يشكو السوريون من تدهور واقع الكهرباء بشكل متسارع هذه الأيام، في ظل موجة حر شديد، الأمر الذي ترك أثرا كبيرا على أصحاب المهن والمصالح، في حين كرر النظام ذرائعه بعدم وجود كميات وقود كافية وحاجة محطات توليد للصيانة، ووجود حصار عبر العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب الذي حول دون ذلك.
أخيرا، كان يشكو المواطنون في مناطق سيطرة النظام من طول ساعات التقنين التي وصلت في مناطق مثل حلب إلى 7 ساعاتِ قطع وساعة ونصف وصلاً، ومناطق مثل دمشق كان برنامج التقنين فيها 4 ساعات ونصف قطع، وذلك على مدار الـ24 ساعة يوميا.
أما هذه الأيام فقد تدهور واقع الكهرباء بشكل كبير، فلم يعد يميز المواطن بين ساعات التقنين وساعات الوصل، وغالبا يتم استمرار القطع دون أن تلحظ فترة الوصل، بحسب أبو ماهر مصطفى (41 عاما)، موظف في دمشق، مضيفا في حديث مع "العربي الجديد": "وضع الكهرباء سيئ للغاية، والمشكلة الأكبر من التقنين هي الانقطاعات المتكررة وتبدل توتر التيار، ما تسبب بتعطيل العديد من الأدوات المنزلية الكهربائية".
وتابع: "اليوم، أغلب السوريين غير قادرين على إصلاح القطعة الكهربائية التي تتعطل، بسبب ارتفاع أسعار قطع التبديل الكبيرة، إضافة إلى ارتفاع أجور اليد العاملة، فمثلا إصلاح محرك براد احترق بسبب الكهرباء يكلف أكثر من 200 ألف ليرة، وهذا دخل موظف في الدولة لمدة ثلاثة أشهر مثلا، ما يعني حكما الاستغناء عن هذه الأدوات، التي تشكل حاجة أساسية في هذا الزمن.
من جهتها، قالت أم عمر جابر، 57 عاما، المقيمة في دمشق، لـ"العربي الجديد": "بالاسم لدينا كهرباء، لسنا قادرين على ملء خزان المياه ولا حتى شحن المدخرات التي أصبحت المصدر الرئيسي للإنارة على الأقل والتي بدورها ارتفعت أسعارها بشكل كبير فأصغر بطارية 7 أمبير بـ50 ألف ليرة وهناك بطاريات بـ900 ألف ليرة (الدولار = نحو 3150 ليرة).
ولفتت إلى أن "المشكلة الأكبر هي معاناة طلاب الجامعات الذين يتقدمون هذه الأيام للامتحانات وبالكاد يستطيعون الرؤية، كما أننا نكاد نختنق جراء موجة الحر الشديد التي نعيشها هذه الأيام، حيث لا مراوح ولا حتى ماء بارد".
إصلاح محرك براد احترق بسبب الكهرباء يكلف أكثر من 200 ألف ليرة، وهذا دخل موظف في الدولة لمدة ثلاثة أشهر
وتحت التذمر الشديد لدى المواطنين والانتقادات الشديدة لوزارة الكهرباء، قدم وزير الكهرباء غسان الزامل، الأحد الماضي، عبر محطة إذاعة محلية، اعتذاره للمواطنين عن سوء التقنين في الأيام الماضية، موضحا أن ارتفاع التقنين في الفترة الأخيرة يعود إلى أن 70% من المحطات تعمل على الغاز و30% على الفيول، وهناك نقص بكميات الغاز بالإضافة لارتفاع الحرارة وخروج محطات عن الخدمة ولم يتم وضع محطات توليد جديدة.
ولفت إلى أنه تم فصل التغذية عن مجموعة من أصل 3 مجموعات في محطة توليد الزارة للقيام بأعمال الصيانة اضطراريا، وتحتاج 4 شهور للعودة إلى الخدمة نتيجة صعوبة تأمين قطع التبديل.
إلا أن ذات الوزير وعد في تصريح نشر الثلاثاء الماضي عبر صحيفة محلية، بأن هناك تحسناً ملحوظاً ومقبولاً في وضع الكهرباء سيحصل خلال الساعات القادمة، متحدثا عن تم تأمين كميات لا بأس بها من مادة الغاز، الأمر الذي سيترك انعكاساً إيجابياً على وضع التقنين.
وتتضارب تصريحات مسؤولي النظام، ففي الوقت الذي تحدث به الوزير عن إغلاق محطة تشرين لبدء عملية صيانة تمتد لـ100 يوم وبكلفة 50 مليون يورو، وهي واحدة من 3 محطات تحتاج للصيانة، قال المدير العام لمحطة توليد تشرين الحرارية بسام جبوري، في تصريح صحافي، إن اليوم (الإثنين الماضي) هو الأخير لاستجرار العروض لتأهيل المجموعة البخارية الثانية في المحطة التي تكلف حوالي 25 مليون يورو مغطاة من القرض الروسي.
وأوضح أن البدء بتأهيل المحطة يحتاج إلى وقت حتى يتم قبول العروض وتنفيذ إجراءات العقد، مؤكداً أن المحطة تعمل اليوم على الفيول ضمن طاقتها العادية، ما سحب إحدى ذرائع الوزير.
إغلاق محطة تشرين لبدء عملية صيانة تمتد لـ100 يوم وبكلفة 50 مليون يورو، وهي واحدة من 3 محطات تحتاج للصيانة
وكان الزامل قال في تصريح بداية الشهر الجاري إنّه في الوقت الحالي يتم إنتاج 2500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، توزع على المحافظات السورية، في حين تقديرات احتياجات سورية من الكهرباء في الشتاء هي نحو 6 آلاف ميغاواط، وتنخفض في الصيف إلى 5.5 آلاف ميغاواط.
يذكر أن وزير الكهرباء السابق محمد زهير خربوطلي، صرح في نهاية عام 2018، بأن الإنتاج ارتفع من 1200 ميغا إلى 4000 ميغا خلال العامين 2017 و2018، وسيبلغ بعد 5 سنوات، بحدود 9 ميغا، وهو مستوى ما قبل اندلاع الأزمة السورية، ولا يوجد أي جهة محايدة تؤكد ما هي الأرقام الحقيقية.