العلاقات الأميركية السعودية بعد قرار أوبك+: لم تكن بهذا السوء منذ 43 عاماً

13 أكتوبر 2022
اجتماع أوبك+ الأخير قرر خفض النفط مليوني برميل يومياً (Getty)
+ الخط -

يتصاعد التوتر ما بين الولايات المتحدة والغرب عامة، مع الدول المنتجة للنفط والسعودية خاصة. قرار تحالف "أوبك+" الأخير بخفض إضافي في إنتاج النفط مليوني برميل يومياً دفع الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته إلى تهديد السعودية صراحة بـ"العواقب".

والرد جاء حاسما جماعيا باسم كافة دول الخليج المنتجة لنحو 20% من إنتاج النفط العالمي وكميات ضخمة من الغاز، عبر بيان مجلس التعاون الخليجي اليوم الخميس الذي يدعم السعودية في وجه التهديدات التي تتلقاها من إدارة بايدن.

إلا أن هذا الخصام المستجد يطرح أسئلة على مستويات أعلى، إذ إن حجم التعاون ما بين الغرب والخليج لا ينحصر بملف النفط، وإنما بشراكات واستثمارات ضخمة وصفقات عابرة للحدود.

تعتبر صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية في تقرير اليوم الخميس أن قلة كان بإمكانها توقع مدى تدهور الشراكة هذه، التي حددتها مبيعات الأسلحة الأميركية الضخمة إلى الرياض في مقابل التعاون في مجال الأمن والطاقة، لسنوات.

وقالت حكومة السعودية إن الخفض الأخير في الإنتاج النفطي يهدف إلى "الحفاظ على سوق نفط مستدام"، لكن البيت الأبيض اتهم الرياض بالانحياز إلى جانب روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وحذر من أن الولايات المتحدة تتطلع إلى "إعادة تقييم" علاقتها مع المملكة نتيجة لذلك.

وقال متحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي اليوم الخميس إن الولايات المتحدة قدمت للسعودية تحليلا يظهر أنه لا يوجد أساس سوقي لخفض إنتاج النفط قبل أن تقرر أوبك+ ذلك، وذلك في رد على قول الرياض إن الخفض "اقتصادي بحت".

وأضاف كيربي في بيان أن الدول الأخرى في التجمع أبلغت الولايات المتحدة سرا بأنها "شعرت بأنها مضطرة لدعم اتجاه السعودية ".

كارين إليوت هاوس، مؤلفة كتاب "المملكة العربية السعودية - شعبها، ماضيها، دينها، خطوط الخطأ"، وزميلة أولى في مركز بيلفر بجامعة هارفرد قالت لـ"ذي إندبندنت": "لم تكن العلاقات بهذا السوء مع المملكة العربية السعودية منذ 43 عاماً". 

ونجت العلاقة من العواصف من قبل، لكن هذه الأزمة هي الأحدث في سلسلة الخلافات بين البلدين حول كل شيء بدءاً من النفط والحرب وحقوق الإنسان والتوقعات العالمية التي تتعارض بشكل متزايد.

أوبك+ والانتخابات الأميركية

اندلع الانقسام الأخير بسبب قرار تحالف أوبك وروسيا خفض إنتاج النفط، وهي خطوة هددت، بحسب "إندبندنت" برفع أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم حيث ارتفعت الأسعار بالفعل بسبب تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.

من الأمور الحاسمة لإدارة بايدن، أنها أثارت احتمالية ارتفاع أسعار الغاز في الولايات المتحدة قبل انتخابات التجديد النصفي الحاسمة، والتي قد تضر بالحزب الديمقراطي لبايدن في عملية تصويت عرّفها على أنها معركة لإنقاذ الديمقراطية.

وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، التي استشهدت بمصادر حكومية سعودية، كان السعوديون يخططون لزيادة إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً في تقدمة إلى بايدن. ثم خفض ولي العهد الزيادة إلى 100 ألف برميل في اليوم.

وأشارت وزارة الخارجية الأميركية في رسالة بريد إلكتروني إلى وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إلى أنه ضلل الولايات المتحدة بشأن حجم الزيادة.

وقال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس "أصيب بخيبة أمل من القرار قصير النظر الذي اتخذته أوبك + لخفض حصص الإنتاج، بينما يتعامل الاقتصاد العالمي مع التأثير السلبي المستمر لغزو بوتين لأوكرانيا".

وتسارعت التوترات يوم الثلاثاء، عندما قال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن الولايات المتحدة تدرس إعادة التفكير في العلاقات الأميركية السعودية.

والمملكة العربية السعودية هي أكبر مستورد للأسلحة الأميركية في العالم، وتعتمد بشكل كبير على الشركات المصنعة للأسلحة الأميركية والفنيين في أمنها. قد تكون مبيعات الأسلحة هذه الآن تحت التهديد، وفق "إندبندنت". 

هذا الأسبوع، قال بوب مينينديز، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والتي تشرف على مبيعات الأسلحة، في بيان نشرته "رويترز" إن المملكة العربية السعودية اتخذت "قراراً مروعاً" بـ "ضمان" حرب روسيا على أوكرانيا، ودعا إلى وقف في مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.

 موقف الدول النفطية

كان ارتفاع أسعار النفط - وبالتالي ارتفاع أسعار البنزين - محركا رئيسيا للتضخم في الولايات المتحدة وحول العالم، ما أدى إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية العالمية حيث أدت الحرب الروسية المستمرة منذ شهور على أوكرانيا إلى تعطيل الإمدادات الغذائية العالمية.

بالنسبة لبايدن، يمكن أن تؤثر أسعار البنزين المرتفعة على الناخبين. لقد حذر هو والعديد من المشرعين من أنه يمكن إعادة النظر في علاقة أميركا طويلة الأمد القائمة على الأمن مع المملكة، وفق "إندبندنت".

رفض البيت الأبيض محاولات ربط طلبه المقدم لأوبك بالانتخابات، لكن إصدار السعودية بيانا نادرا مطولا يظهر مدى توتر العلاقات بين البلدين. كما انتقدت المملكة محاولات ربط قرار المملكة بحرب روسيا على أوكرانيا.

وفي موقف لافت دعم مجلس التعاون الخليجي الذي يضم الدول الخليجية المنتجة للنفط والغاز، الخميس، موقف المملكة العربية السعودية في بيان وزارة خارجيتها الذي رد على من يهاجمها بأعقاب قرار منظمة الدول المصدرة للنفط وشركائها "أوبك+" بتقليص الإنتاج بمعدل مليوني برميل يوميا.

تداعيات الأزمة

وقالت وكالة الطاقة الدولية، اليوم الخميس، إن القرار الذي اتخذه تحالف أوبك+ الأسبوع الماضي بخفض إنتاج النفط قاد إلى ارتفاع الأسعار وقد يدفع الاقتصاد العالمي إلى ركود.

وأشارت الوكالة، ومقرها باريس، إلى أن "التدهور المستمر للاقتصاد وارتفاع الأسعار الناجم عن خطة أوبك+ لخفض الإمدادات يبطئان الطلب العالمي على النفط". وتضم الوكالة في عضويتها الولايات المتحدة ودولا من كبار المستهلكين.

وأضافت في تقريرها الشهري عن النفط: "في ظل تداعيات الضغوط التضخمية المتواصلة ورفع أسعار الفائدة، قد يمثل ارتفاع أسعار النفط نقطة التحول الفاصلة لاقتصاد عالمي هو بالفعل على شفا الركود".

ورجحت وكالة الطاقة أن يكون حجم الخفض الفعلي للإمدادات عند نحو مليون برميل يوميا وليس مليوني برميل كما أعلن تحالف أوبك+، الذي يضم دول منظمة أوبك وحلفاء من خارجها من بينهم روسيا.

وذكرت الوكالة أن القيود على الطاقة الإنتاجية في دول أعضاء بأوبك تعني أن السعودية والإمارات ستتحملان معظم التخفيضات، وذلك في وقت يمكن أن تقود فيه العقوبات الجديدة من جانب مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على روسيا إلى مزيد من شح الإمدادات العالمية.

المساهمون