عمال غزة في إسرائيل بلا حقوق: انتهاكات متصاعدة

28 فبراير 2022
إجراءات الاحتلال تخنق معيشة الفلسطينيين في القطاع المحاصر (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تعرّض الفلسطيني عبد الوهاب محمد لإصابة خلال عمله داخل الأراضي المحتلة عام 1948 دون أن يتلقى العلاج اللازم أو يحصل على تعويض مالي مقابل الإصابة التي تعرّض لها خلال عمله.
وقبل شهرين حصل عبد الوهاب على تصريح يمكّنه من العمل داخل الأراضي المحتلة دون أن يكتب فيه "عامل"، حيث كتب عليه "تصريح تاجر"، وهو ما يحرمه وغيره حقوقهم المالية أو التأمين الصحي وغير ذلك من الحقوق العمالية.

حرمان من الحقوق الأساسية
وفي أعقاب المواجهة الأخيرة بين المقاومة والاحتلال في مايو/ أيار الماضي، قدمت إسرائيل نحو 10 آلاف تصريح لفئات محددة في إطار التفاهمات، تحت بند "تصريح تاجر" أو "حاجات اقتصادية"، وهو ما يحرم حملة هذه التصاريح جميع حقوقهم العمالية.

وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، فإن إجمالي عدد العاملين في القطاعات الحكومية والخاصة والشركات والأونروا يقدَّر بنحو 278 ألف عامل في غزة، فيما يقدَّر عدد العاطلين من العمل بنحو 270 ألف عامل.

ويقول العامل محمد لـ "العربي الجديد" إنه تعرّض للإصابة خلال عمله في إحدى الدفيئات الزراعية قبل أن يصاب في قدمه حيث نقل إلى القطاع لإجراء العملية الجراحية، إذ لا يغطي التصريح الذي يحمله تكاليف العلاج أو نفقات الدواء.

ووفقاً للعامل الفلسطيني، فإنّ تكلفة إجراء العملية في أحد المستشفيات الإسرائيلية كان يتجاوز 80 ألف شيكل إسرائيلياً، فضلاً عن رسوم الرعاية الصحية، وهو ما أدى إلى نقله للقطاع، حيث أُجريَت في أحد المشافي الحكومية من دون أن يتحمّل صاحب العمل أيّ تكاليف (الدولار = 3.20 شيكل إسرائيلي).

ويرى محمد أنّ تصريح العمل الحالي فيه إجحاف بحق عمال القطاع، وتهرب واضح من الحقوق الأساسية للعمال، مثل التأمين الصحي والاقتطاعات الشهرية وبدل الإجازات وغيرها من الحقوق التي لا تغطيها التصاريح الحالية، لكن المحظوظ من يحصل عليه ليعيل أسرته في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في القطاع المحاصر.

الاحتلال يتهرب من الاتزامات
وقبل الحصار الإسرائيلي على غزة وانتفاضة الأقصى عام 2000، كان إجمالي العاملين داخل الأراضي المحتلة يصل إلى 90 ألف عامل يساهمون بنحو 30% من الاقتصاد المحلي، فيما لا تزيد أعدادهم حالياً على 10 آلاف عامل فقط.

ويشير رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين في قطاع غزة، سامي العمصي، إلى أنّ الاحتلال رفض إطلاق مسمى "عامل" على حملة التصاريح من القطاع البالغ عددهم 10 آلاف من أجل ألّا يلتزم توفير حقوقهم العمالية والمالية.

ويوضح العمصي لـ"العربي الجديد" أنّ الاحتلال قام أخيراً بتغيير المسمى السابق من "تاجر" إلى "احتياجات اقتصادية" بهدف تعزيز تهربه من الالتزامات الصحية والمالية تجاه العمال وعدم دفع بدل نهاية خدمة أو التأمين الصحي.

وحسب رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين في غزة، فإنّ أكثر من 90 ألف عامل كانوا يعملون داخل الأراضي المحتلة قبل عام 2000، وكانت تصاريحهم تحمل صفة عامل، ما مكّنهم من تحصيل حقوقهم العمالية سابقاً، بخلاف ما يجري حالياً.

يشير رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين في قطاع غزة، سامي العمصي، إلى أنّ الاحتلال رفض إطلاق مسمى "عامل" على حملة التصاريح من القطاع

وكشف العمصي عن وجود تحركات من الوسطاء في الفترة الأخيرة من أجل رفع أعداد حملة التصاريح للعمل داخل الأراضي المحتلة لتصل إلى 30 ألف خلال المنظور القريب مع وعود بوصول العدد مستقبلاً إلى 70 ألفاً.

وحسب معطيات نشرتها في وقت سابق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن إجمالي ما يدخل على قطاع غزة من عمال القطاع الذين يعملون في الأراضي المحتلة كرواتب يصل إلى نحو 60 مليون شيقل (نحو 19 مليون دولار) شهرياً.

ارتفاع البطالة
ووفقاً لتقديرات الاتحاد العام لعمال فلسطين، فإن قرابة 315 ألف شخص يبحثون عن العمل في القطاع، من بينهم ربع مليون رب أسرة، فيما تسجل البطالة ارتفاعاً ملحوظاً في صفوف الشباب يصل إلى 60% و80% في صفوف الإناث.

من جانبه، يقول مدير غرفة تجارة غزة ماهر الطباع، إن جميع التصاريح الصادرة في القطاع بلا حقوق، وهي غير مدرجة ضمن نظام العمل الإسرائيلي، وهو ما يعني عدم وجود استقطاعات وادخارات عمالية أو تأمين عمل وتأمين صحي.

ويضيف الطباع لـ "العربي الجديد" أنّه لا تصريح عمل صدر للقطاع، إذ إنّ جميع التصاريح الصادرة حالياً تحت بنود "تاجر" أو "احتياجات اقتصادية" ويقبل بها السكان نظراً للحاجة الماسة للعمل في ضوء ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

ويشير إلى أنّ الأثر الاقتصادي لحملة التصاريح الحاليين محدود للغاية على المشهد الاقتصادي مقابل ما كان سابقاً، نتيجة قلة الأعداد التي تمتلك التصاريح مقابل الأشخاص الباحثين عن العمل.

وإلى جانب شحّ فرص العمل، فإن تدني الأجور هو السمة الأبرز في القطاع المحاصر، إذ تبلغ نسبة تطبيق الحد الأدنى للأجور بين المنشآت الخاصة والعامة في القطاع ما بين 5 إلى 7% فقط، ويقتصر على كبار المؤسسات مثل البنوك وشركات الاتصالات الكبرى، فيما يتلقى العمال الآخرون في غزة نصف الحد الأدنى للأجور أو أقل من نصفه.

المساهمون