ألغى وزراء مجموعة "أوبك+"، اليوم الاثنين، محادثات تتعلق بزيادة الإنتاج، بعد خلاف نشب الأسبوع الماضي عندما اعترضت الإمارات على تمديد مقترح لقيود الإنتاج ثمانية أشهر إضافية.
ووفق مصادر مشاركة في الاجتماع، فإنه "لا تزال الإمارات تعرقل اجتماع (أوبك+)"، بينما عمل وزراء المجموعة، اليوم الاثنين، على إنقاذ محادثات تتعلق بالإنتاج بعد الخلاف الذي نشب الأسبوع الماضي.
وأرجئ مجددا الاثنين الاجتماع الوزاري للدول الـ23 الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها (أوبك+) بسبب عدم التوصل الى اتفاق، ولم يحدد موعد جديد حتى الآن، وفق ما أفاد مصدر قريب من التحالف وكالتي "رويترز" و"فرانس برس".
وأكد أمين عام أوبك، في رسالة اطلعت عليها "رويترز"، إلغاء اجتماع "أوبك+"، قائلا إنه سيجري تحديد موعد جديد.
واجتماع "أوبك+" كان مقررا أن يختتم يوم الخميس الفائت، وخصص لتحديد حصص إنتاج الكارتل اعتبارا من شهر آب/أغسطس، لكن الإمارات رفضت، أمس الأحد، خطة يتم التفاوض في شأنها، معتبرة أنها "غير عادلة"، في تصعيد للخلاف قد يؤدي إلى عرقلة تعافي سوق الخام بعد جائحة كوفيد-19.
بينما تؤيّد السعودية وروسيا تمديد الاتفاق كما هو حتى ديسمبر 2022، ترغب الإمارات في مناقشة زيادة في مستويات الإنتاج قبل الموافقة على التمديد إلى ما بعد إبريل
وتنص الخطة المطروحة على زيادة إنتاج النفط بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر اعتبارا من آب/أغسطس وحتى كانون الأول/ديسمبر، بحيث تصل كمية النفط الإضافية المطروحة في السوق بحلول نهاية السنة إلى مليوني برميل في اليوم.
ويتماشى ذلك مع الاستراتيجية العامة التي تتبعها "أوبك+" منذ شهر أيار/مايو الماضي، والقاضية بزيادة الإنتاج تدريجيا بعد خفضه بشكل حاد مع التراجع الهائل في الطلب عند بدء انتشار فيروس كورونا.
وحققت هذه الاستراتيجية إلى حدّ ما نجاحا، إذ انتعشت أسعار النفط لتبلغ حوالى 75 دولارا لبرميل الخامين المرجعيين برنت بحر الشمال وغرب تكساس الوسيط بزيادة 50% منذ مطلع العام، وهو مستوى مماثل لما كانت عليه الأسعار في تشرين الأول/أكتوبر 2018، وإن كانت الدول بدت موافقة على هذا الاقتراح، إلا أن مسألة التمديد هي التي أثارت خلافا.
وتعهد تحالف "أوبك+"، في نيسان/إبريل 2020، عندما تراجعت أسعار الخام بحدّة على وقع الموجة الأولى من الوباء، بسحب 9.7 ملايين برميل في اليوم من السوق، على أن تعاود ضخّها تدريجيا خلال الفترة الممتدة حتى نهاية نيسان/إبريل 2022.
غير أن هذه المهلة تبدو الآن قصيرة جدا في ضوء الوتيرة الحالية لزيادة الإنتاج، حيث إن دول التحالف لا تزال تقتطع 5.8 ملايين برميل في اليوم من إنتاجها، وهذا ما دفع إلى طرح تمديد الاتفاق المطبق حاليا حتى كانون الأول/ديسمبر 2022، وهو خيار يصطدم بمعارضة أبوظبي.
يكشف نزاع "أوبك+" عن خلاف آخذ في التزايد بين السعودية والإمارات في ملفات عدة منها اليمن والمصالحة الخليجية والتطبيع
وبينما تؤيّد السعودية وروسيا تمديد الاتفاق كما هو حتى كانون الأول/ديسمبر 2022، ترغب الإمارات في مناقشة زيادة في مستويات الإنتاج قبل الموافقة على التمديد إلى ما بعد نيسان/إبريل.
وقال وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي سهيل المزروعي، يوم الأحد، خلال مداخلة تلفزيونية إنّ "مطلب الإمارات هو العدالة فقط في الاتفاقية الجديدة ما بعد نيسان/إبريل".
وأعلنت وزارة الطاقة أن "دولة الإمارات لا تمانع تمديد الاتفاقية إذا لزم الأمر، ولكنها طلبت مراجعة نسب نقط الأساس لمرجعية التخفيض لضمان عدالة الحصص لجميع الأعضاء عند التمديد".
وتصر الإمارات على رفع خط الإنتاج الأساسي بمقدار 0.6 مليون برميل يوميًا إلى 3.8 ملايين برميل، باعتبار أن النسبة الحالية المحددة في تشرين الأول/أكتوبر 2018 لا تعكس طاقتها الإنتاجية الكاملة.
هذا الخلاف هو الذي أفشل الجولة الأولى من الاجتماعات الخميس الماضي، ثم اجتماع الجمعة بين أعضاء مجموعة تشهد عادة خلافات بين السعودية وروسيا.
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان في مقابلة تلفزيونية"، ليل الأحد، إن هناك "توافقاً" في مجموعة "أوبك+"، مستدركا "التوافق قائم وموجود، فيما عدا دولة واحدة".
ودعا إلى "شيء من التنازل وشيء من العقلانية" للتوصل إلى اتفاق بعد أن فشلت مناقشات على مدى يومين الأسبوع الماضي في إحراز تقدم.
ورأت حليمة كروفت، المحللة لدى شركة "أر بي سي"، في مذكرة، أن "احتمال غياب اتفاق، بل حتى خروج الإمارات من أوبك، ازداد بشكل كبير"، إذ يبدو من الصعب على التحالف أن يقبل بطلب الإمارات من غير أن يفتح الباب للفوضى.
وبحسب المحلل لدى "سيب" بيارن شيلدروب فإن "السوق متخوفة حاليا من عدة سيناريوهات".
وقال إن السيناريو الأول يتمثل "بعدم التوصل إلى اتفاق جديد إطلاقا مع عدم وجود زيادة في الإنتاج اعتبارا من آب/أغسطس وارتفاع الأسعار بشكل كبير نتيجة ذلك".
أما الثاني فهو انهيار التعاون تماما ضمن المجموعة "ما يؤدي إلى تحرير الإنتاج بالكامل وانهيار أسعار النفط". وكانت أسعار عقود الخام المرجعية الأساسية مستقرة في الأسواق الأوروبية صباح الاثنين.
اتفقت "أوبك+" على خفض الإنتاج بنحو عشرة ملايين برميل يوميا بدءا من مايو/أيار 2020، للتخفيف من أثر الجائحة، مع خطط لتقليصها بالتدريج
وتواجه "أوبك+" معادلة صعبة، بين انتعاش فعلي إنما هشّ للطلب، وعودة الصادرات الإيرانية المرتقبة، والأسعار المرتفعة الحالية التي تثير استياء بعض كبار المستهلكين مثل الهند.
غير أن التحالف معتاد على الخلافات، وتمكن في مطلع العام الماضي من تجاوز خلاف كبير بين موسكو والرياض أثار حرب أسعار قصيرة، إنما شديدة.
وتتركز النقاشات التي سبقت اجتماع اليوم الاثنين على رفع الإنتاج اعتباراً من أغسطس/آب المقبل لأسباب، منها كبح الأسعار التي وصلت إلى ما يقارب أعلى مستوى في عامين ونصف العام. وجرى تداول برنت عند 76 دولارا للبرميل اليوم الاثنين.
وتسبب ارتفاع أسعار النفط في مخاوف بشأن التضخم الذي قد يخرج التعافي العالمي من جائحة كوفيد-19 عن مساره. واتفقت "أوبك+" على خفض الإنتاج بنحو عشرة ملايين برميل يوميا بدءا من مايو/أيار 2020، للتخفيف من أثر الجائحة، مع خطط لتقليصها بالتدريج، لتنهي التخفيضات بحلول نهاية إبريل/نيسان 2022. وتبلغ التخفيضات حالياً حوالي 5.8 ملايين برميل يومياً.
وقالت مصادر لـ"رويترز"، اليوم الاثنين، إن الإمارات توافقت مع السعودية وباقي أعضاء "أوبك+"، يوم الجمعة، على زيادة الإنتاج بنحو مليوني برميل يومياً اعتبارا من أغسطس /آب، إلى ديسمبر/كانون الأول 2021، لكنها رفضت تمديد التخفيضات المتبقية حتى نهاية عام 2022 بدلاً من نهاية إبريل/نيسان 2022.
وقال مصدران في "أوبك+"، الاثنين، إن مساعي حل الخلاف لم تشهد تقدماً يذكر قبل اجتماع كان من المقرر أن يبدأ في الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش. وبينما تستمر المفاوضات، قالت مصادر إنه حتى الساعة 14:50 بتوقيت غرينتش لم يكن الاجتماع قد بدأ.
وتسعى الإمارات إلى تغيير حجم الإنتاج المرجعي، وهو ما يتعارض مع خطط "أوبك+" والتوازن بين العرض والطلب الذي يعمل عليه الأعضاء الكبار في التحالف النفطي.
وتقول الإمارات، التي استثمرت مليارات الدولارات لزيادة طاقتها الإنتاجية، إنه جرى تحديد خط الأساس لإنتاجها عند مستوى منخفض جداً في الاتفاق الأصلي لخفض الإمدادات.
كما تقول الإمارات أيضاً إنها لم تكن الوحيدة التي طالبت بخط أساس أعلى، لأن دولا أخرى، مثل أذربيجان والكويت وكازاخستان ونيجيريا، طلبت وتلقت بالفعل أسساً جديدة منذ التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج للمرة الأولى العام الماضي. وينبغي تبني قرارات مجموعة "أوبك+"، وهي تحالف بين منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا ومنتجين آخرين، بالإجماع.
وقال مصدرا "أوبك+" إن النتائج المحتملة تشمل زيادة الإنتاج اعتباراً من أغسطس/ آب، أو زيادته وتمديد الخفض المتبقي مع إعطاء الإمارات خط أساس جديدا أعلى.
وأضافا أن "أوبك+" قد تمضي قدماً أيضاً في اتفاق يسري حتى إبريل/نيسان 2022، ثم مناقشة خط أساس جديد للإمارات في إطار اتفاق جديد. ويكشف نزاع "أوبك+" عن خلاف آخذ في التزايد بين السعودية والإمارات.