عن أزمة الغاز والوقود المتصاعدة في مصر

06 يونيو 2024
مصر تستورد الغاز رغم إنتاج حقل ظهر للغاز (رئاسة الجمهورية)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مصر تواجه أزمة غاز ووقود متصاعدة، مع تحولها من مصدرة إلى مستوردة للغاز، مما يثير قلقًا حول استنزاف حقول الغاز وتناقض الأقوال الحكومية حول الاكتفاء الذاتي.
- تأثرت صناعة الكيماويات والأسمدة بنقص الغاز، مما يهدد إنتاج الأسمدة ويؤثر سلبًا على الصادرات والزراعة، بالإضافة إلى تعمق أزمة انقطاع الكهرباء بزيادة مدة قطعها.
- الحكومة المصرية تسعى لاستيراد كميات كبيرة من الغاز لمواجهة الأزمة، بما في ذلك طرح مناقصة لاستيراد 20 شحنة من الغاز المسال، في ظل توقف الصادرات وتساؤلات حول الاكتفاء الذاتي.

هناك أزمة غاز ووقود متصاعدة في مصر، أزمة جرت ترجمتها في تطورين خطيرين ولافتين، حدثا خلال الساعات القليلة الماضية، ويكشفان حجم القلق بين مجتمع المال والأعمال، وقبله غضب المواطن العادي الذي بات يضرب كفاً على كف متسائلاً: أين إنتاج حقل ظهر، أكبر حقل لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في منطقة شرق البحر المتوسط؟ وهل تم استنزاف حقول الغاز مبكرا، وأين حديث الحكومة السابق عن الاكتفاء الذاتي من الوقود الأزرق والتأكيد على التوقف عن استيراد الغاز بدءا من عام 2018؟

ما حقيقة تحول مصر إلى منصة رئيسية لتصدير الغاز لأوروبا ودول العالم؟ كيف تحولت مصر من دولة مصدرة للغاز إلى دولة مستوردة من إسرائيل وغيرها في غضون سنوات قليلة؟ وأين إنتاج العشرات من حقول الغاز التي أُعلن عن اكتشافها ودخولها الخدمة في السنوات الأخيرة؟ أسئلة كثيرة قد لا يجد المواطن لها إجابة واضحة في ظل سياسة التعتيم ونقص المعلومات.

التطور الأول المتعلق بأزمة الغاز والوقود في مصر يتمثل في قرار العديد من شركات الكيماويات والأسمدة في مصر وقف الإنتاج مؤقتاً، وبشكل احترازي، في مصانعها، بسبب نقص الغاز، أو بسبب ما أسمته في بيانات صادرة عنها زيادة الضغوط الناجمة عن الاستهلاك على شبكة الغاز الطبيعي، مما أدى إلى عدم استقرار تدفق الوقود في الشبكة.

كيف تحولت مصر من دولة مصدرة للغاز إلى مستوردة في غضون سنوات؟ وأين إنتاج عشرات الحقول التي أُعلن عن اكتشافها ودخولها الخدمة في السنوات الأخيرة؟

من أبرز تلك الشركات، القابضة المصرية الكويتية، ومصر لإنتاج الأسمدة (موبكو)، وأبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية التي أعلنت بالفعل أنها ستتوقف عن العمل مؤقتاً حتى يستقر الضغط في الشبكة.

قرار الشركات يأتي عقب قطع الحكومة إمدادات الغاز الطبيعي عن مصانع الأسمدة العاملة في البلاد، لمدة غير محددة، وأخطرتهم بذلك عبر خطابات رسمية.

هذا التطور قد تكون له تداعيات خطيرة على إنتاج مصر من الأسمدة، البالغ نحو 12 مليون طن في 2023، وبالتالي على صادرات البلاد المتميزة، حيث تأتي الأسمدة في المركز الثاني بين الصادرات المصرية بقيمة 3.4 مليارات دولار. كما تحتل مصر المرتبة السابعة عالمياً في إنتاج اليوريا.

كما يؤثر الخلل الحاصل في إنتاج الأسمدة بقطاع الزراعة الحيوي الذي يغذي الأسواق المحلية باحتياجاتها من السلع الغذائية، كما تعد الصادرات الزراعية أحد الروافد المهمة لصادرات مصر الخارجية، حيت تجاوزت قيمتها 3.7 مليارات دولار في العام الماضي 2023.

أيضاً تأتي صناعة الأسمدة على رأس أولويات الحكومة كما تردد، وتقول أيضا إنه من المخطط إضافة 3.5 ملايين فدان جديدة إلى المساحة المنزرعة في مناطق الدلتا الجديدة وتوشكى وسيناء.

التطور الثاني المتعلق بأزمة الغاز والوقود المتنامية يرتبط بقرار الشركة القابضة للكهرباء، أمس الثلاثاء، زيادة مدة قطع الكهرباء من ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً، وذلك على مستوى الجمهورية.

وبذلك تتعمق أزمة انقطاع الكهرباء، على الرغم من وعود السلطات المتكررة بالقضاء عليها، وهو ما يقابل بسخط شعبي واستثماري، خاصة مع وجود توقعات بزيادة فترة قطع الكهرباء في الأيام المقبلة، بسبب نقص الوقود.

وقد تردد أن جهات مسؤولة طلبت من حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، تدبير 200 مليون دولار لاستيراد الغاز الذي تحتاجه شركات إنتاج الكهرباء، والمحافظة على فترة انقطاع الكهرباء عند 3 ساعات، وعدم زيادتها لأكثر من ذلك.

الحكومة تتحرك من جانبها للحد من تصاعد أزمة الطاقة، عبر استيراد كميات كبيرة من الغاز تبلغ 20 شحنة خلال الصيف الجاري

الحكومة تتحرك من جانبها للحد من تصاعد الأزمة، عبر استيراد الغاز بكميات كبيرة، ومن المقرر أن تطرح الدولة، خلال أيام، مناقصة عالمية لاستيراد نحو 20 شحنة من الغاز المسال حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لسد احتياجات البلاد من الوقود.

كما نقلت وكالة "بلومبيرغ" أمس عن مسؤول حكومي، قوله إن الدولة تعمل على زيادة كميات الغاز المتاحة خلال النصف الثاني من العام الجاري، لسد احتياجات الكهرباء خلال أشهر الصيف، وأن الحكومة تدرس شراء الغاز الطبيعي المسال من الأسواق، بهدف تفادي حدوث نقص في الوقود خلال الصيف الجاري.

هذا الاستيراد سبقه تأكيدات من حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول المصرية، تؤكد إيقاف مصر تصدير الغاز المسال اعتباراً من مطلع شهر مايو/أيار الماضي.

ونعود للسؤال الأبرز والملح: كيف تحولت مصر من دولة مصدرة للغاز والوقود إلى دولة مستوردة في غضون سنوات، أم أن ما كان يروّج له على نطاق واسع من ضخامة الإنتاج والاكتفاء الذاتي لم يكن حقيقة، وكان عبارة عن حملة علاقات عامة ضخمة؟

وما حقيقة وقف تطوير حقل ظهر، وإعلان شركة إيني الإيطالية أنها اضطرت لسحب سفينة الحفر سايبم سانتوريني من الحقل، لعدم حصولها على 1.6 مليار دولار مستحقات لها لدى الحكومة المصرية؟

المساهمون