حضرت غابرييلا بوشيه، المديرة العامة لمنظمة أوكسفام غير الحكومية، إلى منتدى دافوس الاقتصادي، كي تذكّر بالمآسي التي يتسبب فيها تراكم الثروات لدى المليارديرات عبر العالم، وتدعو إلى القضاء على الفوارق التي تزيد من معاناة الفقراء حول العالم.
قبيل افتتاح المنتدى، الاثنين الماضي، وجّهت غابرييلا انتقادات حادة للسياسات الحكومية وسطوة أباطرة المال، مشيرة إلى أن كل ملياردير يمثل الدليل على فشل السياسات العمومية، داعية إلى فرض ضرائب على المليارديرات بهدف خفض عددهم إلى النصف في أفق 2030.
تلاحظ أوكسفام أن أغنى 1% من البشر قد استحوذوا على ما يقارب ثلثي جميع الثروات الجديدة، التي تبلغ قيمتها 42 تريليون دولار التي جُمعت منذ عام 2020، أي ضعف الأموال التي كسبها 7 مليارات شخص يشكلون 99% من سكان العالم.
تقول غابرييلا إن فرض الضرائب على أصحاب الثراء الفاحش هو الشرط الاستراتيجي لتقليص اللامساواة وإعادة إحياء الديمقراطية.
ظلت أوكسفام التي تعد بمثابة اتحاد دولي للمنظمات الخيرية، وفيّة للرسالة التي واظبت على تجسيدها والمتمثلة في الدفاع عن حقوق المحرومين في هذا العالم. فمنذ نشأة المنظمة كمؤسسة خيرية صغيرة في عام 1942، تحت اسم "لجنة أوكسفورد للإغاثة من المجاعة"، نمت أوكسفام بشكل كبير لتصبح اليوم إحدى أكبر المنظمات الخيرية الدولية المستقلة في مجالي الإغاثة والتنمية.
وتدار أوكسفام اليوم كاتحاد دولي يضم 21 منظمة زميلة، مراكزها منتشرة حول العالم تعمل في أكثر من 90 بلداً بالتشارك مع منظمات محلية وعالمية أخرى، من أجل التوصل إلى حلول دائمة للفقر.
بعد نشأتها واصلت أوكسفام أنشطتها بعد الحرب العالمية الثانية، حيث دأبت على إيصال المساعدات المادية والمالية إلى المنظمات التي تقدم الدعم لفقراء أوروبا، قبل أن توسع اهتمامها إلى الاستجابة لاحتياجات الأشخاص في البلدان السائرة في طريق النمو، حيث تصدت لمحاربة مظاهر الفوارق التي تطاول الأشخاص جراء الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.
تلك الرسالة التي تحمّلتها غابرييلا مند نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حيث جرى اختيارها لتولي تلك المهمة بفضل الخبرة الكبيرة التي راكمتها في مجال العدالة الاجتماعية العالمية، وأبدت التزاما كبيراً بالدفاع عن المساواة بين الجنسين والحقوق الإنسانية ومقاومة الفوارق الاقتصادية.
شبت غابرييلا في مدينة كالي في كولومبيا. وحصلت على بكالوريوس في الفنون من جامعة لوس أنديس، وماجستير في التاريخ من معهد الدراسات الاجتماعية في باريس، وتخصصت في تدبير المنظمات غير الحكومية في إنكلترا.
قبل الالتحاق بأوكسفام عملت مديرة للعمليات لدى Plan International ورئيسة لمؤسسة Plan في كولومبيا، حيث سعت إلى الدفاع عن حقوق الأطفال والفئات التي عانت من تداعيات النزاع المسلح الذي دام عدة عقود. وساهمت في بلدها في ترسيخ أسس السلم والمواطنة النشطة للشباب، عبر التأثير في المقاربة التي اعتمدها بلدها على مستوى العدالة التي تقوم على تعويض الأطفال عما لحق بهم جراء الأوضاع غير المستقرة هناك.
تقول غابرييلا إنها تمكنت من التعرف على المجتمع الذي يعاني من الفوارق بفضل والدتها. تؤكد أنها صُدمت عندما وقفت على الظلم الواقع على الناس في الأحياء الهامشية لمدينتها كالي، مشددة على أنها فكرت دائما كيف تساهم في تغيير حياة الناس بطريقة فعالة. هذا ما دفعها إلى الانخراط في العمل التطوعي.
تؤكد أن انضمامها إلى أوكسفام مردّه إلى الاقتراب أكثر من آلام الناس، والوقوف على الكيفية التي يتم بها هدم بعض القيم، وهو ما تجلى لها أكثر في ظل جائحة كورونا عبر الفوارق في توزيع اللقاحات. لم تتردد المنظمة قبل عام في التأكيد على أن كورونا يحكم على مليارات البشر بالفقر لأكثر من عقد.
ذلك دفع غابرييلا إلى التشديد آنذاك على أنه "يجب أن تكون مكافحة انعدام المساواة في صميم جهود الإنقاذ والتعافي الاقتصادي عبر تمويل الخدمات العامّة عبر نظام ضريبي يدفع فيه الأفراد والشركات الأغنى نصيبهم العادل".
عند توليها إدارة أوكسفام، أكدت غابرييلا أن الفوارق تؤبد الفقر والامتيازات وعدم المساءلة، وتكرّس الإقصاء والعنصرية، وتؤجج النزاعات.