كل تلك المليارات المتدفقة على مصر... ما السبب؟

17 مارس 2024
أورسولا فون ديرلاين وعبد الفتاح السيسي (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مصر تواجه أزمة اقتصادية خانقة، الأسوأ منذ 1991، وتحصل على دعم إقليمي ودولي غير مسبوق، بما في ذلك استثمارات بقيمة 35 مليار دولار من الإمارات وضخ 10 مليارات دولار بالفعل.
- صندوق النقد الدولي يزيد قرض مصر من 3 إلى 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى قروض أخرى من البنك الدولي ومؤسسات دولية ترفع الإجمالي إلى أكثر من 20 مليار دولار.
- الدعم الكبير يثير تساؤلات حول دوافعه، مع تكهنات تشير إلى دعم الاستقرار الإقليمي ومعالجة قضايا اللاجئين والهجرة، وسط تكتم حول شروط الأموال سواء كانت استثمارات أو قروض.

بات في حكم المؤكد أن هناك دعماً إقليمياً ودولياً غير مسبوق للاقتصاد المصري سواء للعام الجاري أو السنوات الثلاث المقبلة، وأن هذا الدعم لم يكن أحد يتخيل حدوثه قبل شهر من الآن، بخاصة في ذروة اندلاع أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها مصر منذ العام 1991.

فالإمارات أعلنت بالفعل ضخ 35 مليار دولار في شرايين الاقتصاد وفي شكل استثمارات مباشرة، منها 24 مليار دولار قيمة صفقة رأس الحكمة و11 مليار دولار سيتم التنازل عنها للبنك المركزي المصري مقابل حصول أبوظبي على مقابلها سيولة نقدية بالجنيه المصري لضخها بوصفها استثمارات في المشروع.

وقد وصل مصر بالفعل 10 مليارات دولار من هذه الأموال وتنازلت الإمارات عن 5 مليارات دولار للمركزي، وباقي المبلغ سيتم ضخه خلال شهرين وفق تصريحات سابقة لرئيس وزراء مصر مصطفى مدبولي.

مليارات الدولارات تتدفق على الاقتصاد المصري من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد والبنك الدوليين ودول خليجية

وصندوق النقد الدولي وافق على رفع قيمة القرض الممنوح لمصر من 3 مليارات إلى 8 مليارات دولار، فضلاً عن 1.25 مليار دولار سيتم الحصول عليها من صندوق الاستدامة البيئية التابع للصندوق، ليتجاوز إجمالي القرض 9 مليارات دولار.

وهذه الأموال من المقرر منحها لمصر على فترة زمنية تبلغ 3 سنوات، ومن المتوقع حصول القاهرة على الشريحة الأولى من قرض الصندوق وبقيمة 1.5 مليار دولار خلال أسابيع وفق مسؤولين مصريين.

وهناك قرض بقيمة 3 مليارات دولار حصلت عليه الحكومة المصرية من البنك الدولي قبل أيام وذلك في إطار حزمة قروض ضخمة سيتم الحصول عليها من الصندوق والبنك والمملكة المتحدة واليابان.

وبخلاف قروض صندوق النقد والبنك الدوليين، فإن الحكومة المصرية تجري مفاوضات إضافية للحصول على قروض ضخمة من جهات أخرى منها بنك التنمية الأفريقي، والبنك الأوروبي، وصندوق النقد العربي والجانب الياباني؛ بما يرفع قيمة القروض الداعمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي من المؤسسات الدولية، وشركاء التنمية الدوليين إلى أكثر من 20 مليار دولار.

وأمس أعلن الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل ضخمة لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو (أي ما يعادل 8.06 مليار دولار) تمنح على مدى السنوات الأربع المقبلة 2024-2027 منها مليار يورو تمويل طارئ سيتم تحويله خلال العام الجاري، ويتوزع هذا التمويل ما بين مساعدات مالية بقيمة 5 مليارات يورو واستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو ومنح بقيمة 600 مليون يورو.

هذا الدعم غير المحدود يطرح عدة أسئلة حول سر تدفق كل هذه المليارات على الاقتصاد المصري في هذا التوقيت وخلال فترة زمنية قصيرة

هذا الدعم غير المحدود يطرح عدة أسئلة حول سر تدفق كل هذه المليارات على الاقتصاد المصري في هذا التوقيت وخلال فترة زمنية قصيرة رغم أن بعض المؤسسات المانحة والممولة كانت متشنجة تجاه مصر قبل حرب غزة مباشرة وترفض الإفراج عن أي سيولة نقدية بما فيها تلك التي وافقت على تمريرها وضخها سابقاً، ثم تراجعت عنها كما هو الحال مع صندوق النقد الذي تلكأ في الإفراج عن شريحتين من قرض وافق عليه في ديسمبر 2022 بقيمة 3 مليارات دولار.

وهل ستستفيد الحكومة المصرية من تلك الأجواء الإيجابية في البحث عن حلول حقيقية، وليست استعراضية، لأزمات الاقتصاد، حلول تخرج عن الأدوات التقليدية ومنها الاعتماد المفرط على القروض والمساعدات والأموال الساخنة، علماً بأن حرباً بحجم العدوان الإسرائيلي الإجرامي وغير المسبوق على قطاع غزة قد لا يتكرر مرة أخرى في السنوات المنظورة.

ويبقى السؤال الأهم: ما الذي تريده تلك المؤسسات الداعمة من مصر في هذا التوقيت مقابل ضخ كل تلك المليارات التي تم الإفراج عنها في أوقات قصيرة جداً، لا أظن أن هذا التحرك لوجه الله ولإنقاذ المواطن المصري من أزمات الغلاء والديون وتهاوي العملة المحلية، وهنا نطرح عدة أسئلة فرعية أبرزها:

هل التحرك بهدف دعم الاستقرار في المنطقة وفي القلب منها مصر، والحفاظ على استقرار أكبر دولة في المنطقة، أم رغبة الممولين في حدوث مزيد من خنق أهالي غزة وتهجيرهم كما تذهب بعض التحليلات؟

أم أن الأمر يتعلق باللاجئين المقيمين في مصر أيّاً كانت جنسياتهم وموافقة القاهرة على استقبال المزيد من اللاجئين، أم أن الأمر ينحصر في مساعدة مصر على محاربة الهجرة غير المشروعة التي يمكن أن تتدفق نحو القارة الأوروبية من جنوب البحر المتوسط.

من المبكر الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها في ظل تكتم كل الأطراف الفاعلة على الشروط المصاحبة لضخ تلك الأموال سواء كانت في شكل استثمارات كما هو الحال مع الإمارات ومشروع رأس الحكومة، أو قروض كما حدث مع صندوق النقد والبنك الدوليين، أو مساعدات ومنح لا ترد كما هو الحال مع الاتحاد الأوربي.

المساهمون