قصف متبادل على محطات الطاقة بين روسيا وأوكرانيا

27 ابريل 2024
منشأة للغاز الطبيعي في مدينة نويابرسك الروسية، 2 نوفمبر 2006 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- التوترات بين روسيا وأوكرانيا تتصاعد مع تبادل الهجمات على محطات الطاقة ومصافي النفط، مما يؤثر سلبًا على الأسواق العالمية ويعمق الصراع.
- العقوبات الدولية، خاصة الأمريكية والأوروبية، تستهدف قطاع الغاز الطبيعي المسال الروسي، مما يعيق خطط روسيا لتوسيع صادراتها ويؤثر على قطاع الطاقة في أوروبا.
- تصاعد التوترات بين روسيا والغرب بسبب مصادرة الأصول وردود الفعل الروسية التي شملت وضع شركات غربية تحت سيطرة "غازبروم"، مما يعكس تصاعد الصراع الاقتصادي.

تشتعل الحرب المتبادلة على محطات الطاقة بين روسيا وأوكرانيا، في الوقت الذي تشعر فيه موسكو بالقلق حيال تحركات أوروبية لتقييد صادرات الغاز الطبيعي المسال، الأمر الذي ينذر بتعمق الصراع ويلقي بظلال سلبية واسعة ليس على القارة الباردة فحسب وإنما على الأسواق العالمية، بينما لا تلوح في الأفق أي بوادر للتهدئة، حيث تتسع في الوقت نفسه جبهة مصادرة الأصول بين موسكو والغرب.

ونقلت وكالة تاس الروسية، اليوم السبت، عن إدوارد ترودنيف، مدير الأمن في مجموعة "سلافيانسك إيكو"، وهي الشركة المشغلة لمصفاة نفط "سلافيانسك" في منطقة كراسنودار جنوبي روسيا، قوله إن إدارة المصفاة اضطرت إلى تعليق بعض العمليات بعد تعرضها لأضرار في هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية.

وهاجمت أوكرانيا مصفاتي النفط "سلافيانسك" و"إيلسكي" في منطقة كراسنودار في وقت مبكر من صباح اليوم، ما تسبب في حرائق في المنشأتين، وفق مصدر في المخابرات الأوكرانية في تصريحات لرويترز. وفي ظل تراجع مكاسبها في ساحة المعركة في بعض المناطق، تشن أوكرانيا بشكل منتظم هجمات على منشآت البنية التحتية لقطاع الطاقة الروسي في محاولة للإضرار باقتصاد البلاد، وبالتالي قدرتها على تمويل جهودها الحربية، على الرغم من مطالبة الولايات المتحدة لها بالامتناع عن ذلك.

يأتي هذا بينما أطلقت روسيا وابلا من الصواريخ على أوكرانيا خلال الليل، في هجمات بدا أنها تستهدف محطات الطاقة في البلاد. وفي وقت سابق من هذا الشهر، دمرت روسيا إحدى أكبر محطات الطاقة في أوكرانيا وألحقت أضراراً بمحطات أخرى في هجوم ضخم بالصواريخ والطائرات المسيّرة، بينما جددت حملتها لاستهداف منشآت الطاقة في أوكرانيا.

ومنذ 22 مارس/ آذار الماضي، كثفت القوات الروسية قصفها على محطات الطاقة الأوكرانية، إذ هاجمت محطات الطاقة الحرارية والمائية وغيرها من منشآت البنية التحتية للطاقة بشكل شبه يومي. وفقدت أوكرانيا نحو 80% من قدرات الطاقة الحرارية ونحو 35% من قدرات الطاقة الكهرومائية، بحسب ما أفاد مسؤولون.

عقوبات على الغاز المسال

وتأتي الحرب الشرسة المتبادلة على محطات الطاقة في روسيا وأوكرانيا في وقت يتعرض قطاع الغاز الطبيعي المسال لعقوبات أميركية وأوروبية لكبح مصدر مهم من مصادر التدفقات النقدية لروسيا. وقال الكرملين، اليوم، إن روسيا ستبحث عن سبل للتغلب على أي عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي على عمليات الغاز الطبيعي المسال، وهي عقوبات تصفها موسكو بأنها غير قانونية وتحذر من تأثيرها على قطاع الطاقة في أوروبا.

وكانت ثلاثة مصادر في الاتحاد الأوروبي قد ذكرت، وفق رويترز، يوم الخميس الماضي، أن من المتوقع أن تقترح حزمة العقوبات التالية المزمعة من المفوضية الأوروبية فرض قيود على الغاز الطبيعي المسال الروسي للمرة الأولى، منها حظر عمليات إعادة الشحن في الاتحاد الأوروبي واتخاذ إجراءات بحق ثلاثة مشاريع روسية للغاز الطبيعي المسال.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للصحافيين: "المحاولات مستمرة لإخراج روسيا من أسواق الطاقة والتحول إلى أسواق أكثر تكلفة". وأضاف أن أي قيود جديدة يفرضها الاتحاد الأوروبي ستصب في مصلحة الولايات المتحدة وستعني أن يتكلف قطاع الطاقة في أوروبا المزيد في سبيل الحصول على الغاز.. وتابع: "قطعا في هذه الحالة سنبحث عن سبل للتغلب على هذه العقبات غير القانونية والمنافسة غير العادلة والإجراءات غير القانونية".

وتراوح خطة روسيا لتوسيع صادرات الغاز الطبيعي المسال مكانها، جراء العقوبات الأميركية التي تؤخر الشحنات المستخرجة من مشروع جديد ضخم. فقد بدأ إنتاج محطة الغاز الطبيعي "آركتيك 2" على سبيل المثال في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لكن البلاد لم تتمكن حتى الآن من تصدير أي شحنة جراء القيود الأميركية.

واضطرت المحطة لتقليص الإنتاج بطريقة كبيرة خلال فبراير/ شباط الماضي، بحسب بيانات قالت وكالة بلومبيرغ الأميركية في وقت سابق من إبريل/ نيسان الجاري إنها اطلعت عليها . في الوقت نفسه، أفادت صحيفة "فيدوموستي" الروسية، التي كانت أول من أعلن عن انخفاض الإنتاج، بأن محطة الغاز الطبيعي المسال "آركتيك 2" غير قادرة على تصدير الوقود، ولا تملك المساحة الكافية لتخزينه. وكانت شركة "نوفاتك"، المساهم الرئيسي في المحطة الواقعة فوق الدائرة القطبية الشمالية، تستهدف بدء عمليات التصدير مع حلول نهاية مارس/ آذار الماضي.

وتُظهر مشكلات "نوفاتك" مدى صعوبة تحقيق روسيا هدفها بمضاعفة صادرات الغاز الطبيعي المسال ثلاث مرات تقريباً مع حلول 2030. وصدّر البلد الذي كان أكبر مُصدر للغاز حول العالم قبل غزو أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، نحو 32 مليون طن من الوقود فائق البرودة السنة الماضية، ما يُعد جزءاً محدوداً من إجمالي حجم التجارة العالمية البالغ 412 مليون طن، بحسب بيانات تتبع حركة السفن.

وفرضت الولايات المتحدة قيوداً على "نوفاتك" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأجبرت مستثمرين آخرين على الخروج من مشروع الغاز المسال "آركتيك"، ومنهم "توتال إنرجيز" الفرنسية و"ميتسو آند كو" اليابانية اللتان أعلنتا حالة القوة القاهرة. كذلك قوضت العقوبات خطط المحطة لاستقبال السفن كاسحة الجليد المتخصصة اللازمة لعبور المياه المتجمدة. وخلال فبراير/ شباط الماضي، بلغ إنتاج الغاز داخل مشروع الغاز الطبيعي المسال "آركتيك" 83 مليون متر مكعب، بالمقارنة مع 250 مليون متر مكعب في يناير/ كانون الثاني، و425 مليون متر مكعب في ديسمبر/ كانون الأول.

مصادرة الأصول تطاول مجموعة "أريستون تيرمو غروب" في روسيا

وبالتوازي مع حرب الطاقة، تزداد معركة عض الأصابع بين روسيا والغرب في ما يتعلق بمصادرة الأصول لدى الجانبين. فقد استدعت إيطاليا، اليوم، السفير الروسي، بعدما أعلنت موسكو أنها ستضع فرع مجموعة "أريستون تيرمو غروب" المتخصصة في معدات التدفئة وإنتاج الماء الساخن تحت سيطرة شركة الطاقة العامة الروسية العملاقة "غازبروم"، كما أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني.

وكتب تاياني على منصة "إكس" أن "الحكومة تطالب بتوضيح بشأن تأميم مجموعة أريستون تيرمو غروب". وأضاف: "نعمل أيضاً مع بروكسل بالتنسيق مع ألمانيا" بعدما استهدفت مجموعة "بوش" أيضاً.

وفي رسالة أخرى، قال تاياني إنه تحدث مع مسؤولي أريستون وأن روما "تقف إلى جانب الشركات، ومستعدة لحمايتها في جميع الأسواق الدولية". وأُضفي طابع رسمي على وضع اليد بموجب مرسوم روسي نُشر الجمعة، مع أنه مؤرخ الخميس، ووقعه الرئيس فلاديمير بوتين.

ويقضي النص بنقل السيطرة على 100% من أسهم أريستون في الشركات الروسية "أريستون تيرمو روس" المملوكة لـ"أريستون هولدينغ غن في"، وكذلك "بي إس إتش" للأجهزة المنزلية المملوكة لـ"بي إس إتش هاوسغيراتي" إلى "غازبروم للأنظمة المنزلية" التابعة لمجموعة غازبروم الحكومية العملاقة.

ومنذ غزو أوكرانيا، وضعت موسكو اليد على فروع عدد من الشركات الغربية، من بينها دانون الفرنسية وشركة صناعة البيرة الدنماركية كارلسبرغ، ووضعتها تحت ما تصفه بـ"السيطرة المؤقتة". وقدمت هذه الإجراءات على أنها رد على العقوبات الغربية المفروضة على الشركات الروسية.

وحظرت الولايات المتحدة وحلفاؤها المعاملات مع البنك المركزي الروسي ووزارة المالية الروسية بعد غزو أوكرانيا عام 2022، ما أدى إلى تجميد حوالي 300 مليار دولار من الأصول السيادية الروسية في الغرب. وتبنى الاتحاد الأوروبي في فبراير/ شباط الماضي قانوناً لحجز أرباحٍ لأصول البنك المركزي الروسي المجمدة، في أول خطوة ملموسة نحو هدف التكتل المتمثل في استخدام الأموال لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا.

المساهمون