عُمان: ضبط الإنفاق وراء تحسن التصنيف الائتماني

06 أكتوبر 2023
تتوقع "فيتش" أن تحقق السلطنة نموا بالناتج المحلي بقرابة 2.1% عام 2023 (Getty)
+ الخط -

انعكاس ملموس للجهود الحكومية في ضبط الإنفاق العام سجله رفع الوكالات الدولية لتصنيف سلطنة عُمان الائتماني، على التوازي مع إعلان تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 2.1% في النصف الأول من العام الجاري.

فالحكومة العمانية تعمل على استغلال إيرادات النفط الإضافية في خفض المديونية العامة للدولة وإدارة المحفظة الإقراضية، ما يعزز تحسن توقعات الوكالات الدولية بشأن أسعار النفط المستقبلية.

وأظهرت بيانات وزارة المالية العمانية، أن صافي إيرادات النفط ارتفع 9% في الربع الأول من العام الحالي مدفوعة بزيادة أسعار النفط والإنتاج، ما ساعد السلطنة على تحقيق فائض في الميزانية قدره 450 مليون ريال عماني (1.17 مليار دولار) خلال تلك الفترة.

ولذا أشاد تقرير حديث لوكالة "فيتش" بالتزام الحكومة العمانية بخفض الإنفاق العام رغم ارتفاع أسعار النفط، مشيرا إلى أن النهج الذي اتبعته في إدارة الدين العام وسداد بعض القروض الخارجية قبل موعد استحقاقها أدى إلى خفض مخاطر ضغوطات السيولة المالية الخارجية.

وتتوقع الوكالة نمو الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة من 2.1% في 2023 إلى 2.7% في العام 2024، وتحقيق الميزانية العامة للدولة فائضاً مالياً بنحو 4.1% في 2023، و2.4% في 2024.

كما رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز"، تصنيفها الائتماني لسلطنة عُمان، في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، إلى (BB+) مع نظرة مستقبلية "مستقرة".

استغلال الطفرة النفطية

يؤكد الخبير الاقتصادي العماني، محمد الوردي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن رفع التصنيف الائتماني للسلطنة يعود إلى مواصلة الحكومة خفض وترشيد الإنفاق واستغلال الطفرة النفطية لخفض الدين العام، حيث تتوقع فيتش خفض الدين العام العماني بنهاية 2023 إلى نسبة 36% من الناتج الإجمالي المحلي، وأن تصل تلك النسبة إلى 35% بنهاية 2024.

ويضيف الوردي أن السلطنة سددت قرابة 1.5 مليار ريال (3.9 مليارات دولار) من ديونها عام 2023، ما أدى إلى انخفاض الدين العام ليصل إلى قرابة 16.3 مليار ريال (42.38 مليار دولار)، ما يمثل قرابة 37% من الناتج المحلي الإجمالي.

ويعود ضبط الإنفاق الحكومي، حسب الوردي، إلى سياسة حكومية بدأت عام 2021، إضافة إلى زيادة إيرادات النفط والغاز، ما مكن الحكومة من تحقيق فائض مالي بالموازنة، بنهاية يوليو/تموز الماضي، بقيمة 700 مليون ريال (1.8 مليار دولار)، إذ إن سعر التعادل بالموازنة هو 70 دولارا للبرميل، بينما يبلغ سعر برميل النفط حاليا نحو 94 دولارا.

وقد انعكس ذلك على النمو الاقتصادي للسلطنة، وفق الوردي، إذ حققت نموا بالأسعار الجارية بقرابة 2.1%، ويعود ذلك إلى زيادة الإيرادات النفطية وغير النفطية، ولذا تتوقع "فيتش" أن تحقق السلطنة نموا بالناتج المحلي الإجمالي بقرابة 2.1% عام 2023 على أن يعاود هذا الناتج للارتفاع مجددا ليصل إلى 2.7% في عام 2024.

وبالنسبة لتوقعات النصف الثاني من العام الجاري، يشير الوردي إلى مواصلة تحقيق السلطنة فائضا ماليا بموازنتها، مع استمرار زيادة الإيرادات النفطية، ليصل هذا الفائض إلى نحو مليار ريال (2.6 مليار دولار)، خاصة أن أسعار النفط ارتفعت في الربع الثالث من العام الجاري بقرابة 30%.

كما يشير الوردي إلى توقعات بأن تواصل السلطنة تحقيق نمو في ناتجها المحلي بما يزيد على 2% بالأسعار الجارية للسنة 2023، على أن تزيد نسبة النمو في 2024، لافتا إلى أن تلك التوقعات تؤيدها "فيتش" وصندوق النقد الدولي.

نسبة آمنة للديون

يشير الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن رفع التصنيف الائتماني للسلطنة يعطي للحكومة مساحة للاقتراض مجددا بفوائد منخفضة وسداد أقساط من الديون القديمة ذات الفوائد العالية، وهو ما استغلته حكومة السلطنة خلال عام 2022 والنصف الأول من عام 2023.

ويؤكد الطوقي أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة ستكون آمنة جدا بنهاية العام الجاري، بما يمكن الحكومة من مواصلة خططها التنموية والاستثمارية داخل وخارج السلطنة، مشيرا إلى أن الوفرة المالية الناتجة من إيرادات النفط والغاز يمكن توجيهها إلى جهاز الاستثمار العماني (الصندوق السيادي) كي يوسع محفظته.

ويضيف الخبير الاقتصادي إلى أن توقعات النمو الاقتصادي العمانية تحققت بنسبة أكبر من نظيرتها لدى صندوق النقد الدولي، متوقعا استمرار تحقيق فوائض مالية، خاصة أن متوسط سعر برميل النفط في الربع الأول والثاني من العام الجاري كان قرابة 83 دولارا، مع تخفيض السلطنة لتصدير النفط التزاما باتفاق "أوبك+".

ويتوقع الطوقي أن تزيد الفوائض المالية العمانية بنهاية النصف الثاني من العام الجاري، خاصة أن بعض توقعات أسعار النفط تصل بمتوسط سعر البرميل إلى 100 دولار قبل نهاية 2023، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه دعم منظومة الحماية الاجتماعية التي أقرتها السلطنة وتبدأ في عام 2024، إضافة إلى دعم مبادرات التحفيز الاقتصادي.

المساهمون