ليبيا: النازحون في مرمى الجوع بلا مساعدات

19 سبتمبر 2023
عامل يحمل مساعدات للناجين من فيضانات درنة (فرانس برس)
+ الخط -

بات نازحو ليبيا الغنية بالنفط في مرمى الأزمات المعيشية دون دعم كاف من الحكومة، إذ اشتكى الكثير من الأسر من عدم حصولهم على إعانات مالية وإغاثية رغم الإعلان عن حزم مساعدات من قبل الجهات الحكومية.

وفي السياق، شددت وزارة الاقتصاد من إجراءاتها بهدف مواجهة قفزات الأسعار التي طاولت مختلف السلع الضرورية عبر تجار الأزمات.

وتدهورت الأحوال المعيشية لسكان درنة والمدن الساحلية شرق ليبيا وخاصة النازحين الذين باتوا بلا مأوى، في ظل عدم وصول دعم كاف إليهم.

ويقول المواطن عبد الله عبد القوي أحد المتضررين من سكان مدينة درنة، لـ"العربي الجديد": "أعاني ضيق الحال وعمري لا يتعدى 40 عاما حيث أعمل موظفًا في قطاع التعليم وأتقاضى مرتبًا شهريًا لا يتعدى 1400 دينار (نحو 288 دولارا)".

وقال عبد القوي لـ"العربي الجديد": "كان لدي أسرة مكونة من سبعة أشخاص توفي منهم ثلاثة أفراد بسبب الفيضانات"، موضحا أن مدخراته المالية ذهبت مع الفيضان لأنه كان لا يثق في الجهاز المصرفي ووضع كل أمواله في المنزل الذي أطاح به الإعصار. وأشار إلى عدم وصول أي مساعدات أودعم حكومي إليه حتى الآن.

وناشد أحد المتطوعين بفرق المساعدة الإنسانية المهدي عبد الله، المسؤولين بضرورة توفير مصروف مالي لكل أسرة نازحة بمقدار ألف دينار (نحو 206 دولارات) بشكل عاجل.

وقال عبد الله لـ"العربي الجديد" إن الأسر تعاني أوضاعا معيشية صعبة ولا يملكون أي مصروف مالي يعينهم على مواجهة هذه الظروف الطارئة.

ولجأ المواطن عبد الله العوكلي إلى منطقة "الوديين" المجاورة لمدينة درنة بغرض الإقامة فيها مؤقتا بعدما جرفت السيول منزله. وقال لـ"العربي الجديد": "إن حياتنا عادت إلى العصور القديمة عبر إشعال النيران بالأخشاب والإقامة في خيام".

وأوضح أنه من ذوي الدخل المحدود ويتقاضى راتبا شهريًا 900 دينار (نحو 185 دولارا)، لافتا إلى عدم قدرته على الحصول على قوت يومه.

وأضاف: "أنتظر المساعدات التي تم الإعلان عنها ولم نتلقّ منها شيئا". وتابع أن الخسائر المالية كبيرة ولا يمكن حصرها، وفي المقابل فإن إنشاء منزل صغير يكلف 150 ألف دينار وأكثر.

وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، قد أعلن الثلاثاء الماضي، عن تخصيص مبلغ ملياري دينار (446.4 مليون دولار)، لصالح صندوق إعمار مدينتي بنغازي ودرنة، لإعادة إعمار البلديات المنكوبة جراء الإعصار "دانيال". كما خصصت الحكومة مساعدات عاجلة للمتضررين.

وفي هذا السياق، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية عبد الفتاح أبوقصة لـ"العربي لجديد" إن هناك خمسة آلاف أسرة تعيش حاليًا في أوضاع اقتصادية صعبة بعد أن خسروا مدخراتهم ومنازلهم وبحاجة إلى دعم نقدي عاجل.

وأضاف أن أكثر من 85% من سكان درنة والمناطق المجاورة لها يعتمدون على الراتب الحكومي لتسير حياتهم اليومية.

وقالت الأستاذة الجامعية، كريمة الرفيعي، لـ"العربي الجديد": "إن الأوضاع المعيشية سيئة ونحن ننتظر الحلول الحكومية حيث لا يوجد جديد باستثناء توزيع الخبز مجاناً في بعض الأماكن".

ومن جهته، شدد المحلل الاقتصادي بشير المصلح، على ضرورة حصر المتضررين الذين يعانون أوضاعا معيشية صعبة بسبب فاجعة الفيضانات من أجل مساعدتهم.

وأوضح خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن الأسر تحتاج إلى دعم مالي على نحو سريع من قبل السلطات المحلية لمواجهة الأزمات المعيشية فضلا عن أن فصل الشتاء على الأبواب، وبالتالي يجب إعادة بناء المنازل في أسرع وقت.

في أثناء ذلك، حذرت وزارة الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس التجار من استغلال الظروف والمحنة التي تمر بها المناطق المنكوبة والمتضررة في شرق ليبيا، عبر زيادة أسعار السلع الأساسية أو المضاربة فيها، وأكدت أنها ستتخذ كل الإجراءات القانونية حيال المخالفين.

وأصدر وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، محمد الحويج قرارا أول من أمس، بشأن الجرائم ضد الاقتصاد العام والتلاعب بالأسعار.

وقضى القرار بإغلاق مراكز التوزيع بالجملة والمحال التجارية للبيع القطاعي بصفة مؤقتة أو نهائية ومصادرة بضائعها في حال ثبت قيامها بإخفاء سلعة أو الامتناع عن بيعها أو بيعها بأسعار أعلى من ثمنها المحدد.

ومن جانبه، قال المحلل المالي على ميلاد، إن أكثر من 250 ألفا يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية وإن معدلات الفقر في ليبيا سوف ترتفع لأن الأسر لا تملك أي مأوى. وأكد خلال حديثه لـ"العربي الجديد" على ضرورة وجود قاعدة بيانات لهذه الأسر ويكون الاهتمام أولوية للحكومة بشرق البلاد وغربها.

وحسب إحصاءات رسمية، يبلغ إجمالي أعداد عائلات ذوي الدخل المحدود (المعروفة بالأسر المحرومة من الثروة)، نحو 224 ألف أسرة. وعادت الحياة الاقتصادية إلى مناطق غير متضررة في درنة وشهدت المحال التجارية عمليات بيع وشراء كما فتحت المخابز والصيدليات بهذه المناطق.

وتأتي معاناة الليبيين رغم الثروات التي تمتلكها بلادهم إذ تستحوذ ليبيا على أكبر احتياطي نفطي مؤكد في أفريقيا (وتاسع أكبر احتياطي في العالم) وخامس أكبر احتياطي للغاز في القارة السمراء. وتساهم الصادرات الهيدروكربونية بحوالي 95 في المائة من الإيرادات الحكومية.

المساهمون