قطار الاقتراض المصري السريع... متى يتوقف؟

19 فبراير 2019
المواطن البسيط هو من يتحمل كلفة الاقتراض (Getty)
+ الخط -



بدأت وزارة المالية المصرية اليوم الثلاثاء إجراءات اقتراض 5 مليارات دولار من الأسواق الدولية عبر طرح سندات في بورصة لوكسمبورغ، علما بأنه في نفس التوقيت من العام الماضي تم اقتراض 4 مليارات دولار من هذه البورصة تحديدا، كما جرى خلال شهر فبراير/شباط الماضي اقتراض أكثر من 3 مليارات دولار منها ملياران قيمة الشريحة الخامسة لقرض صندوق النقد الدولي.

إذن، لا أحد في مصر يعرف على وجه الدقة متى يتوقف قطار الاقتراض الخارجي الذي تضاعفت سرعته بدرجة جنونية خلال السنوات الخمس الأخيرة ليقترب الدين الخارجي من حاجز المائة مليار دولار، وهو رقم مخيف مقارنة بحجم التدفقات النقدية السنوية للبلاد والالتزامات الخارجية المستحقة، ويرتب التزامات خطرة على الأجيال المقبلة.

ولا أحد يجيب عن هذا السؤال الملحّ: ماذا بعد انتهاء الاتفاق الحالي مع صندوق النقد الدولي والمحدد له منتصف العام الجاري وصرف الشريحة السادسة والأخيرة من قرض بقيمة 12 مليار دولار؟

هل سيتم مد آجال الاتفاق مع الصندوق، وبالتالي يقبع المواطن البسيط لسنوات مقبلة تحت نيران وسياسات الصندوق المذلة، وترهن البلاد قرارها الاقتصادي والمالي لمؤسسات مالية دولية تعمل لمصلحتها وليس لمصلحة الاقتصاديات الوطنية والمواطن.

لم يعد أحد يصدق تصريحات الحكومة المتواصلة بفرملة الاقتراض، ووضع قيود عليه، بحيث لا يتم الاقتراض من الخارج إلا لأغراض محددة ولصالح مشروعات تدر عائداً دولارياً يتم من خلاله سداد الأقساط والفوائد منها.

ولا أحد يفسر سر وتيرة الاقتراض الخارجي المتسارعة رغم دخول البلاد 163 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية، كما قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مؤخراً، اللهم إلا إذا كان الجزء الأكبر من هذه الأموال ناتجا عن الحصول على قروض وليس عن موارد ذاتية خاصة من أنشطة السياحة والصادرات وتحويلات المغتربين والاستثمارات الأجنبية؟

ولا أحد يعرف من أين سيتم تمويل عجز الموازنة العامة للدولة واحتياجات البلاد التمويلية عقب نفاذ قرض صندوق النقد وتوقف الدائنين الآخرين عن منح البلاد المزيد من القروض، علما بأن الحكومة اقترضت أكثر من 50 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة، إضافة إلى مساعدات خليجية تجاوزت الرقم.

ولا تُعرف ما هي خيارات الحكومة في التعامل مع المأزق المتوقع، هل بتشجيع جذب الأموال الأجنبية الساخنة عبر طرحها مزيداً من المزايا وأبرزها زيادة سعر الفائدة على أذون الخزانة، وهو ما يرهق الموازنة ويرفع مستوى الدين العام ويعيد أجواء التضخم للأسعار والاضطرابات إلى الأسواق، علما بأن ضرر هذه الأموال على الاقتصاديات الوطنية أخطر من نفعها، أم سيتم التعامل الحكومي عبر تنشيط قطاعات اقتصادية مهمة كالسياحة والاستثمارات المباشرة وزيادة الانتاج.

لا توجد إجابات واضحة للتساؤلات السابقة، بل على النقيض نجد تسارعاً في الاقتراض الخارجي، وسباقا محموما للحصول على الأموال بغض النظر عن تكلفتها العالية وشروطها.

ببساطة، إذا لم يتم "فرملة" قطار القروض الخارجية السريع وإيجاد حلول واقعية للأزمة، فإن هذا يعني استمرار زيادة الأسعار وفرض مزيد من الضرائب والجمارك والرسوم وخفض الدعم الحكومي المقدم للسلع الرئيسية.