي، المكون من الحزب الاشتراكي و"فرنسا الأبية" والحزب الشيوعي والأيكولوجيين والحزب الجديد المناهض للرأسمالية، إلى طي صفحة خلافاته، حيث أطلق تحالفاً سمّاه "الجبهة الشعبية الجديدة".
يستحضر اليسار الذي انخرط في الجبهة الشعبية الجديدة سياسة بلوم، حيث توصل قادتها يوم الجمعة، 14 يونيو الحالي، إلى اتفاق يعد، في حال تولي الأمور بعد الانتخابات التشريعية التى دعا إليها ماكرون، بتوقيف زيادة أسعار السلع الأساسية وإلغاء رسم ماكرون القاضي بزيادة 10% على فاتورة الطاقة، وضمان سعر محدد للمزارعين، مع وضع ضرائب على الأرباح الكبيرة لشركات الصناعة الغذائية والموزعين الكبار، وخلق قطب عمومي للأدوية، ناهيك عن العودة عن إصلاح ماكرون الخاص برفع سن التقاعد إلى 64 عاماً وإلغاء قانون الهجرة الذي يقيد الحق في طلب اللجوء.
وجاء رد فعل الرئيس إيمانويل ماكرون قوياً، حيث اعتبر أن التحالف الجديد "غير لائق"، وأن "ليون بلوم يتقلب في قبره"، مشيراً إلى أن الأحزاب اليسارية التي تحالفت مع حزب فرنسا الأبية تكون بذلك قد ارتضت عدم إدانة مناهضة السامية، في إشارة إلى موقف رئيس الحزب جون لوك ميلونشون وحركته اليسارية التي عبرت عن إدانتها الصهيونية والتطهير العرقي. غير أن الرد جاء من حفيد ليون بلوم أنطوان ملامود، الذي قال في حوار يوم الجمعة 14 يونيو: "إن مناهضة السامية ليست مكوناً في قلب فكر أية قومية يسارية اليوم".
ورأى أن الجبهة الشعبية التي قادها جده لم تكن سوى الترجمة الانتخابية والحكومية لتحالف تشكل بعد الأحداث الدامية التي قادها الفاشيون والملكيون في السادس من فبراير/ شباط 1934 من أجل القضاء على الجمهورية. أسبوعاً بعد الأحداث، تظاهر الاشتراكيون والشيوعيون الذين كانوا يناصبون بعضهم بعضاً العداء في تلك الفترة، حيث التقت تلك التيارات حول كلمة واحدة ضد أعداء الجمهورية. ودرس ليون بلوم القانون والآداب والتحق بمجلس الدولة الذي بقي فيه 25 عاماً.
انخرط في العام 1902 في الحزب الاشتراكي الذي كان يقوده جون جوريس، هو الذي عمل رئيساً لديوان وزير الأشغال العمومية الاشتراكي سامبا مارسيل. انتخب نائباً برلمانياً من 1919 إلى 1928 ثم بين 1929 و1940، وتزعم الفرع الفرنسي للأممية العمالية.