تشهد ورش تركيب أسطوانات الغاز الطبيعي في السيارات كبديل للبنزين في التشغيل بالجزائر ضغطاً كبيراً منذ بداية العام الجاري، بعدما دفع غلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية الكثير من المواطنين إلى التحول نحو استعمال الغاز كبديل أقل كلفة.
وحسب تقرير صادر عن شركة "نفطال" لتوزيع الوقود الحكومية، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، عرفت عملية تحويل السيارات إلى السير بوقود الغاز، إقبالاً كبيراً خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، حيث وصل عدد السيارات التي جرى تحويلها إلى العمل بالغاز 200 ألف مركبة، دون احتساب ما يجري تحويله عند الشركات الخاصة.
وأشار التقرير إلى ارتفاع نسبة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي بنحو 40% على أساس سنوي، فيما فاق حجم غاز السيارات المستهلك أكثر 1.1 مليون طن.
في محطة "خروبة" بالعاصمة الجزائر لتركيب أسطوانات غاز السيارات "سيرغاز"، كما يُسمى في الجزائر، تصطف السيارات في طابور طويل أمام المحطة، علمت "العربي الجديد" أن بعض السائقين يأتي مع الساعات الأولى لبداية اليوم حتى يضمن مكاناً، وأن المحطة تعمل بنظام "الحصة اليومية" أي عدد ثابت يومياً.
وأجمع السائقون الذين التقتهم "العربي الجديد" أن توجههم إلى استعمال "غاز السيارات" بدل الوقود لم يكن اختيارياً، بل فرضه غلاء المعيشة وارتفاع فاتورة الوقود شهرياً، ما جعل غاز البترول المميع (المسال) ملاذاً، مقارنة بسعره الذي يقدر بـ 9 دنانير (0.08 دولار) مقابل 45 ديناراً (0.3 دولار) للتر الواحد من الوقود.
يقول جمال كسوري، وهو سائق أجرة بين المحافظات، إن "الزيادة التي طُبقت منذ 2018 على أسعار الوقود، مع مرور السنوات وارتفاع مصاريف المعيشة، باتت تكلفني فاتورة كبيرة شهرياً، ما حتم عليّ استعمال غاز السيارات عوض البنزين، ففي السابق كنت أقوم بملء خزان السيارة مرتين في الأسبوع بـ 4 آلاف دينار (29 دولاراً)، ولكن بعد الزيادة الثانية على أسعار الوقود ارتفعت تكلفة ملء الخزان في الأسبوع الواحد إلى قرابة 5500 دينار (40 دولاراً)، وأحياناً أكثر، ففي الشهر الواحد أنفق قرابة 25 ألف دينار (185 دولاراً)، ولم أجد كيف أعوض هذه الفاتورة، فوزارة النقل رفضت مقترح رفع أجور النقل، وبالتالي كان الحل التوجه نحو غاز السيارات".
ويتوقع سائق الأجرة الجزائري أن يوفر أسبوعياً قرابة 2500 دينار (18 دولاراً) من مصاريف الوقود، موضحاً أن ملء قارورة غاز السيارات يكلف 500 دينار كحد أقصى (3.5 دولارات) للمرة الواحدة، مضيفاً: "حسب تقديري أحتاج إلى خزان ونصف أسبوعياً، لأن استهلاك المحرك غاز السيارات أقل من استهلاكه البنزين".
ولم تقتصر هجرة الجزائريين من استعمال الوقود إلى غاز السيارات على سائقي الأجرة وسيارات النقل، بل تعدتهم إلى أصحاب سيارات الركوب الخاصة، الذين أغراهم دعم الحكومة عملية تحويل استهلاك السيارة إلى الغاز، حيث لا يدفع المواطن إلا 10 آلاف دينار (74 دولاراً) وتدفع الحكومة ما يعادل 30 ألف دينار لإتمام عملية التحول، بالإضافة إلى أن سعر غاز السيارات لا يتعدى 9 دنانير للتر الواحد.
وفي السياق، قال عبد القادر برينيس الذي يشتغل في شركة خاصة إنه "تردد قبل اتخاذ قرار استعمال غاز السيارات بالنظر للتأثيرات السلبية التي قد يخلفها على محرك السيارة حسب ما قاله لي البعض، لكن حالة سيارتي القديمة واستهلاكها المفرط للوقود جعلني اختار التحول إلى سيرغاز، خاصة بعدما علمت أن تكلفة تركيب القارورة مدعمة من الحكومة، وسعر الغاز ضئيل جداً مقارنة بالبنزين دون رصاص الذي كانت السيارة تستهلكه".
وتراهن الحكومة على تحويل مليون مركبة سنوياً، للعمل بالغاز الطبيعي، وذلك في إطار خطة وضعتها لكبح فاتورة استهلاك الوقود الذي تدعم الدولة أسعاره، بالإضافة إلى حماية البيئة من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون.
وحسب الخبير في مجال الطاقة بوزيان مهماه فإن "تحول الجزائريين من استعمال الوقود إلى استعمال غاز السيارات يعتبر أمراً منطقياً فرضته ظروف الغلاء، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "السائق سيربح قرابة 110 آلاف دينار (900 دولار) عند قطع مسافة 100 ألف كيلومتر إذا استعمل الغاز بدل البنزين، دون احتساب ما سيوفره من مصاريف أخرى تتعلق بصيانة السيارة لدى العمل بالبنزين".