ليبيون يلتحفون السماء: الفيضانات تخلف أزمات معيشية خانقة

16 سبتمبر 2023
مشهد من الدمار في درنة (عبد الله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -

"أرقد على الأرض ولا توجد لدينا فرش أو وسادة ولا حتى غطاء، فالسيول جرفت كل شيء في درنة ونطالب بتوفير المؤن للناس"، هكذا تصف الطبيبة كريمة الرفيعي تداعيات الفيضانات في شرقي ليبيا.

تقول كريمة لـ"العربي الجديد": "الأسر والأطفال المتضررون من آثار الفيضانات الكارثية يعانون كثيراً، وهم الآن بحاجة ماسة إلى الغذاء الطارئ. هناك 28 شخصا من أسرتي مثلاً يقطنون في منزل صغير ولم تصلهم حتى عبوة ماء واحدة، ولم يلتفت أحد لمساعدتهم".

وفي أعقاب حرب أهلية ومواجهة سياسية مستمرة منذ ما يقرب من عقد من الزمن، تكافح ليبيا للتعامل مع الفيضانات الكارثية التي خلفها الإعصار "دانيال" وأودت بحياة 11300 شخص، وبلغ عدد المفقودين أكثر من 10 آلاف وفق إعلان الهلال الأحمر الليبي، الجمعة.

فيما لفتت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا إلى نزوح أكثر من 38640 شخصاً. وفي منطقة درنة الشرقية يقول مهند سالم لـ"العربي الجديد": "نعاني من الجوع والعطش ولم تصلنا أي مساعدة، نطالب بالتدخل، وهناك مخاوف كبيرة على الأمن الغذائي".

وحول سبب عدم وصول المساعدات الغذائية، أكد أن الفيضانات قسمت درنة المدينة إلى شرقية وغربية، فالتركيز على المنطقة الغربية وصعوبة إرسالها إلى شرق درنة بسبب تضرر الطرق وصعوبة التنقل في مسالك جبلية وعرة. كما أشار أحد سكان مدينة القبة ويدعى زياد الطشاني إلى أن هناك نقصا حادا في الوقود في المنطقة المتضررة في القبة والبيضاء وسوسة ودرنة.

وقال لـ"العربي الجديد"، إن هناك صعوبة في التنقل، وإن الأسر النازحة تقيم بشكل جماعي في المدارس، مؤكدا أن السلع الأساسية الموجودة لديهم محدودة. في مدينة البيضاء، يقول حسين عقيلة لـ"العربي الجديد"، إن "المساعدات قليلة ونعاني من نقص السلع، والأسعار قفزت بشكل جنوني، خاصة الأساسية منها، حيث وصل سعر طبق البيض (30 بيضة) إلى 50 دينارا (ما يعادل 10.3 دولارات)".

وحذر مدير مركز البيضاء الطبي من مأزق انتشار الأوبئة في المناطق المتضررة خاصة درنة، وقال لـ"العربي الجديد"، إن هناك فوضى وعشوائية في التعامل مع الإمدادات وطرق توزيعها على المحتاجين وسط غياب كامل للحكومة، مطالبا بضرورة التطعيم للأسر المتضررة لحمايتها من الأوبئة.

وأكد المحلل الاقتصادي عبد الناصر الكميشي في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن المتضررين من الفيضانات بحاجة إلى غذاء ودواء ومساعدات نقدية بشكل عاجل قبل الحديث عن أي مشاريع جديدة للمنطقة، وأوضح في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن هناك 250 ألف شخص بحاجة إلى مساعدات بالمنطقة الشرقية مع رعاية خاصة لضمان حماية الفئات الضعيفة التي تعتبر أكثر عرضة للخطر في أعقاب مثل هذه الكارثة.

وأعرب المواطن يونس العبيدي، من منطقة المخيلي، لـ"العربي الجديد"، أن الأسر تعاني لتوفير أبسط مقومات الحياة وسط نقص المياه الصالحة للشرب وضعف شبكة الاتصالات والكهرباء. وأضاف أن أسرته المكونة من سبعة أشخاص لا يوجد لديها مأوى وهي الآن تلتحف السماء.

وأعلن مصرف ليبيا المركزي فتح حساب مصرفي يكون مخصصًا لجمع تبرعات المصارف التجارية، لمواجهة الظروف الطارئة بالمنطقة الشرقية، بحسب بيان على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

وليبيا لا توجد لديها حكومة موحدة، ولكن هناك إدارتين متنافستين تخوضان مواجهة سياسية في أعقاب الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2014. وقالت الأمم المتحدة إن الحكومتين المتنافستين في ليبيا تنسقان جهود الإغاثة للضحايا، كما أدت الفيضانات إلى نزوح ما لا يقل عن 30 ألف شخص في درنة، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة، وألحقت أضرارا ودمرت العديد من طرق الوصول إلى درنة، وهو ما أعاق وصول فرق الإنقاذ الدولية والمساعدات الإنسانية.

وتمكنت السلطات المحلية من تطهير بعض الطرق، واستطاعت القوافل الإنسانية دخول المدينة أخيراً. وشهدت 12 بلدية تحركات شعبية ورسمية من أجل تقديم الدعم للمتضررين شملت قوافل مساعدات إغاثية وإنسانية، وأيضا جمع تبرعات، وتوفير أماكن للإيواء. وطلب المسؤولون الليبيون المساعدة الدولية لأن البلاد لا تملك الخبرة اللازمة للتعامل مع كارثة بهذا الحجم.

ووجه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث بتوفير دعم مالي بـ10 ملايين دولار على وجه السرعة، لدعم المتضررين، حسب تغريدة على حسابه بموقع "إكس"، وأعلن برنامج الأغذية العالمي تقديم مساعدات غذائية إلى 100 ألف شخص في المناطق المتضررة بالفيضانات.

وقد وصلت فرق الإنقاذ من مصر وتونس والإمارات العربية المتحدة وتركيا وقطر وألمانيا وفرنسا والجزائر والكويت. وأرسلت تركيا سفينة تحمل معدات لإنشاء مستشفيين ميدانيين، بينما قامت مصر بتجميع جيش من مركبات الإنقاذ وهرعت دول عربية لتوفير مستشفيات وأدوية وفرق إغاثة.

المساهمون