عُمان: قفزة نوعية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

02 اغسطس 2023
المشروعات الصغيرة تساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي (Getty)
+ الخط -

قفز إجمالي عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المقيدة في سجل هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عمان إلى 104574 مؤسسة، انعكاسا لسلسلة من الإجراءات والتشريعات الداعمة لإنتاج تلك المؤسسات.

ووفق الإحصاءات الصادرة عن الهيئة في 23 يوليو/ تموز، فإن عدد المؤسسات المتوسطة بلغ أكثر من 1000 مؤسسة.
وساهمت تلك المؤسسات بدور مهم في تنويع الاقتصاد العماني وخلق فرص العمل وزيادة الإنتاجية وتعزيز الابتكار والتنافسية، كما ساهمت في الصادرات بقيمة مليارين و155 مليوناً و744 ألف ريال عماني (5 مليارات و628 مليوناً و56 ألف دولار)، وهو ما أوردته بيانات الهيئة لعام 2020، وهي آخر إحصائية صادرة عن الهيئة في هذا الصدد.

و"تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة" هي الجهة المختصة بإعداد الخطط والسياسات والبرامج التنفيذية لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الحرفية بسلطنة عمان في إطار الاستراتيجية الوطنية الشاملة للتنمية.

وتقدم خدمات متنوعة مثل الاستشارات المالية والفنية والإدارية والقانونية، وإنشاء مراكز وحاضنات أعمال، وتنظيم دورات تدريبية وتأهيلية، وتمويل رواد ورائدات الأعمال، وضمان حصولهم على فرص الأعمال من المشتريات والمناقصات الحكومية.

أفضلية تشريعية

في هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي العُماني خلفان الطوقي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الأفضلية التشريعية هي السبب الأول وراء قفزة أعداد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عمان، ضاربا المثل بإلزام القانون للحكومة بتخصيص 10% من قيمة عقودها لتمويل المؤسسات الصغيرة المتوسطة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويضيف الطوقي أن الشركات الحكومية تمثل عامل دعم أيضا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى مبادرة أطلقتها لتخصيص مليار دولار من مبيعاتها لتلك المؤسسات.

وأكد أن أولوية هذا التمويل تذهب لدعم إنتاج المؤسسات لـ120 منتجا مدعوما في إطار برنامج "ريادة" المتكامل.

ويلفت الطوقي إلى أن الدعم المقدم، في إطار البرنامج، يعد عاملا رئيسا لقفزة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالسلطنة، موضحا أن هذا الدعم التمويلي والتشريعي والاستشاري واللوجيستي أصبح سياسة عامة لحكومة السلطنة.
وفي هذا الإطار، تفكر بورصة مسقط في إطلاق بورصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما خصص البنك المركزي 5% من حجم قروض البنوك التجارية للمؤسسات ذاتها، حسب الطوقي.

ويتحدث الخبير الاقتصادي عن عامل آخر في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بسلطنة عمان، وهو الإعفاءات التي تتمتع بها تلك المؤسسات، والتي تشمل البنك المركزي وغرفة تجارة وصناعة عمان والبنوك التجارية وبنك التنمية العماني، مشيرا إلى أن حكومة السلطنة تعول على تلك المؤسسات في توظيف العمالة الوطنية.

ويوضح الطوقي أن التوجه الحكومي لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعود إلى عام 2012، وشهد طفرة نوعية منذ عام 2020، لافتا إلى أن زيادة وعي الشباب العماني بأن الوظائف في القطاع الخاص غير مضمونة، خاصة بعد جائحة كورونا، إضافة إلى عدم جدوى وظائف القطاع الحكومي ماليا، دفعت فئة كبيرة منهم إلى المغامرة بإطلاق مؤسسات صغيرة لبدء أعمالهم الخاصة التي تحقق لهم طموحاتهم الفكرية والمادية.

مرحلة صناعية

يشير الخبير الاقتصادي محمد الناير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن كثيرا من الاقتصادات حول العالم جرى بناؤها على نشاط المؤسسات الصغرى وإيجاد تمويل لمشروعاتها والتوسع فيها، شريطة أن تكون هذه المشروعات ضمن خطة الدولة الكلية.

ويساهم ذلك، حسب الناير، في خلق وفرة في الإنتاج، سواء كان زراعيا أو صناعيا أو خدميا، ويساهم أيضا في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وزيادة حصيلة الإيرادات والتخفيف من معدلات الفقر، إضافة إلى المساهمة كمرحلة من المراحل الصناعية، إذ تعتمد عديد الدول على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القيام بعمليات صناعية صغيرة تكتمل بها الصناعات الكبيرة.

أما المشروعات المتوسطة، فلها مهام مختلفة، وتكون مشروعاتها بأحجام اقتصادية أكبر، وبالتالي تكون معدلات إنتاجها ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي أكبر، حسب الناير، الذي أشار إلى أن منظومة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تتكامل بعضها مع بعض.

ويضرب الناير مثالا بصناعة السيارات، لافتا إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمد الشركات العملاقة بأجزاء مهمة في الصناعة الكلية، وهو ما يتكرر في كثير من الصناعات الأخرى، بما فيها الصناعات التحويلية، وصولا إلى منتج نهائي قابل للتصدير، يمثل قيمة اقتصادية مضافة.

ويؤكد الخبير الاقتصادي على ضرورة التوسع في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في عمان وتجميع مشروعاتها في كيانات اقتصادية كبيرة، يمكن أن تساهم في تقدم اقتصاد السلطنة.

المساهمون