فورة غير مسبوقة في الشراء الصيني للنفط الإيراني تضغط على خامي البرازيل وأنغولا

14 ابريل 2021
تزايد الواردات الصينية من نفط إيران (Getty)
+ الخط -

تضغط واردات الصين غير المسبوقة في الأشهر الأخيرة من الخام الإيراني على الإمداد من منتجين منافسين، ما يدفع بائعين للنفط من دول مثل البرازيل وأنغولا وروسيا إلى خفض الأسعار وتحويل شحنات إلى الهند وأوروبا.

وفاجأت القفزة في الشحنات الإيرانية السوق، وأثرت في أسعار النفط العالمية، رغم أنه كان من المتوقع أن تستأنف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن محادثات مع طهران لإحياء الاتفاق النووي.

بدأ النفط الإيراني بالتسرب إلى الصين من أواخر 2019، بالرغم من عقوبات أميركية قاسية، لكن الكميات لم تبدأ بالارتفاع إلا منذ أواخر العام الماضي بعد أن انتعش النفط واخترق سعره حاجز الستين دولاراً، وتشجع المشترون بفعل احتمالات رفع الولايات المتحدة العقوبات في عهد بايدن.

وتفيد "رفينيتيف أويل ريسيرش" بأن الصين تلقت 557 ألف برميل يومياً في المتوسط من الخام الإيراني بين نوفمبر/ تشرين الثاني ومارس/ آذار، وهو ما يعادل تقريباً خمسة بالمئة من إجمالي واردات أكبر مستورد في العالم، وذلك في عودة إلى مستويات ما قبل قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إعادة فرض العقوبات على إيران في 2019.

وانتهى المطاف بأغلب هذا النفط في إقليم شاندونغ الشرقي، وهو نقطة تجمع شركات التكرير المستقلة في الصين.

وقال متعامل صيني يوجه مبيعات نفط إلى شاندونغ: "تضغط هذه البراميل ‭‭'‬‬الحساسة‭‭'‬‬ على الإمدادات من كل الأماكن الأخرى، إذ إنها ببساطة رخيصة جداً"، وذلك في إشارة إلى النفط الإيراني الذي كان يقل سعره بما بين ستة وسبعة دولارات للبرميل عن النفط البرازيلي في وقت سابق هذا العام.

وشرح متعامل آخر أن الموردين من أميركا الجنوبية وغرب أفريقيا وبحر الشمال يكثفون الجهود لإيجاد أسواق جديدة في ظل نضوب الطلب من الصين.

كان أكبر المصدرين في منطقتي أميركا الجنوبية وغرب أفريقيا البرازيل وأنغولا من أكبر المتضررين، فيما سجل خام إسبو الذي يُنتَج في الشرق الأقصى الروسي ندرة في التدفقات إلى الولايات المتحدة تحت وطأة انخفاض الطلب الصيني.

وتشير الجمارك الصينية وتقدير رفينيتيف إلى أن الشحنات من البرازيل، التي انتزعت من أنغولا مركز رابع أكبر الموردين إلى الصين في العام الماضي بفضل التسويق المكثف والتسعير الجذاب، انخفضت 36 بالمئة في شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط، مقارنة بالفترة نفسها قبل عام، رغم أن الكميات قفزت 16 بالمئة على أساس سنوي في مارس/ آذار.

وفي آخر مقابلة له قبل ترك منصب الرئيس التنفيذي لبتروبراس يوم الاثنين، قال روبرتو كاستلو برانكو إنه بالرغم من أن شهية الصين لنفط البرازيل منخفض الكبريت من حقل توبي "لا نهاية لها" واستمرار الدولة الآسيوية في دفع علاوة من أجله، فإن الهوامش الحالية أقل تنافسية.

وصارت الهند سوقاً أكبر للنفط من البرازيل وغرب أفريقيا وحتى منطقة بحر الشمال في ظل تراجع الطلب من الصين، ما يوفر لثالث أكبر مستورد في العالم الكثير من البدائل في الوقت الذي تقلص فيه نيودلهي المشتريات من النفط السعودي.

وأظهرت بيانات رفينيتيف أن واردات الهند من الخامين البرازيلي والأنجولي سجلت قفزة في التسليمات للفترة من مارس/ آذار إلى مايو/ أيار، فيما تلقت أوروبا نفطاً برازيلياً بين مارس/ آذار وإبريل/ نيسان أكثر مما تلقته في بداية العام.

وتؤثر الفورة في نشاط الخام الإيراني، الذي يعبر وكأنه نفط من سلطنة عمان والإمارات وماليزيا، بأسعار إمدادات منافسة مثل النرويجية والبرازيلية لتدفعها إلى أدنى مستوياتها في عدة أشهر، غير أنها تعافت بعض الشيء في الأسبوعين الأخيرين.

وفي وقت سابق، انخفضت العلاوات الفورية لخام توبي البرازيلي للتسليم في الصين في مايو/ أيار إلى عشرة سنتات للبرميل فوق سعر برنت في بورصة إنتركونتننتال، انخفاضاً من أكثر من دولار للبرميل في تسليمات أواخر ديسمبر/ كانون الأول، وذلك قبل أن تعاود الصعود إلى ما بين 30 و40 سنتاً في الأسبوع الماضي.

وقال مصدر ثانٍ لدى منتج في غرب أفريقيا: "يبحث الصينيون حالياً عن خام خفيف للخلط مع الخام الإيراني الثقيل"، مضيفاً أنهم لم يتمكنوا من بيع سوى شحنتين فوريتين للتسليم في مايو/ أيار بأسعار أفضل قليلاً مقارنة مع "شهر سيئ" في إبريل/ نيسان.

فهم لا يكادون يقدرون على المنافسة مع نفط إيراني بحسم يراوح بين ثلاثة وخمسة دولارات من برنت.

وقال مسؤول تنفيذي تجاري ثالث: "الصين لا تريد أن تدفع كثيراً مع كل البراميل الحساسة".

لكن القفزة في الإمدادات الإيرانية لم تؤثر في الحصة السوقية للسعودية، أكبر موردي النفط للصين، إذ يخدم أكبر المنتجين في أوبك قاعدة عملاء مختلفة، وهي شركات التكرير الحكومية والمحطات العملاقة الخاصة في الصين.

وفي الوقت الذي تجري فيه أغلب العمليات بالعملة الصينية، وفي بعض الأحيان يعرض المشترون النهائيون خطابات اعتماد، من المتوقع استمرار تدفقات النفط الإيرانية، ولا سيما أن الشركات الخاصة لا تواجه ضغطاً سياسياً يذكر لكي تنسحب من هذا النشاط المربح.

وقال مسؤول تنفيذي تجاري رابع في الصين: "تخيل أنك رئيس مصفاة مستقلة، كل ما سيتركز عليه اهتمامك هو ما إذا كان النفط رخيصاً بما يكفي، وما إذا كانت محطتك مؤهلة لمعالجته".

(رويترز)

المساهمون