ليبيا: فشل حكومي في حل أزمة الوقود

08 يوليو 2022
طوابير للحصول على الوقود مشهد متكرر في ليبيا (Getty)
+ الخط -

طوابير طويلة تتراكم مجدّداً أمام محطات الوقود، هكذا هو المشهد الذي يتكرر بين الفينة والأخرى في أغلب المدن الليبية، وسط فشل حكومي في حل هذه الأزمة.

وفي هذا السياق، يقول يوسف اندار، مواطن من طرابلس يقف بسيارته في طابور أمام إحدى محطات الوقود: "تكرار الأزمة جعلنا نعتادها إلى حد ما. أنا هنا من ساعة ونصف، ولم أصل بعد. وكل ما أخشاه أن ينتهي الوقود في هذه المحطة قبل أن أحصل عليه، أو أن تنقطع الكهرباء كعادتها، وأضطر للبدء مع طابور آخر، فهذا يحصل كثيرا".

وتحذر أم طيبة، مواطنة من طرابلس أيضا تقف بسيارتها في طابور مخصص للنساء في انتظار دورها، قائلة: "قد لا تنتهي مشكلتك مع البنزين حين تملأ خزان السيارة، بل في الواقع أنت معرض لبداية مشكلة جديدة إن تورطت في بنزين مغشوش كما حدث أكثر من مرة، فكثيرون يضطرون لإفراغ البنزين ونقل السيارة إلى الميكانيكي لإصلاح رشاشات الوقود فيها".

وفي الطابور الخاص بسيارات الديزل، يقول سائق إحدى سيارات النقل "الوضع سيئ، فالبنزين يتوفر في غالب الأيام، على عكس شح الديزل المستمر، حتى أن أسعاره في السوق السوداء أغلى"، وحسب شهادته، فالديزل يباع الآن بدينار ونصف للتر "أي عشرة أضعاف ثمنه الرسمي"، وفي أحيان أخرى يفوق الثلاثة دنانير (الدولار = 4.76 دنانير).

في المقابل، أكدت شركة البريقة، المسؤولة عن تسويق الوقود، توفر الوقود هذه الأيام وامتلاء مخازنها، فيما اعتبرت إدارة الدعم المركزي أن الازدحام أمام محطات الوقود "غير مبرر ولا داعي له"، مشيرة إلى أن "مادة الوقود متوفرة بنوعيها بنزين وديزل في كافة المحطات"، وأن التوجيهات تقضي بعمل المحطات على مدار اليوم.

ويلفت أستاذ الاقتصاد في الجامعات الليبية، عبد السلام زيدان، إلى أن مشكلة الليبيين مع الوقود بدأت منذ عام 2011، مشيرا إلى أن "المشكلة الأساسية تبدأ من السعر".

وقال لـ"العربي الجديد": "في عهد النظام السابق، ازدهر إنتاج النفط، وتوفر للدولة المال الكافي لدعم السلع الأساسية، وفي مقدمتها الوقود، الذي حدد سعر اللتر منه بـ150 درهماً ليبياً، أي ما لا يزيد عن 11 سنتاً أميركياً، بأسعار تلك الفترة".

ويضيف أن "سعراً كهذا سيفتح شهية المتاجرة غير القانونية بالوقود مع الدول الحدودية على الأقل، وبالفعل كان يهرب منذ التسعينيات، ولكن بكميات بسيطة جدا، وعن طريق سيارات صغيرة، نظرا لإحكام سيطرة الدولة على الحدود إلى حد معقول".

أكدت شركة البريقة، المسؤولة عن تسويق الوقود، توفر الوقود هذه الأيام وامتلاء مخازنها، فيما اعتبرت إدارة الدعم المركزي أن الازدحام أمام محطات الوقود "غير مبرر ولا داعي له"

ويستطرد قائلا: "بعد انهيار نظام الدولة سنة 2011 عمت الفوضى، ونشأت عصابات خاصة بتهريب الوقود انبثقت من كتائب مسلحة، وخاصة في مدن غرب طرابلس". وبحسب زيدان فقد "كبرت هذه العصابات لحد استعصى على الدولة مجرد الحد من نشاطها وليس القبض على أفرادها".

ولا يستبعد "تورط مسؤولين كبار معها، فالغنيمة كبيرة بحجم فرق السعر الذي زاد مع انخفاض الدينار، حتى عادل اللتر الواحد 3 سنتات أميركية فقط".

والنتيجة وفق قوله "تراجع عرض الوقود في السوق الرسمية والازدحام عليه، وارتفاع أسعاره في السوق السوداء".

من جهة أخرى، يعرض الباحث السياسي خليفة الحداد أسبابا أخرى، يرى أنها تساهم في أزمة المحروقات، ومنها استغلال هذا الملف في الصراعات السياسية التي أدت أكثر من مرة لإيقاف الإنتاج في الحقول، كما يحدث الآن حيث توقف نحو ثلاثة أرباع الإنتاج منذ أبريل الماضي بسبب الخلاف بين حكومتي الدبيبة وباشاغا.

ووفقا لرأي الحداد، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، فإنه "يتم أحيانا افتعال أزمات وقود في المحطات للضغط على الحكومات، أو لإسقاط شخصيات وتعيين أخرى"، هذا بالإضافة لـ"تأثير انقطاع الكهرباء على عمل المحطات، وكذلك زيادة الطلب الناتجة عن حاجة الناس لتزويد مولداتهم المنزلية بالوقود وليس سياراتهم فقط".

المساهمون