أقر كبار المسؤولين اللبنانيين بأنهم لم يحرزوا تقدماً يذكر في تلبية الشروط الموضوعة كجزء من اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، حيث قاموا بتواصل نادر مع حاملي السندات بعد أكثر من عامين من تخلف الحكومة عن سداد ديونها.
تتطلب الصفقة التي تم التوصل إليها الشهر الماضي من لبنان الاتفاق مع دائنيه، ومن بينهم صناديق تحوط دولية كبرى، على خطة لإعادة هيكلة ديونه الخارجية واستعادة المصداقية. لكن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي لن ينظر في الأمر للحصول على الموافقة النهائية حتى تنفذ السلطات سلسلة من الإصلاحات التي تأخرت كثيراً، مثل إصلاح قطاع الكهرباء وإدخال ضوابط على رأس المال، وفقاً لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ الأميركية.
وقال نائب رئيس الوزراء اللبناني سعد الشامي لحملة السندات، خلال بث على شبكة الإنترنت يوم الأربعاء، إنه جرى تقديم ثلاثة مشاريع قوانين إلى البرلمان، لكن لم يحصل أي منها على موافقة المشرعين. وبعد احتساب 9 مليارات دولار من الديون المتأخرة، قال شامي إن ما قيمته 37 مليار دولار من سندات اليوروبوند مشمول في نطاق إعادة الهيكلة.
وأضاف الشامي الذي ترأس الجانب اللبناني في المفاوضات مع الصندوق: "نواجه أزمة غير مسبوقة. نحن بحاجة إلى مساعدة الجميع، بما في ذلك الدائنين، من أجل ضمان القدرة على تحمل الديون في السياق الذي تصوره صندوق النقد الدولي".
ومع اقتراب أيام من الانتخابات البرلمانية، أصبحت أمام الحكومة نافذة ضيقة للمضي قدماً في الإجراءات التي عطلها المشرعون مراراً وتكراراً على مدار العامين الماضيين. في مارس/ آذار 2020، أعلنت الحكومة أنها ستتخلف عن سداد الديون الخارجية للحفاظ على ما تبقى من احتياطيات البنك المركزي لواردات الغذاء والوقود والأدوية، بحسب "بلومبيرغ".
وعرض الشامي، الذي ظهر إلى جانب وزير المالية يوسف الخليل، الحالة المتردية للاقتصاد اللبناني كجزء من الأسباب المقدمة للدائنين، وقال إن الدين العام بلغ حوالي 360% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي، في حين بلغ احتياطي النقد الأجنبي للبلاد نحو 12 مليار دولار وانخفض أكثر منذ ذلك الحين.
وفقاً للافتراضات التي وضعتها السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي، يجب أن ينخفض الدين إلى 101.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026. والتضخم مستشر والوظائف آخذة في الاختفاء، بينما تشق التشريعات الرئيسية طريقها عبر البرلمان. الانتخابات التي تلوح في الأفق وانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في تشرين الأول (أكتوبر) تخاطر بالتسبب في مزيد من التأخير.
ويمتلك المستثمرون الدوليون - بما في ذلك بلاك روك وآشمور غروب، جزءاً كبيراً من سندات اليورو اللبنانية. يعد التوصل إلى اتفاق معهم أمراً ضرورياً أيضاً إذا كانت الحكومة تخطط للعودة في نهاية المطاف إلى سوق الديون.
ومن شأن اتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي على قرض قيمته 3 مليارات دولار أن يساعده في التغلب على واحدة من أسوأ الأزمات المالية في العالم منذ أكثر من قرن.
ولكن لكي تمضي الاتفاقية قدماً، يريد صندوق النقد الدولي أن يتخذ لبنان عدة خطوات، بينها مراجعة حسابات البنك المركزي وإقرار قانون السرية المصرفية. ويحتاج لبنان أيضاً إلى توحيد أسعار الصرف التي تُستخدم منذ الأزمة.