طالب المرصد العمالي الأردني الحكومة الجديدة، المتوقع تشكيلها خلال أيام، باتخاذ إجراءات نوعية لوقف التنامي المتسارع لمعدلات البطالة التي وصلت إلى مستويات خطيرة، جراء جائحة كورونا والسياسات غير الفعالة التي طبقتها الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية.
جاء ذلك في تقرير أصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي للعمل اللائق الذي يصادف 7 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام.
وأشار التقرير إلى أن معايير العمل اللائق في الأردن تعاني من فجوات عديدة قبل بدء تأثيرات جائحة كورونا في مارس/آذار الماضي، حيث كانت معدلات البطالة مرتفعة، وارتفعت في الربع الثاني من العام الجاري 2020 إلى 23%، حيث بلغ معدل البطالة بين الذكور 21.5% وبين الإناث 28.6%، وبين الشباب بين 42% و57%، وفقا للفئات العمرية، وهذه المؤشرات مرشحة للزيادة في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا وارتفاع عدد الإصابات والوفيات، وتوقعات بتنفيذ إجراءات قاسية في مجال الوقاية من الأضرار الصحية التي يسببها هذا الوباء.
وحذر التقرير من استمرار بقاء المؤشرات الأولية المتعلقة بحالة الانكماش التي دخلها الاقتصاد الأردني على ما هي عليه، والتي أعلنت عنها دائرة الإحصاءات العامة قبل أيام قليلة، حيث أعلنت عن معدل نمو سالب (-3.6%) للاقتصاد الوطني خلال الربع الثاني من العام الجاري 2020، مرشح للتعمق أكثر في ما تبقى من هذا العام، حيث سيترتب عليه فقدان المزيد من الوظائف في الاقتصادين المنظم وغير المنظم، وسيؤدي إلى فقدان عشرات الآلاف من العاملين سبل كسب عيشهم ورزقهم.
وأوضح التقرير أن فقدان فرص العمل ترافقه زيادة في أعداد طالبي العمل من خريجي النظام التعليمي بمختلف مستوياته، والذين يقاربون 120 ألفا من الجنسين سنويا، إلى جانب توقعات بعودة آلاف العاملين الأردنيين من دول الخليج العربي جراء حالة التراجع الاقتصادي التي تعاني منها هذه الدول. وبيّن التقرير أن هذه الأوضاع ستخلق تحديات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، وسيزيد الضغط على الحمايات والخدمات الاجتماعية المتوفرة في الأردن.
وأشار التقرير إلى أن هذه الأوضاع تأتي في ظل فجوات سابقة في منظومة الحماية الاجتماعية، إذ إن ما يقارب نصف القوى العاملة في الأردن لا يتمتع بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، إلى جانب تراجع مستويات الأجور وضعف شروط العمل بشكل عام، ما يضاعف التحديات التي يواجهها سوق العمل في الأردن، إلى جانب التحديات الاجتماعية والسياسة الأخرى المرتبطة بتراجع المستويات المعيشية لغالبية المواطنين، حيث يتوقع البنك الدولي أن تصل معدلات الفقر المدقع إلى 27% من السكان، وهذا المستوى من الفقر مرتبط أساسا بقدرة الأسر على توفير مستلزمات بقائها من طعام وشراب.
وطالب التقرير الحكومة الجديدة بضرورة العمل على إجراء تغييرات نوعية على سياسات العمل وسياسات الحماية الاجتماعية، باتجاه تعزيز صمود منشآت الأعمال في القطاع الخاص، للحفاظ على العاملين فيها وتشجيعها على تشغيل المزيد من الأيدي العاملة، وهذا يتطلب تقديم حوافز ضريبية للقطاع الخاص وتخفيض أسعار الطاقة مشروطة بالحفاظ على العاملين لديها وتشغيل المزيد منهم.
وأوصى التقرير الحكومة الجديدة بتحفيز الطلب المحلي للمستهلكين والمؤسسات من خلال تخفيض الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة، الأمر الذي من شأنه تقليص مدة الانكماش الاقتصادي، ولو كان ذلك على حساب إيرادات خزينة الدولة، لأنه من غير الممكن الخروج من الانكماش من دون التضحية بذلك، وهذا الثمن يمكن تعويضه مؤقتا من خلال المساعدات الخارجية من منح وقروض ميسرة.
وطالب التقرير أيضا بضرورة تخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي التي تعتبر مرتفعة، وتشكل أحد معوقات توسع منشآت الأعمال في التشغيل، إذ إن تكلفة التوظيف مرتفعة على هذه المنشآت.
وحذر التقرير من استمرار تطبيق سياسات تشغيل غير فعالة، أثبتت التجربة أنها لم تساهم في تخفيض معدلات البطالة، وآخرها الشق المدني من خدمة العلم، حيث سيقوم هذا البرنامج على توفير عمالة رخيصة مؤقتة لبعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية في القطاع الخاص، سرعان ما سينسحب المشتركون فيها عند انتهاء خدمتهم، كما حصل في برامج تشغيل سابقة.
وبين التقرير أن تحسين شروط العمل في القطاع الخاص يعد أحد أهم التدخلات التي يمكن أن تشجع الشباب والشابات على العمل في القطاعات التي يعزفون عن العمل فيها. وطالب التقرير أيضا بضرورة إعادة بناء النظام التعليمي باتجاه التوسع في التعليم المتوسط والمهني والاستثمار به، والتقليل من التوسع في التعليم الجامعي غير المجدي.