بدأت حكومات دول غربية، في مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، تدعمها وسائل إعلام كبرى في تنفيذ خطة تستهدف تشويه حركة حماس وقادتها ماليا والحديث عن تمويلات مشبوهة للحركة، وذلك بعد أن فشلت في تشويهها أخلاقيا وإنسانيا.
ولذا رأينا مزاعم غربية تخرج من وقت لآخر عقب انطلاق "عاصفة الأقصى" تتحدث عن امتلاك قادة حركة المقاومة الفلسطينية شخصيا مليارات الدولارات في البنوك الغربية، إضافة إلى أصول أخرى من عقارات وأراض واستثمارات.
والزعم كذلك بأن كبار القادة ينعمون بالعيش في رفاهية ورغد وقصور وفنادق، في وقت لا يجد أهالي غزة أقل مقومات الحياة من غذاء ومياه ووقود.
حكومات تزعم بأن كبار حماس ينعمون بالعيش في رفاهية ورغد وقصور وفنادق، في وقت لا يجد أهالي غزة أقل مقومات الحياة من غذاء ومياه ووقود
من بين تلك النماذج التقرير الذي نشره موقع "فرانس 24" عن إسماعيل هنية يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وينقل فيه مزاعم ينسبها لصحيفة "ذي تايمز" البريطانية تقدّر ثروة رئيس المكتب السياسي لحماس بنحو 4 مليارات دولار.
وقبلها زعمت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن ثروة هنية الشخصية تقدر بمليارات الدولارات، ولم تقدم الوزارة أو الموقع الفرنسي والصحيفة أي دليل يدعم هذا الادعاء.
كما نشر الحساب الرسمي للوزارة على موقع التواصل الاجتماعي إكس، يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني، صورة ادّعى أنّها لغلاف عدد أكتوبر/تشرين الأول من مجلة فوربس Forbes الأميركية، والذي احتوى صورة رئيس حركة حماس في الخارج، خالد مشعل، مرفقة بادعاءات مفادها أنّ ثروته تبلغ 5 مليارات دولار.
وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي زعم تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن إسماعيل هنية، يدير ويشرف على شبكة مالية واسعة بعيدا عن غزة يقدر حجمها بمليارات الدولارات، دون أن تقدم دليلا واحدا على تلك الادعاءات.
وأكتفت بالزعم بأن تلك الأصول تستثمر في دول عدة منها السودان وتركيا والسعودية والجزائر والإمارات وغيرها.
وللترويج لتلك المزاعم ومحاولات تشويه حركة المقاومة الفلسطينية أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن تحرك لتجميد ثروات قادة حماس وفرض عقوبات جديدة ضد مجموعة من كبار مسؤولي الحركة "في محاولة لتقويض التدفقات المالية التي غذت هجومها على إسرائيل".
أصدرت فرنسا مرسوما يقضي بتجميد أصول وأموال زعيم حماس في غزة يحيى السنوار الذي لا يمتلك يورو واحد في بنوكها
وأصدرت فرنسا مرسوما يقضي بتجميد أصول وأموال زعيم حركة حماس في غزة يحيى السنوار بحسب مرسوم نشر أول من أمس الثلاثاء في الجريدة الرسمية، وينص على أن الأموال والموارد الاقتصادية التي يملكها أو التي يتحكم فيها السنوار تخضع لتجميد أصول.
اللافت في القرار أن حكومة فرنسا وأجهزتها تعرف قبل غيرها أن السنوار لا يمتلك أي أصول مالية في الخارج أو ودائع وسيولة نقدية في البنوك الفرنسية أو غيرها من البنوك العالمية، وأنه شخص فقير وليس له أصول تذكر كما يقول مقربون من الرجل الذي تعتبره إسرائيل العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر الماضي، على أراضيها.
وفي مرسوم مماثل مؤرخ صدر في 13 نوفمبر، أعلنت باريس أنها ستجمد أصول محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام، والمدرج على القائمة الأميركية لـ"الإرهابيين الدوليين" المطلوبين منذ العام 2015.
كما فرضت لندن أيضا عقوبات تشمل تجميد أصول وحظر سفر، على 6 أفراد هم أربعة من قادة حماس واثنان متّهمَان بتمويل الحركة، بينهم الضيف، والسنوار.
وفي نوفمبر الماضي، دعت سكرتيرة الدولة الفرنسية المكلفة بشؤون أوروبا لورانس بون، إلى فرض عقوبات أوروبية تستهدف كبار مسؤولي حماس، خصوصا العقوبات المالية التي قد تأخذ شكل تجميد للأصول والودائع.
رغم المزاعم لم تخرج علينا حكومة غربية واحدة بمعلومات موثقة تؤكد امتلاك قادة حماس ثروات طائلة وودائع في بنوكها
وبالرغم من تلك الحملات والمزاعم لم تخرج علينا حكومة غربية واحدة بمعلومات موثقة تؤكد امتلاك قادة حماس ثروات طائلة وودائع في بنوكها وقطاعها المالي والاستثماري، أو أن يكون للقادة حسابات مصرفية متخمة بالمليارات لدى أحد البنوك الفرنسية أو الغربية.
بل ولم يثبتوا أن واحدا من هؤلاء القادة يمتلك منزلا في ضواحي لندن أو باريس، أو حتى شقة صغيرة في دولة أوروبية من اقتصادات الدرجة الثانية، أو يمتلك أسهما أو حصة في شركة مغمورة.
وقبل أيام، حاولت صحف إسرائيلية منها "هآرتس" ووسائل إعلام عربية الإيحاء بأن المستثمرين الذين ضاربوا على أسهم إسرائيلية وجنوا مليارات الدولارات قبل انطلاق عاصفة الأقصى مستغلين معلومات غاية في السرية عن موعد العاصفة مرتبطون بحركة حماس، وكانوا يعرفون مسبقا عن خطة حماس للهجوم، الذي هوى بالأسواق المالية داخل دولة الاحتلال.
لا يتوقف الأمر عند حد تشويه سمعة قادة حماس والزعم بامتلاكهم مليارات الدولارات، فالولايات المتحدة تقود حملة دولية للضغط على حكومات دول عربية وإسلامية بهدف الحيلولة دون وصول أي مساعدات نقدية للمقاومة أو حتى لأهالي غزة، ومنع أي تبرعات يتم جمعها لصالح الشعب الفلسطيني بزعم أن تلك الأموال تصل إلى حماس وتمول المجهود العسكري ضد دولة الاحتلال.
ومؤخرا سافر كبار مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية، إلى الإمارات وقطر والسعودية وتركيا وأوروبا كجزء من حملة عالمية منسقة، لاستهداف مصادر تمويل حركة حماس وتجفيفها كما يقولون.