فقراء السودان يدفعون ثمن الاضطرابات: تجميد المساعدات الإنسانية

23 نوفمبر 2021
نصف سكان السودان تحت خط الفقر حسب تقارير دولية (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

يدفع فقراء السودان الثمن الأكبر والأفدح للاضطرابات السياسية والأمنية في البلاد، إذ تم تجميد المساعدات لملايين المواطنين، في وقت اشتدت وطأة الغلاء والأزمات المعيشية.
وتسبب تعليق أنشطة البنك الدولي في السودان في أعقاب التطورات السياسية وانقلاب المكون العسكري على السلطة المدنية، في تجميد فوري لتمويل برنامج دعم الأسر السودانية (ثمرات).
وطرح برنامج دعم الأسر(ثمرات) خلال مؤتمر شركاء السودان رفيع المستوى الذي عقد في برلين خلال يونيو/ حزيران من العام الماضي، بهدف دعم الأسر السودانية المتأثرة بالأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان والتي تفاقمت بسبب الإصلاحات الاقتصادية.
ووقعت الحكومة الانتقالية مع البنك الدولي في مارس/ آذار الماضي اتفاقا بالخرطوم، قدم بموجبه البنك 420 مليون دولار أميركي إضافية من برنامج دعم الأسر السودانية المتأثرة بالأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان والتي تفاقمت بسبب الإصلاحات الاقتصادية.

تضرر الفقراء

وحسب تقديرات حكومية سابقة، تبلغ التكلفة السنوية لبرنامج دعم الأسر ثمرات نحو 1.9 مليار دولار، ويوفر البرنامج 5 دولارات لكل شخص مستحق في الأسرة في البداية لمدة ستة أشهر حال توفر التمويل، على أن يتم تكثيف التحويلات حتى 12 شهرا بهدف الوصول في نهاية المطاف إلى 80% من السكان، أو ما يقرب من 32 مليون مواطن سوداني.

وأكد مسؤول الاتصال ببرنامج ثمرات، متوكل عمران، لـ"العربي الجديد" أن البرنامج توقف عن التسجيل والدفع المباشر للمواطنين بسبب التعليق المؤقت لأنشطة البنك الدولي في السودان.
وقال عمران إن الأموال المخصصة للبرنامج والتي وصلت فعليا إلى السودان سيتم صرفها لاحقا على المواطنين ولن تتم إعادتها مرة أخرى للبنك، مؤكدا على استمرار البرنامج في المستقبل، إذ إن هناك جهات أخرى شريكة فيه بجانب البنك الدولي كالاتحاد الأوروبي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي والتي تسهم بتوفير المكون المحلي وتسيير المشروع.
وفي السياق نفسه، كشف عمران عن مشاورات جارية مع البنك الدولي والجهات ذات الصلة لاستئناف عمليات التسجيل والدفع للمساعدات النقدية للمواطنين.
وقطع المسؤول ببرنامج ثمرات بصعوبة تحديد حجم المبلغ الكلي لتمويل ثمرات في الوقت الراهن، خاصة وأن هناك أسراً لم تكمل إجراءات تسجيلها في البرنامج.
وأشار إلى جملة من التحديات التي تجابه تنفيذ برنامج ثمرات وإيصال الدعم المطلوب إلى الأسر، من بينها عدم وجود أوراق ثبوتية وحسابات مصرفية وأرقام وطنية لغالب الأسر.

غضب المواطنين

ولاقى توقف برنامج ثمرات غضبا واسعا من المواطنين، الذين يعتمدون على المساعدات لتخفيف الأعباء المعيشية المتزايدة في ظل تصاعد أسعار السلع الأساسية والخدمات.
وقالت المواطنة كوثر التني، والتي تعيل أسرة من 6 أفراد وتعمل في إدارة النظافة بمستشفى حكومي بالخرطوم لـ"العربي الجديد"، إن إيقاف الدعم الشهري للأسر يؤثر بشكل كبير عليها.

وزادت: "رغم قلة المبلغ من برنامج ثمرات، إلا أنه كان يقوم بسد بعض الفجوة في المعيشة ومجابهة غلاء الأسعار".
وطالبت البنك الدولي بعدم ربط دعمه للأسر السودانية بالأحداث السياسية التي تعيشها البلاد وذلك تخفيفا للآثار الاقتصادية السالبة التي تعاني منها الأسر وعجزها عن توفير مقومات الحياة لأبنائها.
وقال الموظف عبد القادر الزين لـ"العربي الجديد" إن برنامج ثمرات لم يتم إيصاله إلى كافة الأسر في السودان.
وأضاف أن أسرته سارعت إلى التسجيل في البرنامج منذ إعلانه دون أن تتلقى أي دعم إلى أن تم إيقافه عبر البنك الدولي، مشيرا إلى أن هذا الدعم إن تم استئنافه من شأنه تخفيف الضغوط المعيشية على المواطنين حتى وإن كان زهيدا.
وتتضارب الإحصائيات الحكومية والدولية حول نسبة الفقر في السودان، فبينما تقول تقارير الأمم المتحدة إن 46.5 بالمائة من سكان السودان يعيشون دون خط الفقر، تقول دراسة حكومية أجريت عام 2017 إن الفقر تراجع إلى 36.1 بالمائة.

وحسب بيانات رسمية، بلغ معدل التضخم في السودان خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، 365.82 بالمائة، مقارنة بـ387.56 بالمائة في شهر أغسطس/ آب الماضي، بتراجع قدره 21.74 نقطة. وكانت البلاد قد سجلت في شهر يونيو/حزيران الماضي واحدة من أعلى نسب التضخم في العالم عند 442.78 بالمائة.

مبالغ رمزية

ومن جانبه، قلل المحلل الاقتصادي الأستاذ بجامعة الخرطوم، إبراهيم أونور، في حديثه لـ"العربي الجديد" من قرار التجميد المؤقت لبرنامج ثمرات.
وقال إن المبالغ التي يخصصها للأسر السودانية رمزية ولا تؤثر إيجابا على المستوى المعيشي القاسي بالبلاد ولا على الوضع الاقتصادي العام، ما يجعلها عديمة الجدوى.
وتوقع أن يستفيد من المرحلة الأولى من المشروع ووفق الخطة الحكومية حوالي 11.3 مليون شخص بما يمثل 33 % من إجمالي العدد المتوقع للمستفيدين عندما يكون البرنامج على نطاق واسع.
وحتى 3 مارس/ آذار 2021 تلقت حوالي 79000 أسرة سودانية (ما يقرب من 400.000 شخص) مدفوعات الشهر الأول من خلال البطاقات النقدية، وكان معظم المستفيدين في ولاية الخرطوم.
ونفذت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي المرحلة الثانية من برنامج ثمرات في 10 ولايات أخرى في الأسبوع الأول من يونيو/ حزيران 2021.

المساهمون