استمع إلى الملخص
- المواطنون يعانون من تأثيرات سلبية مباشرة، مثل رفع الضريبة على بيع النقد الأجنبي وإغلاق المنظومة الإلكترونية للمصرف، مما يدفعهم للجوء لمدخراتهم أو العمل بوظائف إضافية لتلبية احتياجاتهم.
- تفاقمت الأزمة بوقف إنتاج النفط، مما أدى إلى طوابير طويلة أمام محطات الوقود. رغم إعلان صرف الرواتب، يستمر القلق بين المواطنين، ويأمل الليبيون في حل الأزمة عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية.
يعيش الليبيون قلقاً متواصلاً بسبب الغموض المهيمن على مصير إدارة البنك المركزي، وسط مخاوف من ارتفاع الأسعار بالنسبة للخدمات والمواد الأساسية من جديد في المستقبل القريب، والحيرة بشأن أوضاع بلادهم في المستقبل البعيد.
ولا يزال طرفا الصراع المتسببان في أزمة المصرف المركزي متمسكين بمواقفهما، ففيما أعلن المجلس الرئاسي، الخميس، عن قبوله بدعوة البعثة الأممية بشأن عقد حوار حول أزمة المصرف للتوصل إلى حل توافقي، لم يصدر عن مجلس النواب أي موقف جديد بعد موقفه السابق من رفض قرارات المجلس الرئاسي بشأن تغيير إدارة المصرف.
وفي اشتراط يعكس استمرار حدة التصعيد حول أزمة المصرف، ربط المجلس الرئاسي قبوله دعوة البعثة بأن يكون الحوار مبنيا على الفقرتين الخامسة والسابعة من المادة الرابعة من اتفاق جنيف، وانتقال اختصاص البت في شاغلي المناصب السياسية الى ملتقى الحوار السياسي.
وتنص الفقرتين المشار إليها في نص اتفاق جنيف على أن يتوافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على تعيين شاغلي المناصب السياسية في غضون ستين يوما من توقيع اتفاق جنيف (تم توقيعه في نوفمبر 2020)، و"في حال تعذُّر إصدار القرارات المطلوبة في المواعيد المُحددة؛ يؤولُ البتُ فيها إلى مُلتقى الحوار السياسي"، في إشارة إلى ملتقى الحوار المشكل من البعثة الأممية منتصف العام 2020 من 75 شخصية ليبية.
تأثير ارتفاع الأسعار
ووسط حدة الخلاف، يعبر سالم هويدي، وهو مواطن من زليتن شرق طرابلس، عن تضاءل أمله في حدوث أي انفراجة لحل أزمة البلاد، معتبرا أن مرور أيام من دون أن يتضح الوضع في المصرف المركزي "خلق حالة من الهلع والخوف، فالأمر مرتبط بمؤسسة هي الأقرب إلى حال الناس اليومية وفي تماس مع معاشهم بشكل مباشر".
ويشير هويدي إلى ما وصفه بـ"الضربات" السريعة للمواطن خلال أشهر قصيرة، موضحا أن المواطن لم يخرج من صدمة رفع الضريبة الإضافية على بيع النقد الأجنبي التي اقترحها المصرف المركزي وشرعنها مجلس النواب في الأشهر الماضية، حتى وجد نفسه في دوامة أزمة المصرف المركزي نفسه.
ويعلق هويدي بالقول لـ"العربي الجديد": "الضربات جاءت فجائية ومتسارعة. في مواجهة القرار الأول، وجدنا أسعار كل شيء في السوق تلتهب وترتفع والمصارف لا توجد فيها سيولة نقدية، وبين اللجوء الى البطاقات المصرفية والبحث عن محال تقبل بالتعامل بها، جاءت الضربة الثانية عندما أعلن المصرف إغلاق المنظومة الإلكترونية وأقفلت نافذة البطاقات التي كانت طريق المعاش الوحيد".
وحول الوسائل التي يلجأ إليها هويدي لشراء حاجات اليومية، يفيد بأنه يصرف من مدخراته الخاصة التي تتآكل من مرور الأيام، مستدركا بالقول: "لكن كم من الناس من يملك مدخرات ليلجأ إليها؟ الوضع بات بائسا للغاية". أما عمار مكرم، من سكان حي بير الأسطا ميلاد في تاجوارء، شرق طرابلس، فقد عاد للعمل على سيارته الخاصة في نقل الركاب بعد انتهاء دوامه الرسمي، ويعمل مكرم موظفا في قطاع التعليم.
وبسبب عدم وصوله إلى راتبه منذ شهرين، يقول مكرم في حديث لـ "العربي الجديد" إنه اضطر للعمل في دوام آخر مساء كل يوم، ويوفر مكرم مبلغا يوميا مناسبا لشراء لوازمه الضرورية، لكن عرقلة أخرى باتت تواجه استمرار عمله هذا، وهي عدم قدرته على الحصول على الوقود في ظل عودة الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود منذ يومين بعد انفراجة نسبية.
أزمة وقود
وتزامنت أزمة الوقود مع قرار من جانب حكومة مجلس النواب بشأن وقف إنتاج النفط ردا على مضي المجلس الرئاسي في قراراته بشأن تغيير إدارة المصرف المركزي، وأكد مجلس النواب في بيان له استمرار العمل بقرار الحكومة إلى حين رجوع محافظ المصرف المعين من قبله إلى عمله.
وعلى الرغم من إعلان إدارة المصرف المركزي المكلفة من المجلس الرئاسي عن توجيه خطابها للمصارف التجارية بشأن صرف رواتب المواطنين لشهر أغسطس/ آب الجاري، إلا أن ناجية بن يونس، من سكان عين زارة بطرابلس، تشترك في التعبير عن قلقها من تصاعد أزمة المصرف، موضحة أنها تابعت أخبارا على وسائل الإعلام تتحدث عن توجيه الحكومة في طرابلس أوامرها للمصارف التجارية لصرف رواتب الموظفين بإجراءات استثنائية، قد تجعلها غير قادرة على الاستمرار في صرفها للأشهر اللاحقة.
وتتساءل بن يونس بالقول في حديثها لـ"العربي الجديد": "كيف يمكنني شراء لوازم الدراسة لأطفالي والعام الدراسي على وشك البدء"، وعلى الرغم من علمها بقرار وزارة التعليم بطرابلس عن تأجيل الدراسة إلى منتصف سبتمبر/ أيلول المقبل بدلا من الأول منه، لكنها تضيف: "ومع ذلك، كيف يمكنني الشراء حتى لو توفر راتب هذا الشهر والأسعار في ارتفاع مستمر".
وأعلن مصرف ليبيا المركزي في ساعة متأخرة الخميس عن استعادة العمل بكافة الأنظمة المصرفية، بما في ذلك النظام المصرفي الرئيسي "أوراكل"، بعد توقف نتيجة لحجب وتعطيل الأنظمة من قِبَل الإدارة السابقة. ويأمل الليبيون حل الأزمة السياسية عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها، والتي تحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.