ألقى ارتفاع رسوم الشحن البحري من الصين بظلاله على حالة الأسواق الفلسطينية التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار السلع، وهو ما أكّده تجار ومستوردون فلسطينيون يعتمدون على الاستيراد من الصين كمورد أساسي لبضائعهم إلى الأسواق المحلية.
ورغم ارتفاع أسعار سلع غذائية أساسية كالزيوت والسكر وغيرها بسبب ارتفاع أسعارها عالمياً، إلا أنّ سلعاً أخرى تعد من الأساسيات كالكهربائيات والملابس وغيرها سيطاولها ارتفاع الأسعار بشكل أكبر بسبب ارتفاع رسوم على البضائع المستوردة من الصين بالتحديد.
ويعتمد تجار غزة على البضائع الصينية بشكل أساسي، إلى جانب اتجاههم مؤخراً للبضائع التركية. ومن المتوقع من أن تشهد المرحلة القادمة غياب أصناف كثيرة من الأسواق كانت تستورد من الصين بأسعارٍ زهيدة، وبالتالي فإنّ ارتفاع كلفتها على التجار سيدفعهم للاستغناء عنها واستبدالها بأصناف أخرى بديلة من مصادر موردة أخرى.
ويقول التاجر محمد جبر، وهو مستورد للأدوات الكهربائية من الصين، إن رسوم الشحن ارتفعت بنسب تفوق 500 بالمائة، عما كانت عليه قبل حلول جائحة كورونا. ويشير جبر لـ"العربي الجديد" إلى أنّ هذا الأمر سيساهم بشكل كبير في رفع أسعار السلع في قطاع غزة، وينسحب بدوره على كثير من السلع المرتبطة بعضها ببعض. واضطر التاجر عبد عبد المجيد، وهو مستورد للهدايا والتحف من الصين، إلى رفع أسعار السلع في السوق المحلية، لافتاً إلى أنّ ذلك دفع الكثير من التجار إلى هذه الخطوة الاضطرارية لتعويض الرسوم الباهظة لتكليف شحن البضائع.
ويوضح عبد المجيد لـ"العربي الجديد" أنّه كان يدفع قرابة ألفين وخمسمائة دولار أميركي فقط لشحن حاوية من الصين بسعة أربعين قدماً، حيث تضاعفت الرسوم لعدة مرات لترتفع في أول مرة إلى الضعف، ثم ارتفعت إلى نحو خمسة أضعاف لتصل إلى اثني عشر ألف دولار للحاوية الواحدة، ثم انخفضت قليلاً خلال الأسبوعيين الماضيين لتصل إلى نحو تسعة آلاف دولار. واستغنى العشرات من التجار عن استيراد الكثير من الأصناف واكتفى بعضهم باستيراد البضائع التي تخص المواسم المهمة، كما فعل التاجر عبد المجيد الذي استغنى عن أصناف كثيرة مقابل استيراد بضائع خاصة بموسم شهر رمضان المقبل.
وبحسب آخر البيانات التي صدرت مؤخراً عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، أنه في عام 2020 الذي شهد ذروة جائحة كورونا انخفضت نسبة التبادل التجاري من وإلى فلسطين إلى 10 مليارات دولار، أي بنسبة تراجع وصلت إلى 10% مقارنة بعام 2019، الأمر الذي أثر بدوره على ما يُعرف بالميزان التجاري مع العالم الخارجي.
من جانبه، بدأ التاجر محمد بدران، وهو أحد مستوردي الملابس في غزة، الاستغناء عن الاستيراد من الصين رغم الأسعار المتدنية هناك، إلا أنّ ارتفاع نسبة الشحن بهذا الشكل الكبير دفعه للبحث عن خطوط أخرى للاستيراد وأبرزها الأسواق التركية وغيرها من الأسواق الأخرى.
ويوضح بدران لـ"العربي الجديد" أنّ الأسواق المحلية ستشهد خلال الفترة القادمة ارتفاعاً بأسعار السلع وهو ما سينعكس بالتأكيد على الحركة الشرائية، مبيناً أنّه بات مضطراً لرفع أسعار السلع إلى حين استقرار أسعار الشحن من الصين أو الذهاب نحو الاعتماد على الاستيراد من مصادر أخرى. في الأثناء، يؤكّد الخبير الاقتصادي ومدير العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة، ماهر الطباع، أنّ أسعار شحن الحاويات من الصين إلى قطاع غزة ارتفعت إلى خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل جائحة كورونا.
ويعزو الطباع في حديثه لـ"العربي الجديد" أسباب هذه الارتفاع إلى آثار جائحة كورونا وبسببها تشترط الصين على التاجر شراء الحاويات بما فيها دون السماح بعودتها إلى الصين بسبب الجائحة، وهو ما يكلّف التاجر دفع مبالغ مالية باهظة لم يكن يدفعها من قبل.