الخبر، بل والمعركة، الأهم حالياً داخل الولايات المتحدة تدور حول مدى نجاح إدارة جو بايدن في تمرير مشروع قانون داخل الكونغرس ينص على ضمان الدولة أموال المودعين بالكامل وفي كل البنوك وليس حتى 250 ألف دولار كما هو معمول به الآن، وقدرتها على توسيع تغطية المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع مؤقتاً لتشمل جميع الأموال المودعة، وهي خطوة يرى الجميع، سلطات وأجهزة رقابية وبنوكاً، أنها ضرورية لتجنب أزمة مالية محتملة.
تحرك السلطات الأميركية الأخير جاء بعد أن استشعرت الخطر الشديد والمتنامي المحيط بالقطاع المصرفي الذي يتعرض لهزات عنيفة عقب إفلاس 3 بنوك، مع خفض التصنيف الائتماني للبنوك الأميركية، واندفاع ملايين المدخرين نحو سحب مليارات الدولارات من البنوك الصغيرة والمتوسطة خوفاً من انهيارها.
وهذا التدافع من قبل المودعين لم يتوقف على الرغم من إعلان إدارة جو بايدن عن ضمان أموال المودعين في البنوك الثلاثة المنهارة وفي مقدمتها سيليكون فالي وسيغنتشر، وتأكيد مايكل كيكوكاوا، المتحدث باسم البيت الأبيض على استخدام كل الأدوات المتوفرة لدعم مجتمع البنوك.
زاد من هذه المخاطر الحديث عن رغبة المسؤولين في الاستعداد لسيناريو "أسوأ حالة" يتدافع فيه المودعون لسحب أموالهم من البنوك، وهو ما قد يتسبب في انهيار أنشطتها وتهاوي أصولها على غرار ما حدث مع "سيليكون فالي بنك".
واكب ذلك أيضاً تحرك قيادات مصرفية وجماعات ضغط للمطالبة بضمانات شاملة من المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع لمواجهة الأزمة التي اندلعت بسبب انهيار سيليكون فالي.
ومع تصاعد المخاطر داخل القطاع المصرفي وتنامي خطر إفلاس المزيد من البنوك تحركت إدارة بايدن لطمأنة كل المودعين وتقديم المزيد من الضمانات، وبدأت وزارة الخزانة بالفعل دراسة كيفية توسيع نطاق الضمانات الفيدرالية مؤقتاً لتشمل جميع الودائع المصرفية، وذلك تحسباً لتفاقم الأزمة الحالية التي تواجه البنوك ومحاولة استعادة الثقة بين المودعين قبل سقوط بنك آخر.
كذلك تقوم الوزارة بمراجعة ما إذا كانت لدى السلطات الفيدرالية سلطة طوارئ كافية للتأمين مؤقتاً على الودائع التي تزيد عن الحد الأقصى الحالي البالغ 250 ألف دولار على معظم الحسابات دون موافقة رسمية من الكونغرس.
لكن في مقابل تلك التحركات من قبل الإدارة الأميركية رأينا انقساماً شديداً داخل الكونغرس تجاه هذه الخطوة، فقد تعهد صقور الجمهوريين بمجلس النواب معارضة أي ضمان اتحادي شامل للودائع المصرفية التي تزيد عن الحد الحالي البالغ 250 ألف دولار، وهو ما يعرقل أي خطوة من شأنها تهدئة مخاوف المودعين والحد من ظاهرة تهافت العملاء على البنوك لسحب أموالهم مع تراجع الثقة بالقطاع المصرفي.
إدارة بايدن متمسكة بخطوة ضمان أموال كل المودعين في البنوك وليس في البنوك المفلسة فقط، ووزارة الخزانة تدرس كيفية تطبيق ذلك دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس، وهناك تشدد من قبل الجمهوريين.
وفي كل الأحوال فإن ما يحدث حالياً من تحركات سريعة ينم عن أن أزمة القطاع المصرفي الأميركي عميقة وممتدة، وأن إفلاسات أخرى في الطريق، خاصة إذا ما واصل مجلس الاحتياطي الفيدرالي سياسة التشدد النقدي ورفع سعر الفائدة وهو الأمر الذي يبحثه في اجتماعه غدا الأربعاء.