لجم التضخم التركي: النسبة تقترب من 49% وسط قلق المستهلكين

04 فبراير 2022
الأسواق تترقب زيادات جديدة في الأسعار (آدم آلتان/ فرانس برس)
+ الخط -

ترى السيدة التركية تفيدة كان أوغلو أن "الأسعار تحولت إلى جحيم" ولم تعد، برأيها، للأسرة التركية القدرة على شراء أبسط المستلزمات اليومية بعد الارتفاع المستمر للأسعار وعدم تدخل الحكومة "حسب الوعود" للجم جشع التجار.

وتقول لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى البازارات الأسبوعية التي كانت ملاذ الطبقة الوسطى والفقيرة، تشهد ارتفاعات كبيرة في الأسعار".

ويستمر زحف التضخم في تركيا، الذي سجل في بيانات نشرتها هيئة الإحصاء، الخميس، أعلى مستوى منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في العام 2002، مع بلوغه 48.69 في المائة على أساس سنوي.

وتشير الستينية التركية إلى أن سعر كيلوغرام الطماطم في بازار منطقة الإيدرنا كابيه في إسطنبول وصل، الخميس، إلى 20 ليرة، والخيار 25 ليرة، وتجاوز سعر الباذنجان 35 ليرة، "وهذه الأسعار لم تشهدها الأسواق سابقاً على الإطلاق".

وحول رفع الأجور في مطلع العام الجاري، تلفت السيدة المتقاعدة إلى أن الحد الأدنى للرواتب بلغ 4250 ليرة، بعد رفعه بنحو 59 في المائة عن أجور عام 2021، ولكن ارتفاع الأسعار وفواتير الكهرباء والغاز في مطلع العام الحالي أكل زيادة الأجور و"عدنا إلى أسوأ مما كان عليه الوضع".

يأتي التضخم كأكبر تحد أمام حكومة أردوغان قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستشهدها تركيا في منتصف العام المقبل

ويأتي التضخم كأكبر تحد أمام حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستشهدها تركيا في منتصف العام المقبل، خاصة أن المعارضة تأخذ من تراجع مستوى المعيشة ركيزة لأهم بياناتها الانتخابية، بحسب الاقتصادي التركي خليل أوزون.

وفي حين يرى أوزون أن تضخم الأسعار "حالة عالمية" مستمرة منذ بدء انتشار وباء كورونا، إلا أن الاحتكار وزيادة التصدير وتراجع سعر العملة، جاءت أسباباً إضافية في بلده، لترتفع الأسعار إلى أعلى مستوى، على عكس الوعود الحكومية التي كانت تؤكد أن التضخم سيعود إلى خانة الآحاد أو يتراجع على الأقل، قبل انتخابات عام 2023.

وفي حين يخشى الاقتصادي التركي من تخفيض سعر الفائدة خلال اجتماع المصرف المركزي المقبل، كما لمّح الرئيس أردوغان منذ أيام، يقترح أوزون ضرورة تخفيض الصادرات للخارج، رغم أهمية دور الصادرات في تأمين النقد الأجنبي والتسريع بالخطط التركية، ولكن ليس على حساب توافر المنتجات بالأسواق ورفع الأسعار على المستهلكين.

وأعلن وزير التجارة التركي محمد موش، الأربعاء، أن صادرات بلاده سجلت رقما قياسيا في يناير/ كانون الثاني الماضي، لتبلغ 17.6 مليار دولار. ويلفت أوزون إلى أن الواردات لا تزال تفوق الصادرات "بكثير"، ففي الشهر الماضي، تخطت الواردات 28 مليار دولار، معتبراً خلال تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن "مشكلة" اقتصاد بلاده تكمن بفاتورة الطاقة أولاً، فبعدما ارتفع سعر النفط إلى أعلى مستوى منذ سبع سنوات، زادت فاتورة الاستيراد التركية عن 50 مليار دولار سنوياً.

وتأثرت الأسواق، بحسب مراقبين، بالتضخم والمخاوف من تراجع سعر صرف الليرة المستقرة منذ نحو شهر عند 13.4 مقابل الدولار الواحد.

ورفع أصحاب العقارات الإيجارات بين 100 و150 في المائة. كما يشهد كل من سوق العقارات وكذا السيارات، فورة هي الأعلى منذ سنوات، بعدما خرجت الأموال من المصارف بعد سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة، ولم تجد ملاذاً أكثر ضماناً من العقار والسيارات، بحسب المحلل المالي فراس شعبو.

ويقول شعبو، وهو أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير بإسطنبول، لـ"العربي الجديد"، إن نسبة التضخم متوقعة، لكن المفاجأة أن جهة حكومية (هيئة الإحصاء) هي التي أعلنتها، لأن إعلان رئيس هيئة الإحصاء السابق سعيد إردال دينجر عن نسبة التضخم الشهر الماضي (36.1%)، كانت السبب بإقالته، كما قال مراقبون، ويضيف أنه تم تعيين إيرهان جيتينكايا قبل أيام رئيساً للهيئة، ليعلن هو الآخر عن الرقم الجديد، و"هذه مفاجأة بالنسبة لنا".

ويستدرك شعبو بأن سعر صرف الليرة خلال هذه الفترة "غير حقيقي" والأرجح أنه مثبت أو مضبوط. والمخاطر ستتصاعد، برأي شعبو، إذا تم تخفيض سعر الفائدة قريباً، "حينها سترتفع الأسعار وتزيد نسبة التضخم وتدخل الأسواق التركية في دوامة جديدة".

وعن الحلول الممكنة بيد الحكومة، يرى شعبو أن هناك إجراءات وقرارات عدة صدرت، كإلزام المصدرين بتحويل جزء من قيمة الصادرات لليرة عبر المصارف وتدخل الدولة كـ"تاجر"، فضلاً عن ملاحقة التجار وتغريمهم، "وربما قريباً نرى ضرائب على العملات الرقمية بعدما كانت طريقة بتركيا لهروب العملة، ولكن الوضع العالمي غير متوازن وأسعار المواد الأولية مرتفعة، وإن كنا في تركيا نرى ارتفاعات أكبر من الدول الأخرى".

في المقابل، يرى المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو أن حكومة بلاده لن "تقف مكتوفة الأيدي أمام ارتفاع نسبة التضخم، ليدفع المواطن ثمن استهداف بلاده أو تلاعب التجار والساسة واستغلال الشارع قبل الانتخابات".

ويقول كاتب أوغلو، لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع التضخم وإعلانه من جهة رسمية، يدلل على شفافية الحكومة وليس كما قيل إن سبب إقالة رئيس هيئة الإحصاء السابق هو إعلانه عن نسبة التضخم. ويعيد المحلل التركي سبب هذا الارتفاع إلى زيادة أسعار الطاقة التي تأثرت بالارتفاع العالمي، حيث إن بلاده تستورد أكثر من 95 في المائة من حاجتها من النفط والغاز من الخارج.

ويضيف أن هناك قرارات سيتم الإعلان عنها "قريباً" من شأنها أن تحد من التضخم وتلجم جماحه، منها تخفيض أو إلغاء الضرائب على المواد الاستهلاكية الغذائية وخفض ضريبة القيمة المضافة إلى 1%، وكذا الضرائب على السيارات والبيوع العقارية.

المساهمون