استمع إلى الملخص
- تهدف الخطة إلى زيادة الخزانات في الأسواق الأوروبية والآسيوية، مما يسهل عمليات الشحن ويعزز مكانة الكويت كمورد موثوق، خاصة مع اعتماد كوريا على نفط الشرق الأوسط لتلبية 72% من احتياجاتها.
- يعتبر إنشاء الخزانات الاستراتيجية خطوة مهمة للدول الخليجية، حيث توفر انسيابية في تدفق النفط وتقلل المخاطر، مما يعزز الحصة السوقية للكويت في كوريا الجنوبية.
يسلط إعلان مؤسسة البترول الكويتية عن توقيعها عقدا مدته عامان مع المؤسسة الوطنية لكوريا الجنوبية، لتخزين أربعة ملايين برميل من النفط الخام الكويتي، الضوء على الغرض الاستراتيجي من هذه الخطوة، خاصة أن استهلاك كوريا يبلغ حوالي 2.6 مليون برميل يوميا.
وتمثل القراءة الاستراتيجية للصفقة مفتاحا لفهمها، حسب إفادة خبيرين لـ"العربي الجديد"، إذ تتجه المؤسسة إلى زيادة عدد محطات التخزين الخارجية، ومنها كوريا الجنوبية، لما لها من دور كبير في الحفاظ على العملاء وعدم خسارتهم لصالح دول منتجة للنفط من خارج "أوبك".
ويعزز هذه القراءة أن مؤسسة البترول الكويتية اعتمدت خطة لزيادة الخزانات في الأسواق الأوروبية، لأن تخزين النفط بالقرب من عملائها يوفر عمليات الشحن، خاصة أن شركتها "ناقلات النفط" تمتلك أسطولاً قادراً على التواصل في الإمدادات النفطية دون انقطاع، وفقا لما أورده تقرير نشرته صحيفة "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وحسب الصحيفة ذاتها، فإن خطوة التخزين الكويتية تأتي لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتقوية موقع الكويت مزوداً موثوقاً للنفط في آسيا، خاصة أن كوريا تعتمد بشكل كبير على نفط الشرق الأوسط لتلبية حوالي 72% من احتياجاتها النفطية.
ويعود التعاون في مجال الطاقة بين الكويت وكوريا الجنوبية إلى عام 1964 ويشكل الركيزة الأساسية للعلاقات الاقتصادية بين الدولتين، حيث تحتل كوريا الجنوبية المرتبة الثانية في صادرات النفط الخام الكويتي، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا).
زيادة تخزين النفط
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن خطوة توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة البترول الكويتية وشركة النفط الوطنية الكورية في يونيو/ حزيران الماضي، والتي تُرجمت لاحقاً إلى اتفاق استراتيجي لمدة عامين، يتضمن تخزين أربعة ملايين برميل من النفط الخام في مرفق تخزين بمدينة أولسان الكورية، تهدف إلى ضمان توافر النفط قرب الأسواق الآسيوية، وخاصة السوق الكوري الجنوبي، الذي يُعد ثاني أكبر مستورد للنفط الكويتي.
وفي ظل الأزمات الجيوسياسية في المنطقة واحتمال اضطراب سلاسل الإمدادات، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن الكويت اتخذت خطوة استباقية احترازية لتأمين توافر النفط قرب الأسواق الآسيوية المهمة، ما يعزز مكانتها مورداً نفطياً موثوقاً يستجيب لاحتياجات عملائه حتى في أوقات التوتر.
وتساهم خطوة التخزين في كوريا الجنوبية في تقوية العلاقة الاستراتيجية بين البلدين اقتصادياً وتجارياً، بحسب إسماعيل، مشيراً إلى وجود خطط لزيادة تخزينات النفط الخام في الأسواق الأوروبية وفقاً لمصادر إخبارية كويتية. ويخلص إسماعيل إلى التأكيد على أن هذه الخطوة ستساعد في استقرار السوق النفطية وتخفيف آثار انقطاع الإمدادات لفترات وجيزة في حال تدهور الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، متوقعاً اتخاذ خطوات مماثلة من دول أخرى.
خطوة استراتيجية
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي وضاح طه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن إنشاء الخزانات الاستراتيجية للنفط في الدول المستوردة يمثل خطوة مهمة تتبناها الدول الخليجية المنتجة للنفط، لافتا إلى أن المملكة العربية السعودية بدأت هذا النهج مبكرًا من خلال إنشاء منشآت تخزينية ضخمة في اليابان.
ويضيف طه أن دولة الإمارات تسير على النهج نفسه، حيث تمتلك منشآت تخزينية في السعودية، جزء منها يعتبر خزينًا استراتيجيًا للدولة المضيفة، وبموجب هذه الاتفاقيات، تتحقق كلفة أقل للتخزين والاستثمار. وفي ظروف المخاطر، يحق للدولة المضيفة استخدام ما يصل إلى 50% من الخزين الاستراتيجي مقابل ثمن محدد، حسب طه، مشيرا إلى أن الكويت تعتبر من المصدرين الأساسيين لكوريا الجنوبية، إلى جانب إيران.
ويعزز وجود خزانات كهذه في بلد رئيسي الخطط اللوجستية لمؤسسة البترول الكويتية، كما يقلل احتمالات المخاطر المحتملة في الخليج العربي، خاصة في ظل التوترات المحتملة في مضيق هرمز، بحسب طه. ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن هذه الخطوة الاستراتيجية تبرز أهمية التعاون بين الدول الخليجية والدول المستوردة للنفط، مؤكدا أن الخزانات الاستراتيجية توفر انسيابية كبيرة في تدفق النفط وتعزز الحصة السوقية للكويت في كوريا الجنوبية، التي تعد دولة رئيسية مستوردة للنفط الخام في آسيا.