استمع إلى الملخص
- **تصاعد الأزمة وتداعياتها الاقتصادية**: حذرت البعثة الأممية من كلفة باهظة على الشعب الليبي وخطر الانهيار المالي، بينما تمسك رئيس المجلس الرئاسي بصحة قرار تغيير إدارة المصرف.
- **تهديدات تطاول عمل المصرف المركزي**: استنكر المحافظ المكلف من مجلس النواب اقتحام المصرف، محذراً من تعريض أصوله للخطر وتعطيل مرتبات شهر 8، مع سيطرة الإدارة الجديدة على الصفحة الرسمية للمصرف.
يلف الغموض مصير إدارة البنك المركزي الليبي ومنصب المحافظ، وسط ارتباك كبير تعيشه الأوساط المعنية بأزمة المصرف، على الرغم من إعلان الإدارة الجديدة المكلفة من المجلس الرئاسي تسلمها لمهامها الاثنين، من داخل مقر المصرف. وليل البارحة، دخلت البعثة الأممية على خط أزمة البنك المركزي الليبي وطالبت جميع الأطراف بـ"تعليق العمل بكل القرارات الأحادية المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي"، معلنة عزمها عقد "اجتماع طارئ" بمشاركة جميع الأطراف الليبية المعنية بأزمة المصرف.
كما طالبت البعثة بـ"الرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط والكف عن إقحام مصدر الدخل الرئيسي للبلاد في الصراعات السياسية"، وكذلك "وقف التصعيد والإحجام عن استعمال القوة لتحقيق مآرب سياسية أو منافع فئوية"، محذرة من أن إصرار الأطراف على قراراتها "أو مواصلة اتخاذ المزيد منها ستكون له كلفة باهظة على الشعب الليبي، وسيعرض البلاد لخطر الانهيار المالي والاقتصادي".
وعلى الرغم من مرور عدة ساعات على إعلان البعثة، إلا أن تجاوب الأطراف معها لا يبدو إيجابيا. ففيما لم تعلن حكومة مجلس النواب تراجعها عن قرار وقف الإنتاج في الحقول النفطية وسط صمت تام من جانب المؤسسة الوطنية للنفط، تمسك رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بصحة قرار المجلس الرئاسي بشأن تغيير إدارة المصرف.
وفي أول تعليق ليبي رسمي على دعوة البعثة، برر المنفي، في بيان له اليوم، قرار تغيير إدارة المصرف بوجود "احتقان كبير في البلاد خلال الأشهر الأخيرة بسبب القرارات الأحادية التي اتخذتها بعض الأطراف، وما تبعها من تعنت ورفض للحلول الوسطى وتحميل الشعب ويلات ضريبة ظالمة تقتطع من مدخراته ومرتباته لتغطي تكاليف الدعم المتضخمة بشكل غير مبرر"، مؤكدا أن مجلسه اتخذ "تدابير أمنية واقتصادية ضرورية، حافظت على استقرار العاصمة طرابلس ومؤسساتها، وخاصة البنك المركزي الليبي من صراع مسلح وشيك كان يهدد أمنها واستقرارها".
تشتت البنك المركزي الليبي
وفيما أوضح المنفي أن المجلس الرئاسي اتخذ قراره "مجتمعا" لتعزيز "سيادة القانون وحقق قرار اختيار ممثلي الشعب لمحافظ يتمتع بالنزاهة والكفاءة، مرفقًا بقرار أخر بتشكيل مجلس إدارة لأول مرة منذ سنوات طويلة"، اتهم مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بالتخلي عن مسؤوليتهما حيال اختيار شاغلي المناصب السيادية، ومنها محافظ المصرف المركزي. وذكر المنفي أن مجلسه مارس اختصاصه وفقا للاتفاق السياسي "بتعيين كبار الموظفين محققين التمثيل السياسي الواسع لكافة القوى والأطراف، بما انعكس عنه تحقيق الاستقرار دون التخلي عن الخبرة والكفاءة لعناصره".
وأضاف المنفي: "نتفهم قلق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بسبب التباس التوصيف لقراراتنا وتداخل الاختصاصات،" في إشارة لاعتبار البعثة الأممية قراره بشأن تعيين إدارة جديدة للمصرف المركزي ضمن "القرارات الأحادية" التي اعتبرتها سببا في أزمة البنك المركزي الليبي.
وفيما أبدى المنفي مرونة في موقفه بدعوته مجلس النواب إلى قيامه بمهامه في اختيار محافظ المصرف المركزي من خلال "جلسة قانونية علنية وشفافة، وبالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة"، إلا أن بيانه حمل رفضا ضمنيا لدعوة البعثة لاجتماع طارئ، إذ شدد على ضرورة حل الخلافات الداخلية "بالحوار غير المشروط القائم على السيادة ورفض الإملاءات الخارجية".
وفيما لم توضح البعثة وضع إدارة المصرف عندما دعت جميع الأطراف إلى تعليق العمل بكل القرارات الأحادية المتعلقة بالبنك المركزي الليبي، وهو ما يعني شغور منصب المحافظ وعضويات الإدارة، هيمن الغموض على العمل داخل مقر المصرف. فمنذ منح محافظ المصرف المكلف من مجلس النواب الصديق الكبير، الأربعاء الماضي، موظفي المصرف إجازة مفتوحة، لا يزال العمل معلقا بالمصرف، كما لا يزال نظامه الإلكتروني مقفلا أمام المعاملات المصرفية من جانب الكبير.
تهديدات تطاول عمل المركزي
واستنكر الكبير، في بيان له اليوم الثلاثاء، ما وصفه بـ"اقتحام المصرف" من قبل إدارة البنك المركزي الليبي المكلفة من المجلس الرئاسي، مؤكدا أن ذلك "يعرض أصوله وحساباته ومنظوماته وعلاقاته الخارجية وسمعته للخطر"، معتبرا أن استمرار "تعطيل عمل المصرف سيؤدي لعدم تمكينه من تنفيذ مرتبات شهر 8 وتغطية الاعتمادات المستندية والحوالات الشخصية".
ولم يعد الكبير يستخدم الصفحة الرسمية للمصرف على فيسبوك، بعد أن سيطرت عليها إدارة المصرف المكلفة من المجلس الرئاسي، وأعلنت عبرها تسلمها لمهامها أمس الاثنين.
وسبق أن وجه الكبير بلاغا لمكتب النائب العام بشأن "تغيير ملكية النطاق الخاص بمصرف ليبيا المركزي"، كشف فيه عن قيام إدارة المصرف المكلفة من المجلس الرئاسي بتغيير البريد الإلكتروني الرسمي للمصرف، وحذر من أن "هذا التغيير سينتج عنه توقف لنظام التواصل مع العالم الخارجي".
وفيما طالب الكبير النائب العام بالتدخل لوقف إجراءات تغيير النطاق الإلكتروني لوسائل اتصالات المصرف الإلكترونية، أفاد بأن نقل النطاق إلى إدارة المصرف الجديدة سيمكنها "من إجراء تغييرات جذرية، سواء في الموقع الرسمي للمصرف والبريد الإلكتروني وغيره من الأنظمة المتصلة بالنطاق"، مشددا على خطورة وصول إدارة "غير قانونية" إلى بيانات المصرف الإلكترونية.