عودة قطع الكهرباء تؤرق المصريين... ومتاعب إضافية للاقتصاد العليل

17 ابريل 2024
أفراد من الأمن المصري أمام محطة كهرباء جرى تشييدها حديثاً في ضواحي القاهرة (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أسرة تجتمع في الإسكندرية للاحتفال بالعيد ومشاهدة مسرحية كوميدية، تتحول فرحتهم إلى قلق بعد إعلان عودة انقطاع الكهرباء لمدة ساعتين يوميًا، مما يؤثر على الصيف والامتحانات.
- الحكومة المصرية تعلن عن خطة تخفيف الأحمال بسبب نقص الغاز والضغط على الشبكة الكهربائية، مما يثير استياء المواطنين بسبب تأثيرات سلبية على الحياة اليومية والأعمال.
- المواطنون والطلاب وأصحاب الأعمال يطالبون بحلول فورية لمشكلة انقطاع الكهرباء، مؤكدين على أهمية تحسين البنية التحتية وتوفير خدمة كهربائية مستقرة لضمان حياة أفضل ودعم الاقتصاد الوطني.

كانت الأجواء مليئة بالفرح وتحتفل الأسرة بتقاليد العيد الذي غادر للتو، حيث تملأ رائحة الكعك والحلويات الهواء وتتزين الأركان بألوان الديكور الزاهية في منزلهم الصغير بإحدى ضواحي الإسكندرية الهادئة، إذ اجتمع الأب والأم وابنتهما لمشاهدة مسرحية كوميدية كعادتهم في كل عيد.

ووسط مشاهد المسرحية، وتبادل النظرات المشوقة وتردد الضحكات العفوية والسعادة الغامرة، قطع تلك اللحظات خبر عاجل نُشر أسفل الشاشة عن "إعادة تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء من جديد لمدة ساعتين يومياً"، وعلى الفور تبدلت الضحكات إلى وجوه عابسة والسعادة الغامرة إلى حنق وضيق وضجر".

ماذا سنفعل في الصيف والحر آت؟".. قالها الأب محمد عبد ربه دون أن يلف رأسه باتجاه الزوجة، والتي ردت بدورها لتقول "ليس هذا كل شيء، فالأصعب من ذلك هو تزامنه مع فترة الامتحانات، وما يسببه ذلك من عطلة وأزمات".

لحظات من الصدمة والخيبة مرت على الأسرة كانت كفيلة بتحويل حالها من السعادة إلى التوتر والغضب خاصة بعد إعلان وزارة الكهرباء المصرية، الاثنين الماضي، عودة العمل بخطة تخفيف الأحمال ومواعيد قطع الكهرباء عن المنازل والمحال التجارية، التي كانت الحكومة قد أعلنت وقف تطبيقها خلال شهر رمضان.

الأسرة الصغيرة لم تكن وحدها التي مرت بتلك اللحظات، إذ يعاني المصريون تحدياً جديداً يثير قلقهم ويؤرق حياتهم اليومية، وهو إعلان الحكومة إعادة قطع التيار الكهربائي لمدة ساعتين يومياً في الوقت الذي يعود فيه الناس إلى روتينهم الحياتي بعد أيام عيد الفطر.

ومنذ 17 يوليو/ تموز من العام الماضي، تنقطع الكهرباء بصفة منتظمة يومياً، وحددت الحكومة جداول ثابتة لمواعيد تنفيذ خطة عرفت بـ"تخفيف الأحمال" لفصل التيار الكهربائي عن جميع المناطق في أرجاء الجمهورية باستثناء 4 محافظات، هي مطروح (شمال غرب)، وشمال سيناء وجنوب سيناء (شمال شرق)، والبحر الأحمر (شرق)، بالإضافة إلى المناطق الاستراتيجية التي يتم استثناؤها من أقسام شرطة ومستشفيات وغيرها.

وأرجعت الحكومة أسباب القطع اليومي للتيار إلى نقص إمدادات الغاز الموردة لمحطات الكهرباء واللازمة لدعم الطلب المتزايد على الكهرباء الذي يضع ضغطاً كبيراً على الشبكة الكهربائية، وهو ما دفع الحكومة إلى تنفيذ جدول متسلسل لانقطاع التيار الكهربائي يشمل جميع مناطق البلاد.

وأكد محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، في تصريحات صحافية، أن العودة مرة أخرى لتخفيف الأحمال تأتي بعد توقف الخطة خلال شهر رمضان، مشيراً إلى أن أبرز الأسباب التي دفعت الحكومة للعودة لتخفيف الأحمال هي الضغط على شبكات الكهرباء الذي يجعل تخفيف الأحمال ضرورة في ضوء الاستهلاك المتزايد، علاوة على ما يتعلق باستيراد الوقود من الخارج، وترشيد الاستخدام لتوفير متطلبات القطاعات المتعددة.

وعبر المواطنون عن استيائهم واستنكارهم لهذا الوضع، حيث يؤثر الانقطاع المتكرر على حياتهم اليومية ويعرضهم للعديد من المشاكل والتحديات.

ويشكو الأهالي من توقف المصاعد وتلف الأجهزة المنزلية، مثل أجهزة التلفاز والثلاجات والمكيفات والمراوح، كما يتعذر على العديد من الأفراد القيام بأعمالهم وواجباتهم بشكل طبيعي، ما يتسبب في تأخر المواعيد وتعطيل العمل.

ولا يقتصر تأثير هذا الانقطاع على الحياة الشخصية فحسب، بل يطاول أيضاً القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد، فالشركات والمصانع تعاني من توقف الإنتاج والخسائر المالية الناجمة عن ذلك، بينما يعاني قطاع التجزئة والخدمات من تقليل ساعات العمل وتأثر حركة الزبائن والعملاء، فيما يلجأ البعض إلى استخدام مولدات الكهرباء الاحتياطية، كحل مؤقت ومكلف للكثيرين في محاولة للتخفيف من تأثير هذا الانقطاع.

"عودة انقطاع الكهرباء في هذا التوقيت غير مقبولة على الإطلاق، فنحن في فصل الصيف ودرجات الحرارة تكون مرتفعة جداً، وسنكون بحاجة ماسة للتكييف والتبريد، ولكن مع انقطاع الكهرباء المتكرر يصبح الأمر مستحيلاً، وهذا يؤثر على صحتنا وراحتنا، ويجعل حياتنا معاناة كبيرة"، وفق رمزي سعدون (35 عاماً)، الذي يعمل محاسباً.

وقال سعدون: "يجب أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها وتجد حلولاً فورية لهذه المشكلة المستمرة، لا يمكننا أن نستمر في العيش في ظل هذا الانقطاع المتكرر، نحن ندفع فواتير الكهرباء بأسعار مرتفعة، فلماذا لا نحصل على خدمة مستقرة ومنتظمة؟.. هذا الوضع يجب أن يتغير".

وقالت ريم رمزي، الطالبة في الثانوية العامة (17 عاماً)، لـ"العربي الجديد: "أنا طالبة في الثانوية العامة، ونحن الآن في موسم الامتحانات، ويعتمد الكثيرون منا على الكهرباء للدراسة واستخدام الحواسيب والإنترنت، ولكن مع انقطاع الكهرباء يتعطل كل شيء، ويتعذر علينا الاستعداد للامتحانات بشكل مناسب، وهذا يشكل تهديداً لمستقبلنا الدراسي".

وطالبت باتخاذ إجراءات عاجلة لحل هذه المشكلة المتفاقمة، وتحسين البنية التحتية للشبكة الكهربائية وتحسين التخطيط والتنظيم لجدول انقطاع التيار الكهربائي، بحيث يتم توزيعه بشكل أكثر عدلاً ويتم التنسيق مع المواعيد الحيوية للمواطنين.

وأشار تهامي أبو المجد، وهو تاجر حبوب في وسط الإسكندرية، شمال مصر، إلى أن الانقطاع المستمر للكهرباء يؤثر على الأعمال التجارية، مضيفاً: "نحن نعاني من توقف الإنتاج ومن خسائر مالية جراء ذلك، وعلى مستوى أوسع فإن ذلك يعرقل نمو الاقتصاد ويؤثر سلباً على فرص العمل واستقرار البلاد بشكل عام".

وأضاف أبو المجد: "نحن بحاجة إلى استقرار وثقة في الخدمات الحكومية، وخاصة في ما يتعلق بتوفير الكهرباء، فلا يمكننا أن نتحمل هذا الانقطاع المستمر والذي يؤثر على حياتنا اليومية وتجارتنا، وبخاصة تلك التي تحتاج إلى مبردات وثلاجات.. نستحق حياة أفضل وتوفير الخدمات الأساسية بشكل مستمر ومنتظم".

المساهمون