قلق اقتصادي فرنسي من نتائج الانتخابات التشريعية

26 يونيو 2024
مرشحون يساريون في جولة باريسية لحشد الناخبين، 24 يونيو 2024 (ماغالي كوهين/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سوق السندات العالمية يعيش حالة من القلق بسبب الوضع السياسي في أوروبا، مع تركيز خاص على فرنسا والانتخابات المبكرة المقررة في 30 يونيو، والتي يخشى أن تؤثر سلبًا على معنويات المستثمرين.
- الاقتصاد الفرنسي يواجه تحديات كبيرة مثل الركود وعجز الميزانية، مع غياب إصلاحات كبيرة في سوق العمل، مما يثير المخاوف حول استقرار الديون العامة وإمكانية ظهور حكومة شعبوية.
- توقعات بأن تؤثر نتائج الانتخابات الفرنسية بشكل كبير على سوق السندات، مع سيناريوهات محتملة تشمل "الجمود الهش" و"الشراكة المحرجة"، وتأثير محتمل سلبي على أداء الأسهم الفرنسية بناءً على تعامل الحكومة الجديدة مع التحديات المالية.

ينتاب القلق سوق السندات العالمية من توجهات أوروبا السياسية المثقلة بالديون، حيث يظل التركيز على السياسة الفرنسية بصفتها ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بعد ألمانيا. ويراقب المستثمرون بتوتر شديد نتائج الانتخابات المبكرة في فرنسا، مع تحديد الجولة الأولى في 30 يونيو/ حزيران.

ويراقب المحللون أيضاً البيانات لمعرفة كيف يتعافى اقتصاد منطقة اليورو، وخصوصاً ما هي المؤشرات التي يمكن الاستناد إليها على أن نتائج الانتخابات الفرنسية المقبلة تضر بمعنويات المستثمرين في الديون الأوروبية، ولا سيما أن هنالك قلاقل من أن تسبب نتائج الانتخابات فقدان السوق الثقة بديون البلاد، ودفع الفارق الفرنسي للسندات أجل 10 سنوات إلى ما يزيد على مستوى 100 نقطة أساس. 

في هذا الشأن، قال مصرف اليانز الفرنسي في تقرير حديث: "كان الاقتصاد الفرنسي في حالة ركود لبعض الوقت، كذلك فإن الموارد المالية العامة منهكة". وتعاني فرنسا باستمرار من عجز في الميزانية العامة أكبر من متوسط منطقة اليورو، بل وأكثر من ذلك مقارنة بألمانيا. وعلى عكس بعض دول منطقة اليورو الأخرى، لم تُجرِ فرنسا إصلاحات كبيرة على اقتصادها، خصوصاً في سوق العمل، خلال أزمة الديون السيادية الأوروبية في الفترة من 2009-2010. ووفق المصرف، فإن احتمال قيام حكومة شعبوية في فرنسا تسعى لزيادة الإنفاق العام يُعَدّ خطراً على الأسواق.

أما التحدي الثاني، فيرى المصرف أن فرنسا تخلفت عن دول أخرى على مدى العقد الماضي في توليد النمو. ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يتخلف نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي عن نظيره في الولايات المتحدة وألمانيا على مدى السنوات الخمس المقبلة. ويساعد هذا في تفسير نجاح حزب زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان في انتخابات الاتحاد الأوروبي.

وتشير التقديرات المستندة إلى البرنامج الذي وضعته لوبان عندما ترشحت للرئاسة في عام 2022 إلى أن تكلفة سياسات الحزب على الاقتصاد الفرنسي ستبلغ 101 مليار يورو. وفي الواقع، يخطط حزب الجبهة الوطنية الذي تقوده لوبان لإجراء إصلاحات على مرحلتين لطمأنة الأسواق في وقت تعاني فرنسا بالفعل من مستويات عالية من الدين العام.

وقد يؤجل تنفيذ بعض الإصلاحات، مثل التزام تخفيض سنّ التقاعد إلى 60 عاماً لبعض العمال، والتخفيض المقترح لضريبة القيمة المضافة بقيمة 7 مليارات يورو على السلع الأساسية المنزلية. كذلك يرغب حزب الجبهة الوطنية في تنفيذ بعض السياسات الاقتصادية التي تجعل منه حزباً معتدلاً ومسؤولاً لتعزيز فرصه في الانتخابات الرئاسية لعام 2027. 

ويرى محللون أن الأسواق تجد سياسات التحالف اليساري أكثر إثارة للقلق، وتشمل عادة فرض ضريبة الثروة، وزيادة ضريبة الدخل على أصحاب الدخل الأعلى، وتجميد أسعار المواد الغذائية الأساسية والطاقة. ويُعَدّ التنافس للسيطرة على الجمعية الوطنية واحداً من أكثر الصراعات التي تخضع للتدقيق منذ عقود. ويطالب المستثمرون الذين يشعرون بالقلق من أن أي فائز من الكتلتين قد يسبب تضخم قروض فرنسا، وزيادة علاوة المخاطر على سنداتها بأكبر نسبة منذ عام 2012، ويتساءلون عمّا إذا كانت فرنسا ستكمل أزمة الديون السيادية الأخيرة التي ضربت أوروبا في بداية العقد الثاني من القرن الحالي. 

ويرى تحليل حديث بوكالة بلومبيرغ أن هناك عدة سيناريوهات لنتائج الانتخابات على سوق السندات الأوروبية، أولها الجمود الهشّ، وهي النتيجة الأكثر ترجيحاً بناءً على استطلاعات الرأي الحالية، حيث يحصل حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة ماريان لوبان على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، ولكن ليس بما يكفي لتحقيق الأغلبية.

وفي هذه الحالة، يرى الاستراتيجيون أن هناك علاوة أعلى للإبقاء على السندات الفرنسية في مكانها في ظل هذه النتيجة. أما السيناريو الثاني، فهو الشراكة المحرجة، حيث يحصل اليمين المتطرف على ما يكفي من الدعم لتشكيل حكومة، ما يفرض ما يُسمى "التعايش" مع ماكرون.

وستكون اللهجة التي ستتبعها قيادة الحزب أساسية في تحديد كيفية أداء السندات. أما السيناريو الثالث، فهو أن يتفوق اليسار في الأداء، حيث تفوز الجبهة الشعبية الجديدة، التحالف اليساري الذي يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي، بطريقة أو بأخرى. وهذه هي النتيجة الأسوأ بالنسبة إلى مستثمري السندات. أما السيناريو الرابع والأخير، فهو أن ينتصر ماكرون، ويُنظر إلى هذا الأمر على أنه مستبعد للغاية في الوقت الحالي. 

ويقدر بنك باركليز البريطاني أن علاوة العائد على السندات السيادية الفرنسية مقارنة بالسندات الألمانية ستبقى مرتفعة عند حوالى 80 نقطة أساس. ولكن مع المزيد من التوسع المالي في الإنفاق، من الممكن أن ترتفع العلاوة إلى أكثر من 100 نقطة أساس، وهو المستوى الذي شوهد آخر مرة في أعماق أزمة الديون في منطقة اليورو. 

على صعيد أداء الأسهم، يقول "باركليز" إن أداء الأسهم الفرنسية سيعتمد على مدى دفع الحزب للإمكانات المالية الضيقة في فرنسا. فإذا قامت الحكومة بمحاكاة حكومة ميلوني، فقد تستفيد الأسهم. ولكن إذا تدهورت مقايضات الائتمان في فرنسا، فإن القطاعات الأكثر عرضة للخطر، وهي البنوك والبناء والمرافق والدفاع، ستعاني من التدهور.

المساهمون