موجة طوابير جديدة عاد ليشهدها لبنان بقوّة أمام مراكز تعبئة الغاز المنزلي تضاف إلى يوميات محطات الوقود والأفران والمخابز في ظلّ تصاعد حدّة أزمة المحروقات وتحليق الأسعار وعجز السلطات عن لجم التهريب والتخزين والاحتكار و"جشع" التجار.
وتشهد مراكز تعبئة الغاز في مناطق لبنانية عدّة، خصوصاً في الشمال والجنوب، زحمة مواطنين يصطفون في الطوابير لساعاتٍ تحسباً من انقطاع المادة بشكلٍ كاملٍ نظراً لما تعانيه من نقصٍ حاد، واحتكار من قبل بعض الشركات وعدم حصول الموزع على حصّته المعتادة، وهو ما تحدثت عنه نقابة موزعي الغاز بالمفرق والجملة ومستلزماتها في لبنان، الاثنين الماضي.
ويؤكد نقيب العاملين والموزعين في قطاع الغاز، فريد زينون، لـ"العربي الجديد" أن "مخزون الغاز المتبقي يكفي لمدة أسبوعٍ واحدٍ فقط، من هنا رفعنا الصوت وحذرنا مراراً وتكراراً من خطورة الأزمة وانقطاع الغاز الذي يعد مادة حيوية وأساسية على صعيد عددٍ كبير من القطاعات ولا سيما الصناعية والمستشفيات والمؤسسات وفي المنازل".
ولفت، في المقابل، إلى أن "التسليم للموزعين يشمل ربع الكمية فقط وذلك في خضمّ التقنين الذي يمارس لتفادي الانقطاع التام وإلى حين فتح مصرف لبنان الاعتمادات".
تشهد مراكز تعبئة الغاز في مناطق لبنانية عدّة، خصوصاً في الشمال والجنوب، زحمة مواطنين يصطفون في الطوابير لساعاتٍ تحسباً من انقطاع المادة بشكلٍ كاملٍ نظراً لما تعانيه من نقصٍ حاد
ويضيف زينون أن "الشاحنات التي تنقل الغاز تعمل على المازوت، وهناك صعوبة كبيرة في الحصول على هذه المادة، الأمر الذي يحول دون التوزيع، وقد علمنا أن مصرف لبنان المركزي لم يفتح الاعتمادات المطلوبة في حين هناك باخرة ترسو على السواحل اللبنانية محمّلة وأخرى قيد الوصول بانتظار الموافقات المسبقة لتفريغ الحمولة".
ويحذر زينون من أن تطغى السوق السوداء والتلاعب بالأسعار على القطاع في ظلّ النقص الحاد في مادة المازوت على غرار ما هو حاصل في البنزين والمازوت، داعياً السلطات والأجهزة الأمنية إلى التشدد في إجراءاتها وتدابيرها الرقابية والعقابية، وكذلك أن يبلغ المواطن عن كل عملية غشّ يتعرّض لها.
ويضيف: "سعر مبيع قارورة الغاز (تُستبدل القارورة الفارغة بالمليئة) في المحل التجاري أي للمواطنين 56.6 ألف ليرة والارتفاع الذي حصل مرتبط بتمويل الحكومة اللبنانية استيراد المحروقات على أساس سعر صرف 3900 ليرة للدولار لفترة ثلاثة أشهرٍ، علماً أن القرار منذ أن اتخذ لم نعد نرى البنزين ولا المازوت وكذلك اليوم الغاز".
ودعا نقيب العاملين والموزعين في قطاع الغازالسلطات إلى مصارحة الناس بحقيقة الوضع، وإيجاد البدائل سريعاً ولا سيما أن الطلب على الغاز يزداد في ظلّ انقطاع التيار الكهربائي الذي زاد استخدام افران الغاز للطبخ".
عودة مشهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود لتعبئة البنزين إلى أشدّه من جديد في ظلّ تسريب أخبار باتخاذ قرار لرفع الدعم عن المحروقات ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار
ويشير زينون إلى أنه في حال تم رفع الدعم عن المحروقات ومن ضمنها مادة الغاز، فإن الأسعار ترتبط عالمياً وتبعاً لسعر الصرف في السوق السوداء، وقد يتجاوز عندها سعر القارورة 120 ألف ليرة لبنانية (الدولار = نحو 20.6 ألف ليرة في السوق السوداء).
في موازاة ذلك، عاد مشهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود لتعبئة البنزين إلى أشدّه من جديد في ظلّ تسريب أخبار باتخاذ قرار لرفع الدعم عن المحروقات ما يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وهو ما نفاه عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس في بيان، مؤكداً أن "هكذا قرار لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها ويستوجب توافقاً بين السلطة والمصرف المركزي، وأن يقابله إعطاء شيء للمواطن حتى يستطيع تحمّل أعباء ارتفاع سعر المحروقات".
من ناحية أخرى، أصدر تجمع المطاحن أول من أمس، بياناً أعلن فيه توقف العديد من المطاحن قسرياً عن العمل بسبب فقدان مادة المازوت التي باتت غير متوافرة لا في السوق الشرعية أو السوق السوداء، وأن المطاحن الأخرى ستتوقف خلال أيام معدودة عن العمل تباعاً وتدريجياً وفقاً لحجم المخزون من المازوت لديها.
وتعاني غالبية المناطق اللبنانية من انقطاع شبه تام في التيار الكهربائي بما يزيد عن 19 ساعة يومياً في ظلّ إطفاء أصحاب المولدات الخاصة مولداتهم لنفاد مادة المازوت، وهو ما دفع سكان في بعض المدن إلى تنفيذ اعتصامات استنكاراً للعتمة الشاملة وتداعياتها الخطيرة على مختلف المستويات.
بدورهم، ناشد أصحاب المولدات في عددٍ من المناطق تأمين كميات كافية من المازوت لمولداتهم في ظل نفاد الكمية لديهم وعدم قدرتهم على شراء المازوت من السوق السوداء، كما ناشدوا الأجهزة الأمنية المعنية تأمين الحماية اللازمة للصهاريج المحملة بالمازوت، وذلك بعد تكرار حوادث الاعتداء وقطع الطرقات على الصهاريج.
بدأ عددٌ كبيرٌ من المحال التجارية والسوبرماركت بإقفال أبوابه جراء أزمة الكهرباء والمازوت، فيما دقت المستشفيات ناقوس الخطر تماماً كما فعلت المؤسسات السياحية
وبدأ عددٌ كبيرٌ من المحال التجارية والسوبرماركت بإقفال أبوابه جراء أزمة الكهرباء والمازوت، فيما دقت المستشفيات ناقوس الخطر تماماً كما فعلت المؤسسات السياحية من منتجعات ومطاعم وفنادق وملاه، التي تعتمد على موسم الصيف للبقاء على قيد "الحياة الاقتصادية" والتي عمد بعض منها ايضاً إلى الإقفال وإلغاء الحجوزات نتيجة الأزمة.
ودعا من جهته، رئيس اتحاد ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس، إلى اجتماع استثنائي غداً الجمعة في مقرّ الاتحاد العمالي العام للبحث في ملف المحروقات وخصوصاً لقطاع النقل البري.
في سياق الإجراءات الأمنية لمكافحة التهريب، أحبطت وحدات الجيش المنتشرة في البقاع والشمال تهريب كمية من المحروقات إلى الأراضي السورية قُدِّرت بحوالي 46.8 ألف ليتر من مادة البنزين، و2900 ليتر من مادة المازوت، إضافة إلى كمية من الطحين والدخان.