لجنة الاستثمار الأجنبي: حارس الأمن الاقتصادي في أميركا

06 يناير 2025
مؤتمر للجنة الاستثمار الأجنبي في أميركا (CFIUS)، واشنطن، 14 سبتمبر 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS) تراجع الاستثمارات الأجنبية لضمان عدم تعرض الأمن القومي للخطر، مع التركيز على الصناعات الحساسة مثل التكنولوجيا والطاقة والدفاع.
- تبدأ إجراءات المراجعة بالإخطار الطوعي، تليها مراجعة أولية وتحقيق إضافي إذا لزم الأمر، كما حدث في منع صفقة استحواذ نيبون ستيل على يو إس ستيل لحماية البنية التحتية الدفاعية.
- تلعب اللجنة دورًا هامًا في حماية الصناعات الاستراتيجية، لكنها تواجه تحديات في تحقيق التوازن بين حماية الأمن القومي وتشجيع الاستثمارات الأجنبية.

في خطوة تهدف إلى إبقاء شركة يو إس ستيل مملوكة محليًا، منع الرئيس الأميركي جو بايدن إتمام صفقة "نيبون ستيل" بعدما أمضت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة أشهرًا في مراجعتها بحثًا عن مخاطر محتملة على الأمن القومي. فما الذي نعرفه عن هذه اللجنة؟ وما الدور الذي تلعبه في حماية الأمن الاقتصادي للولايات المتحدة الأميركية؟

لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (Committee on Foreign Investment in the United States - CFIUS) هي هيئة حكومية تعمل تحت إشراف وزارة الخزانة الأميركية، وتختص بمراجعة الاستثمارات الأجنبية في الشركات والأصول الأميركية لضمان عدم تعرض الأمن القومي للخطر. تأسست اللجنة في عام 1975، وتوسعت صلاحياتها بشكل كبير بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 نتيجة المخاوف المتزايدة بشأن تأثير الاستثمارات الأجنبية على الأمن القومي. وتتكون اللجنة من ممثلين عن وكالات حكومية مختلفة، بما في ذلك وزارة الدفاع ووزارة الأمن الداخلي ووزارة التجارة ووزارة الخارجية، حيث تعمل هذه الوكالات معًا لتقييم المخاطر المحتملة التي قد تنجم عن الاستثمارات الأجنبية.

تقوم اللجنة بمراجعة صفقات الاستحواذ والاستثمارات الأجنبية بناءً على نوع الصناعة وهوية المستثمر والأصول المستهدفة. وتركز اللجنة على الصناعات الحساسة مثل التكنولوجيا المتقدمة والطاقة والبنية التحتية وصناعة الدفاع، مع البحث في خلفية الشركة الأجنبية ومصدر تمويلها للتأكد من عدم وجود ارتباطات بجهات تهدد الأمن القومي. وإذا كانت الأصول المستهدفة تشمل مواقع قريبة من المنشآت العسكرية أو تحتوي على ملكية فكرية متقدمة، تزيد درجة التدقيق. وتبدأ الإجراءات بالإخطار الطوعي من الشركات، ثم المراجعة الأولية التي تستغرق عادةً 30 يومًا، وفي حال ظهور مخاوف يتم فتح تحقيق إضافي لمدة تصل إلى 45 يومًا قبل إصدار التوصيات للرئيس الأميركي.

والأسبوع الماضي، لعبت لجنة الاستثمار الأجنبي دورًا محوريًا في منع صفقة استحواذ شركة نيبون ستيل Nippon Steel اليابانية على شركة يو إس ستيل U.S. Steel الأميركية، حيث اعتبرت اللجنة أن الصفقة قد تعرض الأمن القومي للخطر بسبب الدور الحيوي لصناعة الصلب في البنية التحتية الدفاعية والصناعات الاستراتيجية. وبالإضافة إلى ذلك، أشارت اللجنة إلى مخاوف تتعلق بإمكانية تسرب التكنولوجيا الأميركية المتقدمة إلى الخارج. وبناءً على توصيات اللجنة، أصدر الرئيس جو بايدن قرارًا بوقف الصفقة، مؤكدًا أن حماية الموارد الاستراتيجية الأميركية ضرورة قصوى.

وتلعب اللجنة دورًا هامًا في حماية الصناعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيا والطاقة والدفاع، بما يضمن تعزيز الأمن الاقتصادي ومنع الهيمنة الأجنبية على الأسواق الأميركية، كما تعمل على تشجيع الاستثمارات الأجنبية التي تدعم النمو الاقتصادي مع الحفاظ على الأمن القومي. وتاريخيًا، تدخلت اللجنة في عدة صفقات مهمة، مثل صفقة برودكوم-كوالكوم Broadcom-Qualcomm في عام 2018 حيث أوقفت محاولة استحواذ برودكوم السنغافورية على كوالكوم بسبب مخاوف تتعلق بريادة الولايات المتحدة في تقنية الجيل الخامس. وفي عام 2012، أمرت شركة صينية ببيع أصولها في مشروع لطاقة الرياح بسبب قرب المشروع من منشأة عسكرية أميركية.

ورغم دورها الحيوي، تواجه اللجنة تحديات مستمرة، وبصفة خاصة في ما يتعلق بغياب الشفافية في عملياتها، حيث تُجري معظم مراجعاتها بشكل سري، مما يثير قلق المستثمرين. ومن ناحية أخرى، فإن التوسع في صلاحياتها يثير تساؤلات حول تأثيرها على تدفق الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي يجعل من تحقيق التوازن بين حماية الأمن القومي وتشجيع الاستثمارات الأجنبية هدفًا دائمًا وصعباً لضمان استقرار الاقتصاد الأميركي وازدهاره.

المساهمون