في مغارة التسريبات ..المهم نأخذ اللقطة

03 مارس 2015
السيسي ورئيس شركة أرابتك الإماراتية المستقيل، حسن إسميك(أرشيف/GETTY)
+ الخط -


المهم نأخذ اللقطة
.
الكلمات الثلاث تلخص التسريب الأخير لمدير مكتب السيسي، وتلخص معه المشهد الاقتصادي المصري بالكامل، سواء في الفترة التي أعقبت انقلاب 3 يوليو وحتى إجراء الانتخابات الرئاسية، أو في فترة ما بعد الانتخابات.

فاللقطة أو "الشوت" التي يتم التركيز عليها أمام الكاميرات وشاشات الفضائيات، وعلى صفحات الجرائد هي الأهم، ذلك لأنها تعطي انطباعاً قوياً ورسالة بأن النظام الجديد، قادر على حل أعقد المشاكل والأزمات العنيفة التي يعاني منها المجتمع منذ سنوات، خصوصاً المتعلقة بالأمور المعيشية مثل انقطاع الكهرباء، وأزمات السكن، وارتفاع الأسعار، والمرور، ورغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز.

وفي خلفية اللقطة لا يهم حل هذه المشاكل على أرض الواقع، ومن يعترض فالرصاص الحي في انتظاره، وعلى الأقل المعتقلات والسجون جاهزة، المهم أن تخرج اللقطة في الكادر المرسوم لها.

نموذج اللقطة التي يركز عليها النظام، تظهر وبشكل قوي في لقطات فرعية منها لقطة مشروع إقامة مليون وحدة سكنية، مشروع قيل إنه لصالح فقراء مصر وهدية من الجيش المصري والإمارات للشباب.

وحسب الحبكة والتسريب واللقطة يقول عباس "نعلن يا افندم أنه سيتم إقامة 10 ملايين شقة، لا، ربما تكون واسعة شوية، خليها 5 ملايين، لا خليها مليون"، فالمليون شقة ستجذب على الأقل 5 ملايين صوت انتخابي يعانون أزمة إسكان حادة، وغير قادرين على شراء شقة حتى ولو في منطقة شعبية في ظل ارتفاع الأسعار، وأصوات الملايين الأخرى يتم جذبها عن طرق لقطات أخرى، منها مشروعات العلاج بالكفتة، وعربة الخضار وتوفير فرص عمل لملايين العاطلين واللمبات الموفرة وغيرها.

لا يهم أن يخرج مشروع المليون شقة وغيره للعلن ويتحول لواقع، ولا يهم تنفيذ المشروع من الأصل، ولا يهم كذلك حل أزمة السكن في مصر، فالأزمة موجودة في كل العصور والأنظمة، لا يهم أن يقال عن المشروع، إنه فنكوش بعد ذلك وغير قابل للتنفيذ، المهم أن يظهر المشير في لقطة، وهو يصافح حسن إسميك رئيس شركة ارابتك العقارية الإماراتية، ويعلنان عن إطلاق أضخم مشروع لحل أزمة الإسكان بتكلفة 40 مليار دولار، أي ما يعادل 288 مليار جنيه، لا يهم تنفيذ المشروع، المهم أصوات الناخبين.

ليست لقطة فنكوش مشروع أرابتك هي الوحيدة، فهناك لقطات أخرى، تظهر أن أزمات مصر الاقتصادية جارٍ حلها بشكل جذري، لا يهم في خلفية الصورة، أن دولة أخرى تضع لمصر خطتها الاقتصادية وتحدد أولوياتها المستقبلية، وأن نظاماً يتجاهل كل الخبرات المرموقة في البلاد، ليسند إعداد خطة إنقاذ البلاد لسياسي بريطاني سابق أكل عليه الدهر وشرب، توني بلير، وشركتين أميركيتين حصلتا على 10 ملايين دولار من أموال الشعب المصري وهما لازارد وستراتيجي أند.


اقرأ أيضاً: دولة الفناكيش
اقرأ أيضاً: "فنكوش" أرابتك
اقرأ أيضاً: انقلاب "أرابتك"