- الجدل يتعدى الإزعاج اليومي ليشمل تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء قطع الكهرباء، خاصة مع الإعلانات عن تصدير الكهرباء والغاز، مما يثير الشكوك حول إدارة الموارد والأولويات الوطنية.
- الحملة ضد قطع الكهرباء تبرز مخاوف بشأن التأثيرات الأوسع على الاقتصاد والقطاعات الحيوية، مع تساؤلات حول التوازن بين الاحتياجات المحلية والالتزامات الدولية، والشكوك حول الأسباب الاقتصادية المعلنة لهذا القرار.
مع إعلان الحكومة المصرية البدء في تطبيق خطة تخفيف الأحمال مجدداً والتي تقضي بقطع الكهرباء عن المنازل لمدة ساعتين يوميا، انطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تهاجم القرار بشدة وتحمل وسم #لا_لقطع_الكهرباء.
ومن الوسم تداول ناشطون وسومات أخرى مرتبطة بالوسم الأصلي منها #كفاية_ضلمة، #ارحمونا،#لا_لتخفيف_الأحمال،#كفاية_قطع_كهرباء،#أنا_أرفض_قطع_الكهرباء،#ليه_تقطع_عنا_خدمة_نقوم_بدفع_ثمنها،#الكهرباء_والمياه_والمنافع_العامة_حق_أساسي#الكهرباء_حق_من_حقوق_الشعب_وبيدفع_ثمنها_اللي_عمال_تشيل_دعمها.
تتناقض مع تصريحات أطلقها كبار المسؤولين عن تحقيق اكتفاء ذاتي من إنتاج الكهرباء، وأن أزمة الكهرباء أصبحت من الماضي
الحملة لها منطقها، فأصحابها يتساءلون، لماذا تقطع الحكومة عنا الكهرباء ونحن ندفع ثمن الخدمة ووفق الأسعار الرسمية التي شهدت قفزات في السنوات العشر الأخيرة.
في حين يستغرب آخرون من قرار قطع الكهرباء عن المنازل بدءا من أمس الاثنين لأسباب أخرى منها مثلا أنها تتناقض كلية مع تصريحات أطلقها كبار المسؤولين في الدولة عن تحقيق البلاد اكتفاء ذاتي من إنتاج الكهرباء في السنوات الأخيرة، والقضاء كلية على أزمة الطاقة بتأسيس محطات إنتاج ضخمة سواء في بني سويف أو غيرها من المناطق، والتأكيد على أن أزمة الكهرباء أصبحت من الزمن الماضي.
بل والحديث المتكرر في وسائل الإعلام عن البدء في تصدير الكهرباء الفائضة لدول مجاورة في مقدمتها السودان وليبيا والأردن وفلسطين والأردن وسورية واليونان وقبرص، ومستقبلا لإيطاليا وباقي الدول الأوروبية.
في حين يربط آخرون القرار بخطط الحكومة تصدير الغاز المصري أو الغاز المستورد من إسرائيل لأوروبا العطشى للوقود الأزرق عقب فرض القارة حصارا قاسيا وعقوبات بحق الغاز الروسي عقب حرب أوكرانيا في فبراير 2022.
واللافت أن أصحاب حملة #لا_لقطع_الكهرباء أعادوا نشر صور تحوي إسرافا شديدا في استهلاك الكهرباء في أماكن أخرى تحظى بدعم أجهزة الدولة حينما راحوا يتحدثون وبكل ثقة عن الإسراف في استهلاك الطاقة داخل العاصمة الإدارية الجديدة ومسجد الفتاح العليم والبرج الأيقوني الأعلى داخل أفريقيا، ومدن العلمين والساحل الشمالي.
وكذا داخل المدن التي يقطنها الأثرياء وعلية القوم وأصحاب الياقات البيضاء كالتجمع الأول والتجمع الخامس والرحاب والقاهرة الجديدة ومديني وغيرها، وهو ما اعتبروه استخفافا بعقول الناس ومطالبتهم بترشيد الاستهلاك في الوقت الذي تهدر فيه أجهزة الدولة الكهرباء في المناطق التي تنعم بدعمها.
اللافت أن أصحاب حملة #لا_لقطع_الكهرباء أعادوا نشر صور تحوي إسرافا في استهلاك الكهرباء في أماكن تحظى بدعم الدولة
هبة المصريين هذه المرة ضد قطع الكهرباء والتي تشبه الانتفاضة لها أسباب وجيهة ومنطقية، فبالإضافة الى المعاناة من الظلام الدامس وما يسببه من مشاكل اجتماعية وأمنية، وتردي الأحوال المعيشية، وفساد الأطعمة وتلف الأجهزة الكهربائية والمنزلية، مثل التلفاز والثلاجة والمكيفات والمراوح، وحشر الناس في المصاعد لمدة تزيد عن الساعة، فإن الأسرة المصرية باتت على مقربة من مواعيد الامتحانات التي تحل خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران المقبلين.
كما أن الأزمة على مقربة أيضا من أشهر الصيف، وإذا كان قطع التيار الكهربائي بدأ من الآن، فما هو الحال عندما يحل الحر القائظ على المصريين خلال أشهر الصيف؟
قطع الكهرباء لن يؤثر فقط على معيشة المصريين ويثير قلقهم ويؤرق حياتهم اليومية، بل قد يمتد لقطاعات حيوية مثل الصناعة والسياحة والزراعة ونمو الاقتصاد والأعمال التجارية.
وهذه قصة كبيرة إذا ما كنا نتحدث عن خطط حقيقية لتشجيع الاستثمار المباشر وزيادة إيرادات الدولة من قطاع الصادرات الحيوي، فتعاقدات التصدير لن تتم في ظل انقطاعات للتيار الكهربائي وزيادة كلفة الإنتاج والضرائب والرسوم.
هل يضحي المصري من أجل رفاهية نظيره الأوروبي الذي ينعم بكهرباء مستقرة وغاز وخدمات متميرة في كل القطاعات؟
وإذا كان أحد الأسباب التي ساقتها الحكومة لقطع الكهرباء ومنذ 17 يوليو/ تموز الماضي تتعلق بعدم توافر النقد الأجنبي اللازم لتمويل باستيراد الوقود من الخارج، فما هو المبرر وقد تدفقت عشرات المليارات من الدولارات على الدولة في الأسابيع القلية الماضية سواء من صفقة رأس الحكمة أو قروض مؤسسات دولية أو أموال ساخنة تجاوزت 17 مليار دولار؟
المصريون يشعرون أن في موضوع قطع الكهرباء هذه الايام "إن"، أي غموض وريبة، لأن الأسئلة السابقة وغيرها لا تجد إجابة شافية وأبرزها، هل يضحي المواطن المصري من أجل رفاهية نظيره الأوروبي الذي ينعم بكهرباء مستقرة وغاز بسعر مقبول وخدمات متميرة في كل القطاعات؟