توقّع بنك "كريدي سويس" أن يتجه الجنيه المصري إلى مزيد من الهبوط، ليصل إلى 35 جنيها مقابل الدولار، خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وأشار البنك في تقرير عن توقعاته الفصلية عن الاستثمار في مصر، إلى أن سوء إدارة الحكومة لمرونة سعر الصرف سيؤدي إلى مزيد من التراجع في قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة.
وأشار خبراء الاستثمار في البنك إلى أن الاستثمار في مصر ما زال محفوفا بالمخاطر، ومناسبا للمستثمرين الراغبين والقادرين على تحمّل مخاطر عالية.
وتوقع "كريدي سويس" تراجع العائد على الأسهم المحلية، مع حدوث مزيد من التراجع في الأرباح المحققة من عوائد الاستثمار، مع المخاطر المرتبطة بتراجع قيمة الجنيه، واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة في البنك المركزي، لمواجهة التضخم المتصاعد بشدة.
وذكر التقرير أنه رغم تعرّض الجنيه لثلاثة موجات من التراجع في قيمته، خلال 12 شهرا، أفقدته 50٪ من قيمته، إلا أن عدم إحراز تقدّم في مسار الإصلاح الاقتصادي، أعاق الحكومة عن نقل الجنيه إلى سعر الصرف المرن الموعود، بينما زاد قرار البنك المركزي المفاجئ بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير في يناير/كانون الثاني الماضي، أدى إلى خسارة الجنيه نحو 2.6٪ من قيمته.
وأظهر تداول شهادات الإيداع العالمية للشركات المصرية المدرجة في البورصات العالمية أن الدولار مقابل الجنيه يبلغ 33.5 جنيها، وهو أضعف بنسبة 10٪ مقابل مستوى التداول الحالي للجنيه في البنوك الذي يتراوح عند 30.50 جنيها مقابل الدولار.
ويشير التقرير، الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى أن سعر الصرف الفعلي الحقيقي (REER) أقل من قيمته حاليا بنسبة 30٪، منوها إلى أن هذا الضعف يمثل خطرا على المدى القريب، مع إمكانية العودة إلى الانتعاش من وجهة نظر متوسط الأجل، تزيد عن 12 شهرا.
ودفعت التوقعات بتدهور الوضع الاقتصادي في مصر إلى توقع ارتفاع الدولار، مع وجود خطر ائتماني في مصر، واستبعاد قدرة الدول الدائنة على إعادة هيكلة طوعية للديون، تدفع الحكومة إلى التخلف عن سداد خدمات وأدوات الدين.
ويظهر التقرير مخاوف المستثمرين من ارتفاع حالة الاضطراب الاجتماعي، مع زيادة معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة، إلى ما يزيد عن 50٪، خلال عام، ومنافسة مؤسسات الجيش للقطاع الخاص، وتحوّل الغلاء إلى مرض مزمن، أعاد إلى الأذهان الأسباب المحفزة لحالة الفوران الاجتماعي التي شهدتها مصر منذ عام 2011، والتي زادت دوافعها حاليا، في ظل عدم وجود مؤسسات مدنية قادرة على العمل كبديل للنظام الحالي، المؤثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي.
وأشار التقرير إلى وجود فجوة كبيرة في ميزان المدفوعات تتطلب إصلاحا كبيرا، في ظل توقّع انخفاض تدفّق القروض وتدهور مصادر العملة الصعبة، مع تباطؤ النشاط الصناعي عالميا، وسط مخاطر استمرار إعادة الهيكلة الطوعية للديون، ومخاوف التخلف عن السداد للقروض أو مستحقات الصكوك والسندات، واعتماد الحكومة بشكل قاطع على دعم مؤسسات التمويل ودول الخليج.
وأظهر التقرير أن مستويات الدين آخذة في الاستقرار، مع ذلك فإن مراكز خدمة الديون لا تزال ضعيفة، حيث تعادل مدفوعات الفائدة وحدها ما يقرب من نصف الإيرادات الحكومية العامة.
ويتوقع الخبراء أن تبلغ خدمة الديون ذروتها في العام المالي 2024-2025، حيث تصل إلى 29.7 مليار دولار، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.
وبلغ الدين الخارجي نحو 157 مليار دولار نهاية يونيو/حزيران 2022، بزيادة 11 مليار دولار عن نفس الفترة من عام 2021، حيث وصل إلى 146 مليار دولار، تمثل 33٪ من الناتج الإجمالي المحلي.
وتستهلك مدفوعات الفائدة على الديون الحكومية ما يقرب من نصف الإيرادات السنوية للموازنة العامة للدولة.
ويشير التقرير إلى تفاقم مخاوف الخبراء من عدم قدرة البنك المركزي على مواجهة التضخم المتسارع، وعدم التزام الحكومة بخطط بيع الحصص التي أعلنت عنها في 32 شركة، وغياب المعلومات والتفاصيل حول برنامج البيع، في وقت لديها سجلّ حافل مخيب للآمال مستمر في السنوات الأخيرة، يدفع التوقعات بالتفاؤل إلى مستوى متدن للغاية.
ورصد التقرير إبلاغ الحكومة عن تدفقات نقدية من العملة الأجنبية، نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بقيمة 915 مليون دولار، لم يتعرف على مصدرها، في وقت سمحت فيه بمزيد من التراجع في قيمة الجنيه، بلغت 17٪، خلال 5 أيام في يناير الماضي، رغم خطورة زيادة التدهور في قيمة الجنيه على ارتفاع معدلات التضخم.