قصة سام بانكمان... أسطورة أميركا الذي دمرته العملات الرقمية

13 نوفمبر 2022
المليادير الأميركي الشاب سام بانكمان ـ فرايد (Getty)
+ الخط -

في فبراير/ شباط الماضي، ارتدى المليادير الأميركي الشاب سام بانكمان ـ فرايد بدلة رسمية ووضع ربطة عنق متخلياً عن قميصه الرياضي المعهود، من أجل حضور جلسة استماع أمام أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، للاطلاع على أرائه بشأن تنظيم الأصول الرقمية بصفته المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمنصة "إف تي إكس" العملاقة لتبادل العملات الرقمية.

كان الكثيرون ينظرون إلى سام على أنه نسخة من جون بيربونت مورغان (1837-1913)، وهو أبرز رجال الأعمال والمصرفيين الأميركيين تاريخياً.

لكن لم تمض شهور حتى انهارت أسطورة الشاب البالغ من العمر 30 عاماً مع تبخر ما يقرب من 16 مليار دولار من ثروته في يوم واحد مع انهيار منصة "إف تي إكس" نهاية الأسبوع الماضي، والتي تقترب قيمتها من قيمة المنصتين العملاقتين "كوينبايس" و"باينانس" العالميتين.

بنكمان ـ فرايد، صاحب الشعر المجعد والمعروف بالأحرف الأولى من اسمه، كان منتشراً في كل مكان، ليس فقط في تقديم الدعم للمشروعات المتداعية في مجال العملات الرقمية، التي تشمل "بلوك فاي" و"فوييجر ديجيتال" و"سلسيوس"، وإنما أيضا برز كأحد كبار الممولين للحملة الانتخابية للرئيس الأميركي جو بايدن.

وخلال أيام فقط، أصبح واضحاً أن بنكمان ـ فرايد ومنصة "إف تي إكس" في قلب أزمة سيولة، وهما بحاجة للإنقاذ. فقد أعلنت المنصة الكبيرة إفلاسها يوم الجمعة الماضي، بعدما فشلت مساعيها للحصول على تمويل جديد لاستمرار أعمالها واندفاع العملاء للانسحاب منها.

وجاء الانهيار بينما كانت "إف تي إكس" توسعت كثيراً بعدما أُسّست عام 2019، وارتفعت قيمتها سريعاً إلى 32 مليار دولار في يناير/كانون الثاني 2022، على ضوء الزخم الذي شهدته العملات الرقمية ومنصات تداولها العالمية على مدار الأعوام القليلة الماضية.

في وقت سابق من العام الجاري، قدرت مجلة "فوربس" الثروة الشخصية لبانكمان ـ فرايد، وهو نباتي ينام أربع ساعات في الليلة، بحوالى 25 مليار دولار، ما يضعه على قائمة أغنى 70 شخصا في العالم.

عمل بانكمان ـ فرايد، وهو نجل أستاذين في كلية الحقوق في جامعة ستانفورد ومتخرّج في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بشهادة الفيزياء، سمساراً في البداية في وول ستريت، قبل أن يتحول إلى العملات الرقمية في العام 2017.

وبعدما لاحظ الاختلافات الكبيرة في الأسعار بين منصات تداول العملات الرقمية، بدأ الاستفادة منها عبر شراء أصول رقمية وإعادة بيعها بتواتر عال جداً. وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس نهاية فبراير/ شباط الماضي، أشار الملياردير الشاب إلى أن الفارق في الأسعار عام 2018 كان يتراوح بين 5% إلى 25% بين البورصتين الأميركية واليابانية، ما يعني أنه بمجرد نقل الأصول من منصة إلى أخرى، يمكنه جني الأموال.

وأضاف: "كان هناك طلب هائل على العملات الرقمية من اليابان، ولم يكن هناك عدد كاف من المزودين لدعم العرض".

لذا أنشأ بانكمان ـ فرايد صندوق "ألاميدا ريسيرتش" للاستثمار في أسواق العملات الرقمية، وانتقل إلى هونغ كونغ ثم أطلق "إف تي إكس" مع غاري وانغ الذي شغل منصب كبير مسؤولي التكنولوجيا في المنصة.

عاش بانكمان-فرايد في جزر الباهاماس، حيث تكاد الضرائب تكون معدومة، كما أن المقر الرئيسي للمنصة يقع في هذه الدولة الكاريبية أيضا. وجاء اختياره الموقع لأنه "أحد البلدان القليلة التي لديها نظام ترخيص شامل للعملات الرقمية وتبادلاتها".

وفي العام 2020، افتتحت شركة "إف تي إكس يو إس" الفرعية للعملاء الأميركيين. وأتاح نجاح "إف تي إكس" للمنصة إقامة شراكات مهمة، بما فيها مع أسطورة كرة القدم الأميركية الذي تقاعد أخيراً توم برادي وزوجته عارضة الأزياء البرازيلية السابقة جيزيل بوندشين.

ويبدو أن تداعيات منصة "إف تي إكس" ستطاول كيانات استثمارية كبرى عالمياً، من بينها صندوق "رؤية" التابع لـ"سوفت بنك" والصندوق السيادي السنغافوري "تماسيك" وصندوق المعاشات التقاعدية لمعلمي أونتاريو (كندا)، الذين ضخوا 400 مليون دولار في البورصة بتقييم بلغ 32 مليار دولار في يناير/كانون الثاني الماضي، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية.

قال بول غالبرغ، محلل "بلومبيرغ إنتليجنس"، إنه ليس من الواضح بالضبط تأثير انهيار " إف تي إكس"، لكنه يُظهِر "مدى هشاشة هذا العالم"، فالأمر "مفاجئ للغاية ومخيف".

المساهمون