تتزايد المخاوف من دخول ليبيا أزمة مالية ونقدية واسعة النطاق، بالتزامن مع تحذير محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصدِّيق الكبير، يوم الثلاثاء من انهيار مالي نتيجة الارتفاع الكبير في الدين العام للدولة.
وقال الكبير، خلال إحاطة أمام البرلمان بطرابلس، إن الدين العام ارتفع بمعدل قياسي إلى 270 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.
وذكر أن إيرادات النفط الليبي انخفضت بشكل قياسي وغير مسبوق من 53.2 مليار دولار في 2012، إلى الصفر تقريباً العام الحالي.
وبلغ إجمالي قيمة خسائر قطاع النفط للسنوات بين 2013-2020، أكثر من 180 مليار دولار، نتيجة الإيقاف التعسفي لإنتاج الخام وتصديره، بحسب المحافظ.
وحذر من أن استمرار إيقاف إنتاج النفط وتصديره، "سيكون له نتائج كارثية على الدولة، في ظل انهيار أسعاره في الأسواق العالمية، والانخفاض غير المسبوق لاحتياطيات المصرف المركزي". فيما أعلن عن إطلاق مبادرة لإنقاذ المصارف.
وفي 17 يناير/كانون الثاني الماضي، أغلق موالون للواء المتقاعد خليفة حفتر، ميناء الزويتينة النفطي (شرق)، بدعوى أن أموال بيع النفط تستخدمها الحكومة الليبية المعترف بها دولياً. كما أقفلوا، في وقت لاحق، موانئ وحقولا أخرى، ما دفع بمؤسسة النفط إلى إعلان حالة "القوة القاهرة" فيها، قبل إعلان اتفاق الشهر الماضي، قضى برفع القوة القاهرة عن الحقول وبدء استئناف الإنتاج.
وأنهكت أزمة السيولة المستمرة المواطن الليبي الذي ينتظر على عتبات المصارف منذ أكثر من شهرين مع تردي الأوضاع المعيشية وهبوط القدرة الشرائية ونقص الخدمات وارتفاع الأسعار، بموازاة انتشار فيروس كورونا.
وقال الخبير المصرفي محمد أبو سنينة لـ "العربي الجديد" إن هناك زيادة في عرض النقود وصلت إلى نحو 300 في المائة، ولا توجد مشكلة سيولة ولكن الأزمة في إدارتها.
ولفت إلى أهمية المبادرة التي أعلن عنها المصرف المركزي لتعزيز دور المصارف التجارية في الوساطة المالية، مع استحداث منتجات مصرفية تعزز قيمة الدينار، بحيث تتدفق السيولة إلى المصارف عوضا عن خروجها منها.
ودعا أبو سنينة إلى التوسع في إصدار البطاقات المصرفية الإلكترونية وتركيب أجهزة السحب الآلي ونشرها على أوسع نقاط ممكن، في إطار ما يعرف بعصرنة الجهاز المصرفي.
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة قاريونس، عطية الفيتوري، أن نقص السيولة النقدية في المصارف الليبية بدأ بشكل واضح منذ عام 2015، "ونحن نعرف الأسباب التي أدت إلى ذلك، وأبرزها فقدان ثقة التجار وأصحاب الأعمال بالجهاز المصرفي".
وأوضح الفيتوري، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن خفض عرض النقود لا يمكن تحقيقه مع وجود عجز في الميزانية، وهذا بطبيعة الحال سيؤدي إلى استمرار ارتفاع الدين العام.
ووفق أستاذ الاقتصاد فإنَّ كافة الحلول المُتاحة لمشكلة السيولة في الحقيقة ما هي إلا إجراءات للحد من تفاقم المشكلة، وإنَّ الحل الرئيسي لهذه المشكلة يكمن في الاستقرار السياسي والانضباط المالي وتوحيد المؤسسات السيادية واستقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، وانتهاء حالة عدم اليقين التي تنفر رؤوس الأموال وتعمّق من أزمة السيولة.