قالت صحيفة " فاينانشال تايمز" البريطانية في تقرير أن مصر تعاني من أزمة سيولة بالعملات الأجنية ولا توجد بالبلاد دولارات.
مع نقص المعروض من العملات الأجنبية في مصر تابع التقرير تاجر قطع السيارات رفيق كلوفيس الذي أمضى شهر ديسمبر/ كانون الأول في الانتظار بفارغ الصبر لمعرفة ما إذا كان مصرفه سيكون قادراً على توفير مبلغ 67000 دولار الذي يحتاجه لتمويل استيراد شحنة من قطع غيار السيارات من أوروبا. لكن بحلول نهاية العام، كانت الدولارات ما زالت غير متوفرة؛ نتيجة لذلك تراجعت وارداته في عام 2022 إلى 10% من معدلها السنوي.
وقال كلوفيس "الظروف كارثية بالبلاد... لا توجد دولارات وليس لدي أي فكرة عن كيفية إدارة أزمة الدولارات. لدي خمسة موظفين، ونحن الآن نعتمد على ما ادخرناه في السنوات السابقة".
وحسب التقرير، تعاني العديد من الشركات المصرية حالياً من نقص شديد بالدولارات وتجد نفسها في مأزق مع المستورد الأجنبي، حيث أدت الأسابيع الثلاثة الأولى من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا إلى خروج 20 مليار دولار من مصر بسبب هروب مستثمري المحافظ الأجنبية من السوق المصري إلى ملاذات آمنة.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من كمية الودائع التي راكمتها البلاد والبالغة 13 مليار دولار من كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، إلى جانب 3.3 مليارات دولار أخرى جنتها البلاد من مبيعات الأصول الحكومية إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 2022، ظل معروض العملة الأجنبية في نقص شديد بمصر التي تعتمد بدرجة رئيسية على الاستيراد.
وقبل أسبوع، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن البنوك ستؤمن العملة الأجنبية اللازمة لتصفية الواردات المتراكمة في الموانئ بغضون أربعة أيام، دون الخوض في التفاصيل. ووفقاً لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي لا تزال هناك بضائع بقيمة 9.5 مليارات دولار محتجزة في موانئ الدولة.
ويعتبر التقرير أن التضخم الناتج عن حرب أوكرانيا أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية بالبلاد، وعلى رأسها القمح، خاصة أن مصر من بين أكبر المستوردين للقمح في العالم، وهو ما رفع من الضغوط على موارد العملة الأجنبية في البلاد وأجبر البنك المركزي المصري على خفض قيمة الجنيه في مارس/ آذار وأكتوبر/ تشرين الأول. وبلغ معدل التضخم في نوفمبر/ تشرين الثاني 18.7في المائة، وهو أعلى معدل له في خمس سنوات.
ويضيف تقرير "فاينانشيال تايمز" أنه للمرة الرابعة خلال ست سنوات اضطرت مصر إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي الذي وافق الشهر الماضي على قرض بقيمة 3 مليارات دولار على مدى أربع سنوات. ويكمن جوهر الاتفاقية في توفية شرط تلتزم فيه الحكومة المصرية بالانتقال إلى نظام سعر صرف مرن تحدد فيه قوى السوق قيمة الجنيه المصري، وهو أمر طالما قاومته الحكومات المصرية.
وفي محاولة للحفاظ على سعر صرف العملة الأجنبية، وضع البنك المركزي قيوداً على الواردات في مارس/ آذار. وأدى الشرط الخاص باستخدام خطابات الاعتماد إلى إبطاء الواردات، كما تسبب في تراكم الطلبات غير المستوفاة على الدولارات. وأمام معضلة بطء الواردات التي أثرت على توفر السلع الأساسية مثل الأغذية والأدوية في الأسواق، ألغى البنك المركزي المصري مطلب استخدام خطابات الاعتماد في 29 ديسمبر/ كانون الماضي. وتراجع الجنيه المصري من حوالي 16 جنيهاً للدولار إلى 24.7 جنيهاً.
كما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس في 22 ديسمبر/ كانون الأول، مما رفع سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 16.25 في المائة. وتجاوز الارتفاع توقعات المحللين وعكس القلق المتزايد بشأن التضخم وهبوط سعر الجنيه، وفقاً لمؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" في لندن.
وحسب التقرير أدى تدهور قيمة الجنيه المصري إلى تضرر الأعمال التجارية من مزارع الدواجن إلى مصنعي السيارات بشدة في بلد يستورد معظم أغذيته والعديد من المدخلات لصناعاته من الخارج. وبينما يفكر صانعو السياسات في موعد وكيفية الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن لا يدعم البنك المركزي فيه قيمة الجنيه، يشكو رواد الأعمال من عدم وجود رؤية للمستقبل في البلاد.
وقال رئيس شركة تعتمد على تربية الدواجن "نحن نعمل يوماً بيوم"، واشتكت الشركة، حسب فاينانشيال تايمز، من أن شحنات الحبوب، وخاصة فول الصويا والذرة المستخدمة في العلف، عالقة في الموانئ بسبب نقص الدولار.
وقال إن الأعمال التجارية الزراعية اضطرت إلى "إخلاء" بعض المزارع وبيع الطيور بخسارة قبل أن يتم إرسالها عادة إلى السوق. وقال المسؤول التنفيذي: "السعر أقل بكثير من التكلفة ونعلم أن بعض منافسينا اضطروا لقتل الكتاكيت". وأضاف أن الانخفاض "الكبير" في المعروض من الدجاج المباع للحوم أدى إلى زيادة الأسعار بأكثر من 50 في المائة.