أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، دخول شركة قطر للطاقة شريكاً مع "توتال إنرجيز" الفرنسية و"إيني" الإيطالية، ضمن اتفاقية استكشاف وإنتاج الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية.
وجاء ذلك في حفل أقيم في بيروت، حضره وزير الدولة لشؤون الطاقة والرئيس التنفيذي لـ"قطر للطاقة" سعد بن شريدة الكعبي، والرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجيز باتريك بويانيه، والرئيس التنفيذي لشركة إيني كلاوديو ديسكالزي، ووزير الطاقة اللبناني وليد فياض.
وقال ميقاتي إنّ "وجود شركة قطر للطاقة حدث مهم واستثنائي في استكشاف وإنتاج الطاقة في المياه البحرية اللبنانية". وذكر أنّ الاستثمار القطري في قطاع الطاقة "يشكّل شراكة استراتيجية بين لبنان وقطر، ويفتح الطريق مستقبلاً لاستثمارات عربية وخليجية على وجه الخصوص".
وأكد ميقاتي أنّ "بدء عملية الاستكشاف والأنشطة البترولية في المياه اللبنانية سوف يكون له الأثر الإيجابي، في المديَيْن القصير والمتوسط، على إيجاد فرص للشركات اللبنانية المهتمة بقطاع الخدمات في مجال البترول، ويوفّر فرص عمل للشباب اللبناني وبخاصة للعاملين في المجال التقني".
وشدد على أنه "في حال اكتشاف كميات تجارية، فإنه سوف يصار إلى تطوير هذا الاكتشاف بالسرعة المطلوبة، وإمداد السوق اللبناني وبخاصة معامل الكهرباء بالغاز الطبيعي، ما سوف يسهم نمواً في الاقتصاد المحلي".
وقال ميقاتي: "يشكّل دخول شركة قطر للطاقة واستحواذها على نسبة 30% من اتفاقيتي الاستكشاف والإنتاج في البلوكين 4 و9 حدثاً مهماً واستثنائياً في قطاع الاستكشاف والإنتاج عن البترول في المياه البحرية اللبنانية، لما لشركة قطر للطاقة من مكانة وخبرة مرموقتين عالمياً في صناعة الغاز".
وأشار إلى أنه "سوف يقوم المشغّل، الشركة الفرنسية التي تملك حصة 35%، بالإضافة إلى الشركة الإيطالية التي تملك حصة 35%، ببدء الحفر في البلوك 9، بعد إتمام المسوحات البيئية وعمليات التلزيم المرتبطة بالحفر وإطلاق الأنشطة اللوجستية من مرفأ بيروت".
وأكد أنّ "ائتلاف الشركات العاملة في البلوكين 4 و9 سوف يسهم في دفع الاستثمارات في قطاع الطاقة في لبنان قدماً"، معتبراً أنّ "ائتلاف هذه الشركات، المرموقة عالمياً، يعزز ثقة الاستثمار في لبنان، بالرغم من الظروف الصعبة الذي يمرّ بها، ويضع البلاد في المستقبل على الخريطة النفطية في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط".
كذلك، أشار ميقاتي إلى أنّ "الاستثمار القطري في قطاع الطاقة يشكّل شراكة استراتيجية بين لبنان ودولة قطر، ويفتح الطريق مستقبلاً لاستثمارات عربية وخليجية على وجه الخصوص، لما في مصلحة لبنان وأشقائه العرب".
دعم قطر للتنمية الاقتصادية
من جهته، قال وزير الدولة لشؤون الطاقة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ"قطر للطاقة"، سعد بن شريدة الكعبي، إنه "بموجب الاتفاقيات، ستستحوذ قطر للطاقة على حصة تبلغ 30% في كلتا المنطقتين، بينما ستحتفظ شركتا توتال إنرجيز وإيني بحصة قدرها 35% لكل منهما".
ورأى وزير الطاقة القطري أنّ "هناك العديد من العناصر التي تجعل هذه الاتفاقية مهمّة بالنسبة إلى لبنان وكذلك لقطر والطاقة، منها أنها أتت في أعقاب التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية، الذي مهّد لنا الطريق لبدء هذا الجهد الطموح، أما بالنسبة إلينا في قطر، فإنّ هذه الاتفاقية المهمة تمنحنا فرصة لدعم التنمية الاقتصادية في لبنان، خلال هذا المنعطف الحرج"، مشدداً على أنّ قطر "موجودة دائماً لدعم مستقبل أفضل للبنان وشعبه".
وأشار إلى أنّ "التركيز اليوم على البلوك رقم 9، باعتبار أنّ الشركات حفرت في البلوك رقم 4 ولم توفَّق، لكن في البلوك رقم 9، إذا البئر الأول كان ناجحاً، فهذا يعني أنه ممكن أن تكون هناك مناطق أخرى في البلوك نفسه تحتاج إلى استكشاف".
قطر للطاقة تستحوذ على 30% من حقوق الاستكشاف في منطقتين بحريتين في المياه اللبنانية#قطر_للطاقة #قطر pic.twitter.com/GyIUIsQVnD
— QatarEnergy (@qatarenergy) January 29, 2023
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجيز باتريك بويانيه: "إننا بالمحاولة الأولى لم نجد الموارد في الرقعة رقم 4، لكن هدفنا الثاني كان الرقعة 9، وقررنا العمل في البلوك وعرفنا أنّ الأمر ليس سهلاً نظراً للنزاع الذي كان قائماً على الحدود البحرية، لذلك، نحن سعداء باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الذي ساهمت شركتنا بالوصول إليه، وبدعم من الإدارتين الأميركية والفرنسية ودول أخرى عديدة".
وأشار بويانيه إلى "أننا هنا اليوم لأنه وصلت إلينا ضمانات من جميع الأطراف بتنفيذ العمل لما فيه من مصلحة لبنان، ولا تأخير متوقعاً، والتزامنا واضح ببدء الأعمال".
وأعلن بويانيه أنّ "الخطة هي للسنة المقبلة، إذ أولاً لا بدّ من إجراء تقييم بيئي، والباخرة ستأتي إلى المكان في 6 فبراير/ شباط المقبل، وتجري القياسات، وفي أواسط يونيو/ حزيران، سنصدر التقرير، ونحوز بعدها على موافقة هيئة إدارة قطاع البترول، وجهاز الحفر سيكون حاضراً في أواسط الفصل الثاني، ثم نحتاج إلى 3 أو 4 أشهر للتنقيب، إذ إنّ البئر سيكلّف مئة مليون دولار، وهذا التزام أول، وما كنا خضناه لو لم نكن على بيّنة من المستقبل".
ولفت إلى أنه "في ختام السنة أو مطلع العام المقبل، ستكون النتيجة معنا، فإذا كانت إيجابية، فسنتابع العمل، ونأمل أن نعود بعد سنة لنعلن أنّ النتيجة إيجابية".
من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة إيني للطاقة كلاوديو ديسكالزي إنّ "هناك موارد نفطية كبيرة في البحر المتوسط، والوقت الحالي مهم جداً للاستثمارات النفطية وسط أزمة الطاقة العالمية"، معتبراً أنّ مشروع التنقيب عن النفط "يعزز اقتصاد لبنان وتنميته".
وأشار إلى أنّ "هذه خطوة أولى لكنها أساسية، نحن لدينا مكامن في البلوك رقم 9، وسنكون جاهزين لننتظر الفرص الجيدة، وعندما نجد أمراً يهمنا، سنسارع عندها إلى الإنتاج"، مؤكداً "نحن متفائلون، وفي ظل قيادة المشغل، وهي شركة توتال، سنعمل معاً من أجل أن نأتي بما هو أفضل للبنان".
لبنان على الخريطة البترولية
وبدوره، قال وزير الطاقة اللبناني وليد فياض: "نتطلّع إلى هذا الحدث الذي لم يشهد له لبنان مثيلاً على مدى الخمسين سنة الماضية، ليشكّل انطلاقة لمرحلة جديدة تساهم في تثبيت موقع لبنان على الخربطة البترولية للمنطقة، ويعزز دوره كوجهة استثمارية، ويفتح نافذة أمل لمرحلةٍ مقبلة تبشّر بازدهار لبنان".
وتابع فياض: "أتممنا اليوم من خلال حفل التوقيع التزام شركائنا بمواصلة أعمال التنقيب في البحر اللبناني، وخصوصاً في البلوك رقم 9 الذي يقع في القطاع الجنوبي من المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة، بعد الإنجاز التاريخي، بوساطة أميركية مرحّب بها، بتثبيت حدود لبنان البحرية الجنوبية، كما أودعت لدى الأمم المتحدة عام 2011، وثبّت حق لبنان في التنقيب عن ثرواته الطبيعية ووفّر بيئة استثمارية آمنة لشركائنا ولشركات الطاقة العالمية الراغبة بالاستثمار في قطاع الطاقة اللبناني الغنيّ بالفرص، كما أمّن الإنجاز حقوق لبنان في كامل حقل قانا بغض النظر عن حدوده جنوباً".
وأضاف "إنّني وإذ أتطلّع لشراكة طويلة الأمد تبدأ من البلوكين رقم 4 و9، لتستتبع بعروض إضافية للبلوكات المعروضة للمزايدة حالياً، آمل مع بقية اللبنانيين أن تسهم الاكتشافات في المستقبل القريب في مساعدة لبنان على تحقيق أهدافه الاستراتيجية، وأهمّها زيادة وتيرة الأنشطة الاستكشافية، إطلاق عجلة التنمية الاقتصادية عبر اقتصاد منتج واستثماري، والاستفادة من مرحلة الانتقال الطاقوي التي نعيشها حالياً حيث يشكّل الغاز الطبيعي ركناً اساسياً فيها".
وأكد فياض، في معرض ردّه على أسئلة الصحافيين، أنّ "التحالف يضمّ شركاء عالميين هم شديدو الحرص على أن يكون العمل نزيهاً مالياً، اقتصادياً وإنمائياً، وكلي ثقة أن لا هدر للثروة الوطنية والمال العام".
ووقعت الحكومة اللبنانية عام 2018 عقوداً مع تحالف "توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية و"نوفاتيك" الروسية (انسحبت لاحقاً) للتنقيب عن النفط والغاز في الرقعتين 4 و9، على أن تبدأ أعمال حفر الآبار الاستكشافية خلال 3 سنوات، وقد تبين أنّ الرقعة 4 جافة، وثم توقفت الأعمال فيها، بيد أنّ الحفر في الرقعة 9 لم يبدأ نتيجة الصراع البحري بين لبنان وإسرائيل، علماً أنّ حقل قانا يعد من الحقول المحتملة، لكن هناك دراسات ثنائية وثلاثية الأبعاد، أجريت قبل 10 سنوات، تظهر احتمال وجود غاز في البلوك المذكور.
وفي مايو/ أيار 2022، مدّد مجلس الوزراء اللبناني العقد، بإضافته سنة للرقعة 4، وسنتان و7 أشهر للرقعة 9، في تمديدٍ ثانٍ بعد الأول الذي تقدمت بطلبه "توتال" بفعل أحكام قانون تمديد المهل، علماً أنّ "توتال" كررت مرات عدة أنها لن تستأنف العمل قبل انهاء الصراع اللبناني الإسرائيلي وإتمام الترسيم البحري.
وبعد إتمام اتفاق الترسيم البحري في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي يمنع لبنان من الاتفاق مع شركة معاقبة دولياً لا سيما أميركياً، أو أن تكون لبنانية أو إسرائيلية، أعلن وفد الشركة الفرنسية أنّ "منصة الحفر ستستقدم ابتداءاً من العام 2023 لبدء الاستكشاف والتنقيب، وفق النصوص الواردة في الاتفاق مع هيئة قطاع البترول في لبنان والتي تتلقى تباعاً المعطيات التي تتوفر خلال عمليات التنقيب".