قرض صندوق النقد ينزلق بالجنيه المصري إلى المجهول

15 ديسمبر 2022
الجنيه تراجع بأكثر من 56% أمام الدولار منذ بداية العام (الأناضول)
+ الخط -

تتوجه أنظار الأسواق والمسؤولين في مصر شطر صندوق النقد الدولي، قبل ساعات من اجتماع المجلس التنفيذي للصندوق، مساء الغد الجمعة، لبحث الموقف النهائي من طلب الحكومة بالموافقة على برنامج جديد لإعادة هيكلة الاقتصاد، والحصول على 3 مليارات دولار.

يتوقع خبراء أن تبكر لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري موعدها الدوري المقرر 22 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، لتعقد اجتماعاً استباقياً، اليوم الخميس، لرفع معدلات الفائدة البنكية بنحو 200 نقطة أساس (2%)، وأن يقدم البنك على خفض جديد لقيمة الجنيه، ليصل إلى نحو 28 جنيهاً للدولار الواحد قبل نهاية العام الجاري، مقابل 24.6 جنيهاً للدولار، ليقلص الفجوة مع السوق الموازية التي بلغ فيها سعر الدولار 35 جنيهاً.

لكن مصادر مسؤولة في البنك المركزي المصري أكدت أن موعد اجتماع لجنة السياسة النقدية المكلفة بالنظر في أسعار الصرف والفائدة سيعقد في موعده الخميس المقبل، وأنه لم يتم عقد اجتماع استثنائي اليوم الخميس.

وفي اطار احتواء أزمة العملة المتفاقمة يتوقع الخبراء أن يبدي البنك المركزي مرونة في توفير العملة الصعبة للموردين والشركات التي تستهدف استيراد السلع الحيوية والاستراتيجية، خارج الحصص الحكومية، إذ يتوقع أن يعلن عن الإجراءات التنفيذية لرفع القيود التي وضعها في فبراير/ شباط الماضي على الواردات، وسبل توفير النقد الأجنبي، لتهدئة الطلب على العملة الأميركية.

شرط أساسي لصندوق النقد

وتعد مرونة سعر الصرف شرطاً أساسياً لصندوق النقد لتوقيع الاتفاق النهائي للقرض. ودفع تأخر صندوق النقد الدولي في البت في القرض على مدار الأشهر الماضية المسؤولين في البنك المركزي والحكومة في مصر إلى الإسراع في تدبير تحويلات مالية من دول الخليج، وبعض الحلفاء الدوليين، مع التزام صندوق النقد بدفع 750 مليون دولار، قبل نهاية العام، لتتمكن البنوك من توفير السيولة المالية والسلع بالأسواق، للحد من تدهور قيمة الجنيه في السوق الموازية، والسيطرة على التضخم.

ويتوقع خبراء أن يضطر البنك المركزي إلى تحرك سريع وحاسم لتعويم العملة، وفقاً للعرض والطلب، وليس عن طريق إدارته المباشرة للسعر المعلن يومياً في البنوك وشركات الصرافة التي يتحكم بها.

وتعتبر الحكومة اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد للحصول على القرض طوق نجاة يساعدها في دعم ميزان المدفوعات والموازنة العامة، ويمدد سداد ديون مستحقة لمدة 46 شهراً، ويساعدها في الحصول على تمويل إضافي من الدول الداعمة في الخليج والشركاء الدوليين، بما يوقف اضطراب الأسواق ويحسن الوضع الاقتصادي، وتحفيز نمو القطاع الخاص، ووقف تدهور الطلب على العملة.

وسبق أن خفض البنك المركزي الجنيه بنحو 18%، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما أعلنت الحكومة عن تعهد صندوق النقد الدولي، بمساعدتها في مواجهة تخفيض العملة، وتسوية التزاماتها الدولية تجاه الدائنين الدوليين، بما ترتب عليه أن يكون الجنيه الأسوأ أداءً في العالم، خلال الربع الأخير من العام الجاري، إذ سبق هذه الخطوة خفض تدريجي لقيمة العملة الوطنية منذ مارس/ آذار الماضي، ما يجعل نسبة هبوط الجنيه تتجاوز 56%.

ولا يبدو أن مصر ستخرج من دائرة هبوط سعر العملة التي بدأت في 2016 لدى اتفاقها آنذاك على برنامج اقتصادي مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لدعم الاقتصاد قبل أن يتوالى الاقتراض وتتفاقم الديون وتنهار العملة المحلية ومعها القدرات الشرائية لعشرات ملايين المصريين الذين انزلقوا إلى قاع الفقر.

ويحذر أحمد جلال وزير المالية الأسبق من الإفراط في التفاؤل من الاعتماد على المزيد من القروض، واللجوء إلى تخفيض العملة الوطنية كحل متكرر لمواجهة الأزمة المالية، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنه طالما ظلت السياسات الاقتصادية للحكومة تسير على نهجها الحالي وتعتمد على التشدد المالي دون الحل الاقتصاد الشامل للأزمة.

انزلاق إلى المزيد من القروض

وتوقع جلال أن "تنزلق الدولة إلى المزيد من القروض، والتخفيض للعملة إلى أجل غير معلوم ولدرجة لا يمكن التنبؤ بها ولا المدى الزمني لنهاية المنزلق الذي ستتوقف عنده قيمة الجنيه".

ولطالما بررت الحكومة حصولها على قرض جديد من صندوق النقد الدولي بدعم موقفها في الاقتراض من الأسواق الدولية وتحسين صورتها الائتمانية، بينما يشير محللون إلى تفاقم أعباء الديون في حال طرح سندات (أدوات دين) في الأسواق الدولية، لافتين إلى ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار عالمياً، فضلاً عن أن عدم استقرار قيمة العملة المحلية يخيف الاستثمار المباشر من دفع المزيد من الأموال في السوق المحلية.

ويلفت محلل مالي في أحد بنوك الاستثمار إلى أن التقارير السلبية حول الوضع السيئ للجنيه لن تسمح بأن يكون السوق المصري جاذباً للأموال الساخنة، رغم ارتفاع العائد منها، لزيادة المخاطر المترتبة على التعامل في سوق يحيطه عدم اليقين والشح في الموارد من العملات الأجنبية.

ومع الهبوط الجديد المتوقع للجنيه تسود مخاوف من انفلات أكبر للأسعار، بما يرفع التضخم الذي يضرب الإنتاج والقدرات الشرائية للمواطنين على حد سواء.

ونصح المحلل المالي بأن تسرع في تعديل أولوياتها في إنفاق الموارد العامة، وتنفيذ أجندة إصلاحية، تستهدف تهدئة الأسواق، ودعم القطاع الخاص وتخفيف قبضة الأجهزة الأمنية والشركات الحكومية على الاقتصاد.

وأظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قبل أسبوع، ارتفاعاً فاحشاً لأسعار السلع الغذائية على أساس سنوي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وسط موجات غلاء طاولت كل شيء، ما دفع معدل التضخم إلى الصعود إلى أعلى مستوى في خمس سنوات، بفعل الهبوط الحاد في قيمة الجنيه.

وقفز التضخم في عموم البلاد إلى 19.2% على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى له منذ ديسمبر/ كانون الأول 2017 عندما سجل 21.9%.

المساهمون