في الدول التي يهيمن فيها العسكر على الحكم نجد أن أول ما يركزون عليه هو الاقتصاد، ليس من أجل تحسينه لخلق فرص عمل والحد من البطالة والفساد، ولكن من أجل السيطرة عليه وتوجيهه لخدمة مصالحهم.
وعندما يهيمن العسكر على دولة ما، نجد أن هناك ثلاث سمات يتسم بها الاقتصاد حينئذ، الأولى زيادة الإنفاق العسكري والأمني والتوسع في استيراد أحدث الأسلحة والمعدات والطائرات حتى ولو لم يتم استخدامها، والثانية انتشار البطالة والفقر رغم توافر الموارد، والثالثة سيطرة الفساد والرشوة والمحسوبية على كل مناحي الحياة دون أن يجد الفسدة من يردعهم سواء بالقانون أو بإجراءات استثنائية.
وأكبر مثال حي على ذلك الجزائر التي يسيطر العسكر على مقاليد الحكم فيها منذ سنوات طويلة، فالجزائر اقتصادياً تصنف على أنها واحدة من أغنى الدول العربية، بل تفوق بعض دول الخليج ثراءً، فهي تمتلك ثاني أكبر احتياطي من النقد الأجنبي بعد السعودية بقيمة 200 مليار دولار، ومودع في بنوك غربية، والجزائر واحدة من أكبر منتجي الطاقة في العالم، بل، هي رابع مصدر للغاز، وثالث منتج للنفط في أفريقيا، ومن حيث الإمكانات فهي أكبر بلد أفريقي وعربي من حيث المساحة، ولديها إمكانات سياحية تفوق أي دولة تقع جنوب البحر المتوسط، بالإضافة لامتلاكها ثروات طبيعية هائلة في الجنوب.
ورغم كل هذه الإمكانات، إلا أن الأرقام تشير إلى أن 20% من الجزائريين يعيشون تحت خط الفقر، ولا تزال البطالة مرتفعة، حيث تصل 46%، حسب أرقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لكن الجزائر تقول إنها 9.8% فقط، كما تبلغ البطالة عند الشباب 22.4%،كما سجلت البطالة لدى الجامعيين في 2011 نحو 16.1%، أما بالنسبة للبنية التحتية في البلاد فهي منهارة وتشبه حال البنية التحتية في مصر خلال فترة الستينيات من القرن الماضي.
وعلى مستوى الفساد فإنه يكفي أن نقول إن مجلس المحاسبة في الجزائر قدر قيمة الضرائب غير المحصلة لسنة 2011 بنحو 100 مليار دولار، إضافة إلى عمليات التهرب الضريبي بمليارات الدولارات.
أما بالنسبة للإنفاق على السلاح، فأرقام معهد استكهولم لأبحاث السلام، تقول إن مشتريات الجزائر من السلاح تضاعفت 277 مرة خلال السنوات الأخيرة، كما أن الجزائر رفعت مخصصات جيشها لأكثر من 13 مليار دولار بموازنة 2015، وهو ما يعادل موازنات ثمانية جيوش عربية هي مصر والعراق والمغرب وتونس وليبيا وسورية والأردن واليمن، وخصصت 6.95 مليار دولار لوزارة الداخلية، ليصبح الإنفاق على الأمن 20 مليار دولار بما يعادل 17.8% من موازنة العام 2015.
هذا هو حال الدول عندما تقع تحت حكم العسكر.