لا سقف لرفع الفائدة على الدولار

16 ديسمبر 2022
الدولار القوي يضغك على اقتصادات الدول النامية (Getty)
+ الخط -

مساء يوم الأربعاء الماضي وعقب قرار زيادة سعر الفائدة نصف في المائة، صدرت إشارات عن مجلس الاحتياط الفيدرالي، "البنك المركزي الأميركي"، تؤكد أن البنك ماض في خطة رفع سعر الفائدة على الدولار، وأنه لا سقف لهذا الرفع ما دامت هناك زيادة في معدل التضخم يصاحبها قلق متزايد من دخول الاقتصاد الأميركي نفق الركود التضخمي، وربما الكساد كما حدث في العام 1939.

ذلك لأن البنك الفيدرالي يدرك جيدا أن مكافحة التضخم الجامح يجب أن تحتل أولوية قصوى لدى صانع القرار الاقتصادي والنقدي، وأن مواجهة غلاء الأسعار أهم كثيرا من هدف زيادة معدل النمو وتحسين المؤشرات الاقتصادية.

الفيدرالي يؤكد أنه لن ينهي قريبًا حملته لرفع أسعار الفائدة الرامية للسيطرة على التضخم الجامح

من بين تلك الإشارات، تأكيد رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول، أن البنك لن ينهي قريبًا حملته لرفع أسعار الفائدة الرامية للسيطرة على التضخم، وأنه "لايزال أمامنا طريق لنقطعه في هذا المسار، ووتيرة رفع الفائدة في اجتماع شهر فبراير/شباط المقبل سوف تعتمد على البيانات الاقتصادية".

وبلغة حاسمة وقطعا للطريق على أي توقعات بذهاب الفيدرالي إلى وقف أو تجميد خطة رفع سعر الفائدة، قال باول: "لن نفكر في خفض معدلات الفائدة حتى نثق بأن التضخم يتباطأ نحو المستهدف البالغ 2% بطريقة مستدامة، من المرجح أن تتطلب استعادة استقرار الأسعار الحفاظ على موقف مقيد للسياسة لبعض الوقت".

موقف
التحديثات الحية

من بين الإشارات كذلك، توقع البنك المركزي الأميركي وصول سعر الفائدة إلى 5.1% في العام المقبل، بارتفاع عن التقديرات السابقة الصادرة في شهر سبتمبر الماضي والبالغة 4.6%، وهو ما يعني استمراره في زيادة السعر في الاجتماعات المقبلة.

حتى لجنة السوق المفتوحة بالبنك المركزي أكدت أنه سيكون من المناسب استمرار الزيادات في أسعار الفائدة، من أجل الوصول إلى موقف تقييدي بما يكفي لإعادة التضخم إلى المستهدف البالغ 2% بمرور الوقت.

إذا، الفيدرالي سيواصل رفع سعر الفائدة حتى منتصف العام 2023، وربما حتى اجتماع شهر سبتمبر/أيلول المقبل، وربما أبعد من ذلك، ومعدلات التضخم السائدة هي التي ستحدد نسبة الزيادة وتوقيت تثبيتها أو خفضها في وقت لاحق.

مع استمرار أزمات حرب أوكرانيا والتضخم وسلاسل التوريد والتباطؤ، فإنه ليس من المتوقع توقف البنوك المركزية عن موجة رفع الفائدة

ويبدو أنه مع استمرار أزمات حرب أوكرانيا والموجة التضخمية وسلاسل التوريد والتباطؤ الاقتصادي، فإنه ليس من المتوقع توقف البنوك المركزية العالمية الكبرى، ومنها الفيدرالي، عن موجة رفع سعر الفائدة.

أحدث توقعات في هذا الشأن تشير إلى استمرار ضغوط التضخم على الاقتصادات الكبرى، هي الصادرة عن واحد من أكبر البنوك الاستثمارية حول العالم "غولدمان ساكس"، الذي توقع، نهاية الأسبوع الماضي، ارتفاع أسعار السلع الأساسية بأكثر من 40% في العام 2023.

كما أن أزمات الطاقة والحرب الاقتصادية مع روسيا وندرة المواد الخام من النفط إلى الغاز الطبيعي والمعادن ستضغط بشدة على اقتصاد القارة العجوز في 2023، وهي ما سيدفع البنك المركزي الأوروبي للإسراع في موجة رفع الفائدة على اليورو، علما بأن البنك رفع سعر الفائدة بنسبة 0.50% يوم الخميس الماضي ليزيد السعر من 1.5% إلى 2% وهو المستوى الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

تكرر الأمر مع بنك إنكلترا المركزي الذي رفع سعر الفائدة يوم الخميس للمرة التاسعة على التوالي، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008، في ظل جهوده لمواجهة التضخم المرتفع الذي تجاوز 10.7% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 41 عاما، لم يكتف البنك بالرفع بل أكد احتمالية القيام بالمزيد.

رفع سعر فائدة على العملات الرئيسية، ومنها الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري، سيسبب متاعب إضافية لاقتصادات وعملات الأسواق الناشئة، التي تعتمد على الأسواق العالمية في تدبير السيولة الدولارية وسد الفجوات التمويلية لديها وتغطية عجز الموازنات وسداد الأجور والرواتب.

ذلك لأن الرفع يعني أعباء إضافية على عمليات الاقتراض الخارجي بالدول النامية، بل وشح في السيولة الأجنبية لدى أسواق تلك الدول، مع هروب الأموال الساخنة والاستثمارات منها متجهة نحو الأسواق الغربية للاستفادة من عائد مرتفع وضمان واستقرار سياسي.

المساهمون