يترقب عمال القطاع الخاص في المغرب زيادة حاسمة للأجور، في وقت تشهد فيه غالبية الأسر ضغوطاً معيشية متصاعدة في ظل الغلاء الناجم عن تداعيات الجفاف والحرب الروسية في أوكرانيا على أسعار السلع الأساسية.
ويصل صافي الحد الأدنى للأجور في الصناعة والتجارة والمهن الحرة إلى 2638 درهماً صافية من الضرائب في الشهر، على أساس ساعات عمل في حدود 191 ساعة شهرياً، بينما لا يتعدى 2301 درهم في القطاع الزراعي، ما دفع إلى الدعوة لتوحيده مع القطاعات الأخرى.
ويقضي الاتفاق بزيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 10% على مرحلتين، بواقع 5% بحلول سبتمبر/أيلول المقبل و5% مطلع نفس الشهر من العام المقبل 2023. ويتطلع العمال إلى زيادة الحد الأدنى للأجر في سياق متسم بارتفاع معدل التضخم، الذي بلغ في نهاية يوليو/تموز الماضي 7.7%، حسب المندوبية السامية للتخطيط الحكومية.
كما جرى الاتفاق على رفع الحد الأدنى للأجور في قطاع الوظائف الحكومية إلى 3500 درهم صافية من الضرائب، مقابل 3362 درهماً حالياً، بزيادة تبلغ نسبتها 4.1%.
ويقول محمد الهاكش، الرئيس السابق للجامعة الوطنية للزراعة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، إنّه يفترض في الشركات الوفاء بالتزامها القاضي بزيادة الحد الأدنى للأجور بحلول الشهر المقبل للوفاء بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه أخيراً مع الحكومة والاتحاد العمالية.
عدم الوفاء بزيادة الأجور
لكن الهاكش يحذر في تصريح لـ"العربي الجديد" من عدم الوفاء بالاتفاق بالنظر إلى مواقف سابقة، إذ رفضت العديد من الشركات في يوليو/تموز 2020 تطبيق زيادة جرى الاتفاق عليها سابقاً.
وكانت شركات قد بررت رغبتها في عدم زيادة الحد الأدنى للأجور بالصعوبات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا في 2020، وعدم التزام الحكومة والاتحادات العمالية بإصدار قانون تنظيم الإضرابات العمالية.
ويشير الهاكش إلى ضرورة توحيد الحد الأدنى للأجر في القطاع الزراعي مع الحد الأدنى للأجر في الصناعة والتجارة والمهن الحرة، مؤكداً أنّ هذا الأمر كان محل اتفاق قبل عشرة أعوام غير أنه لم يُفعل.
ويسعى رجال الأعمال بالإضافة إلى إصدار قانون الإضراب إلى تعديل قانون العمل من أجل إرساء ما يصفونها بـ"المرونة في سوق العمل"، بما يتيح لهم اعتماد عقود عمل مؤقتة وتسريح بعض العمال في سياق ظرفية صعبة دون الاضطرار لتقديم تعويضات كبيرة.
ويعتبر رجال الأعمال أنّ المرونة في سوق العمل ممكنة إذا جرى وضع شبكات أمان لفائدة العمال، مثل إعادة النظر في التعويض عن فقدان العمل، ومراجعة نظام التعويضات التي تمنحها الشركات لفاقدي الشغل.
ضعف الحماية الاجتماعية
غير أنّ اتحادات عمالية تعتبر أنّ المرونة أمر واقع في المغرب رغم القوانين التي تحمي العمال. وهو ما يؤكده الهاكش الذي يشير إلى ضعف الحماية الاجتماعية، لا سيما وسط العمال الزراعيين، رغم وزن ذلك القطاع في الاقتصاد المغربي.
وتأتي مطالب رجال الأعمال، بينما أظهرت بيانات صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري، أن أكثر من ربع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، أي حوالي 1.5 مليون شاب "لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين (تدريب مهني)".
وأشارت المندوبية إلى أن مجموع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة بلغ سنة 2021 نحو 5.9 ملايين شخص، 50.9% منهم ذكور و59.9% يقطنون بالوسط الحضري.