قلق من احتمال انزلاق سعر الإسترليني إلى دولار واحد

13 يونيو 2022
مستثمر يراقب تراجع الإسترليني على شاشات التداول (Getty)
+ الخط -

بينما نجا رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون من تصويت حجب الثقة عنه في البرلمان الأسبوع الماضي، يثار السؤال عما إذا كان الجنيه الإسترليني سينجو خلال الشهور المقبلة من الانهيار ربما إلى نحو دولار واحد.

ووسط عمليات بيع مكثفة في سوق الصرف تراجع سعر صرف العملة البريطانية في إغلاق يوم الجمعة في لندن إلى قرابة 1.23 دولار. ويرى محللون أنّ الجنيه الإسترليني ربما سيتراجع أكثر مقابل العملات الرئيسية خلال العام الجاري بسبب ضغوط النمو والتضخم التي يعاني منها الاقتصاد بسبب تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.
في هذا الصدد، يرى خبير العملات بمصرف جي بي مورغان الاستثماري الأميركي، سام زيف في تعليقات لقناة سي أن بي سي، أنّ المستثمرين في سوق الصرف يركزون على شراء اليورو وبيع العملة البريطانية على الرغم من أنّ الإسترليني رخيص في الوقت الراهن.
وكان العديد من المضاربين وكبار تجار العملات قد حققوا أرباحاً ضخمة من المراهنة على ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل اليورو خلال العام الجاري، ويتجهون نحو استخدام هذه الأرباح في المراهنة على اليورو.

وكانت العملة الأوروبية قبل بداية الغزو الروسي لأوكرانيا تتجه نحو الارتفاع إلى 1.20 دولار قبل أن تضربها كلف الحرب وتداعياتها على النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو وبقوة زلزالية دفعتها إلى قرابة يورو واحد مقابل الدولار.

المركزي الأوروبي يتجه نحو تشديد السياسة النقدية والتحول من الفائدة السالبة، التي أرهقت القطاع المصرفي الأوروبي

يذكر أنّ البنك المركزي الأوروبي يتجه نحو تشديد السياسة النقدية والتحول من الفائدة السالبة، التي أرهقت القطاع المصرفي الأوروبي، وكذلك طي صفحة "التيسير الكمي" ووقف برنامج شراء السندات.

وهذه العوامل ربما ستدعم سعر صرف اليورو خلال العام الجاري. في هذا الشأن، يتوقع خبير العملات بمصرف غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي، زاك باندل، أن يتراجع سعر صرف الإسترليني ربما إلى 1.19 دولار.
وقال باندل في تعليقات لموقع "ستيرلنغ باوند" البريطاني، "رغم توقعاتنا بضعف النمو الاقتصادي الأميركي، فإن تحسن أرقام البطالة في مايو /أيار سيقلل من مخاوف ضعف الاستهلاك الإنفاقي في الولايات المتحدة، وبالتالي سيدعم قوة الدولار".
وفي ذات الصدد يتوقع محللون أن يتواصل ضعف سعر صرف الإسترليني مقابل العملة السويسرية، وأن يتراجع إلى نحو 1.18 فرنك.

ومن بين العوامل الكبرى التي دفعت العملة البريطانية للتراجع تحذيرات البنك المركزي البريطاني "بنك إنكلترا" التي توقع فيها تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد وارتفاع معدل التضخم إلى 10% بنهاية العام الجاري.

وقال محافظ "بنك إنكلترا" أندور بيلي، في مايو/أيار الماضي إنّ "بريطانيا تواجه انكماشاً حاداً في النمو الاقتصادي، لكنّه قد لا يصل إلى مرحلة الركود".

وفي أعقاب هذه التصريحات خسر الإسترليني أكثر من 2% من قيمته وتراجع سعر صرفه مقابل الدولار إلى أقل مستوياته منذ العام منذ يوليو/ تموز العام 2020.
يذكر أنّ الإسترليني كان ثالث أسوأ عملة لناحية الأداء بين العملات الرئيسية في سوق الصرف العالمي. وخسرت العملة البريطانية أكثر من 8% منذ بداية العام الجاري.

الإسترليني ثالث أسوأ عملة لناحية الأداء بين العملات الرئيسية في سوق الصرف. وخسر أكثر من 8% منذ بداية العام الجاري

وإلى جانب ارتفاع معدل التضخم وانكماش النمو الاقتصادي، يعاني سعر صرف الإسترليني من تراجع العائد على سندات الخزينة البريطانية أجل 10 سنوات، إذ انخفض العائد إلى نحو 1.85% حسب بيانات "باوند سترلينغ".
وهنالك قلق بين المستثمرين في بريطانيا من تراجع صرف الإسترليني إلى دولار واحد مثلما حدث في العام 1985، خصوصاً أن هنالك تبايناً في النمو الاقتصادي بين الولايات المتحدة وبريطانيا.

كما تشير التوقعات إلى أنّ الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) ربما يرفع الفائدة بأكثر من 0.5% في بعض جلسات البنك إذا لم يتراجع معدل التضخم. لكنّ معظم خبراء المصارف لا يرجحون حدوث مثل هذا الاحتمال.

يذكر أنّ البنك المركزي البريطاني قد رفع سعر الفائدة إلى واحد في المائة حتى الآن، وهو أعلى معدل منذ العام 2009.

ماذا يعني تراجع الإسترليني؟

على الصعيد المحلي في بريطانيا، فإن الإسترليني الضعيف سيعاني المزيد من الضغوط التضخمية على نمو الاقتصاد الكلي وغلاء السلع والخدمات المستوردة بالنسبة للمواطن.

وتقول الخبيرة الاقتصادية في تحليل بموقع هارغريفس لانس داون اللندني، سوزانا ستريتا "تراجع الإسترليني مقابل الدولار يعني ببساطة أنّ واردات أميركا للمتاجر والشركات البريطانية ستكون غالية بالنسبة للمستهلك البريطاني".
وترى أنّ متاجر الأغذية والملابس ستضطر إلى رفع أسعارها أكثر لتغطية فواتير البضائع المستوردة من أميركا، وربما كذلك تلك المستوردة من أوروبا في حال ارتفاع اليورو عن مستوياته المتدنية الحالية.

وإضافة إلى ذلك فإنّ السائح البريطاني سيجد نفسه مضطراً خلال الموسم الحالي لدفع أموال أكثر لتغطية العطلة الصيفية خارج بريطانيا، كما سيجد أن القوة الشرائية للإسترليني في منتجعات الاصطياف أقل كثيراً مما كانت عليه في السنوات الماضية.

السائح البريطاني سيجد نفسه مضطراً خلال الموسم الحالي لدفع أموال أكثر لتغطية العطلة الصيفية خارج بلاده

لكن على الصعيد الاستثماري ترى الخبيرة سريتا، أن الشركات البريطانية التي تعتمد في دخلها على الأسواق الخارجية، ستستفيد من ضعف العملة حينما تحول دخلها الخارجي، خصوصاً من فروعها في أميركا إلى مقرها البريطاني، إذ إنّ تحويل الدخل بالدولار إلى الإسترليني سيرفع من إجمالي الدخل.
كما تقول كذلك إنّ البورصة البريطانية ستكون مستفيدة من تراجع صرف الإسترليني، إذ إنّ مؤشر فاينانشيال تايمز ــ 100 سيرتفع بسبب انتعاش المشتريات الأجنبية للأسهم البريطانية الرخيصة.

ومعروف أنّ المستثمرين الأميركيين لهم ارتباطات استثمارية كبيرة بالبورصة البريطانية.

المساهمون