شهد لبنان، اليوم الأربعاء، إضراباً شاملاً بدعوة من الاتحاد العمالي العام واتحاد النقل، حمل عنوان "حكومة إنقاذ" تبدأ جدياً بوضع خطة للجم الانهيار، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والنقدية، في تحرك وضع بإطار "الإنذار الأخير قبل الانفجار الاجتماعي".
وشارك في الاعتصام الذي طاول مختلف المحافظات والمناطق اللبنانية، اتحادات النقل البري، اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال، نقابة المحامين، الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة، رابطة التعليم الأساسي والثانوي والمهني، اتحاد نقابات موظفي المصارف، نقابة معلمي المدارس الخاصة، نقابة مستخدمي وعمال مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، وغيرها الكثير من الاتحادات والنقابات العمالية.
ورفعت الهيئات والنقابات الصرخة، في ظلّ تآكل رواتب موظفي القطاع العام بالعملة الوطنية مقابل ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وملامسته 13 ألف ليرة وانعكاسه غلاءً فاحشاً وانعدام القدرة الشرائية عند المواطنين.
وقال رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، في اعتصام مركزي للاتحاد العمالي العام نُفذ صباح الأربعاء إنه "لا معالجات من دون حكومة إنقاذ"، متوجهاً إلى المسؤولين بالقول: "كفى محاصصة واتهامات ورفعاً مقنّعاً للدعم"، معلناً القيام بمبادرة تتمثل بتوسيع الحلقة النقابية باتجاه جبهة نقابية واحدة تواكب جميع التطورات في لبنان.
وحذّر الأسمر في حديث مع "العربي الجديد" من أنّ "الأيام المقبلة ستكون أسوأ بكثير من المرحلة الماضية، حيث إنّ الأزمات ستكون أشبه بسلسلة ترتبط بها مختلف القطاعات وتتساقط الواحدة تلو الأخرى، ولا سيما على صعيد أزمة المحروقات، وربطاً الكهرباء، وقد رأينا كيف أن الأعمال في مرفأ بيروت باتت مهددة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، والأمر نفسه متعلق بانعكاسات ذلك على التنقل اليومي للمواطن، وبالتالي على الحركة الاقتصادية ككل".
ودعت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة جميع موظفي القطاع العام إلى إقفال الإدارات العامة والمؤسسات ذات الطابع الإداري يومي الأربعاء والخميس، على أن يكون نهار الجمعة 27 مايو/ أيار الجاري يوم اعتكاف أمام الوزارات من دون عمل وإنهاء الدوام عند الساعة الحادية عشر صباحاً.
وأكد رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس، في كلمة له خلال الاعتصام الذي نُفذ شمالاً صباح اليوم، أن "المعركة اليوم باتت مفتوحة، ولن نرضى أن يتحمل المواطن اللبناني والعمال والموظفين عامةً أي أعباءٍ إضافية نتيجة رفع الدعم، وكان قرارنا بهذا الاتجاه بعدم رفع تعرفة النقل، لا بل دعم القطاع والسائق العمومي ببعض صفائح البنزين والمازوت المدعومة وقطع غيار السيارات وصيانتها، لأن وجعنا واحد وصرختنا يجب أن تكون واحدة".
وسُجل في تحركات الأربعاء مشاركة كثيفة للأساتذة والمعلمين الذين عبّروا خلال الاعتصام عن غضبهم مما وصلت إليه الحالة العامة في البلاد.
وفي صيدا جنوبيّ لبنان، والبقاع أيضاً، لبّت الهيئات والقطاعات العمالية دعوة الاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية إلى الإضراب العام، ونفذت اعتصاماً أكدت خلاله الكلمات فيه ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ من اختصاصيين أصحاب كفاءات يضعون برنامج عمل إصلاحياً يكافح الهدر والفساد في مؤسسات الدولة وإداراتها ويعيد ثقة الخارج بلبنان ودعمها المالي للنهوض بالبلاد اقتصادياً.
وحمّلت الهيئات الدولة اللبنانية مسؤولية الانهيار الشامل وعجزها عن إدارة البلد بطريقة شفافة ونزيهة، واستمرارها في تغليب مصالحها الخاصة على المصلحة الوطنية، وهي تكتفي بالتحذير من الأزمة والتنبيه إليها، فيما يفترض بها أن تكون مؤتمنة على سلامة الوطن والمواطن.
وشددت الكلمات على ضرورة توحيد الصفوف والمواقف كسلاحين أساسيين للصمود والاستمرارية وتحقيق المطالب بوجه سلطة لا تكترث بأوجاع الناس ومعاناتهم، وتعتبر نفسها محصنة من المحاسبة والمساءلة.