عبد اللطيف الجواهري... خبرة مصرفية في مواجهة مخاطر تهدد التحويلات

13 يناير 2023
عبد اللطيف الجواهري (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

لا يكف عن التنبيه إلى المخاطر التي يمكن أن تأتي من قرارات تتخذها مؤسسات دولية أو بلدان غنية، فعندما يجري التأكيد على ارتفاع تكاليف تحويلات المغتربين الأفارقة، يشير هو إلى قرارات أخرى تعدها بلدان الاستقبال يمكن أن تفضي إلى التاثير على تدفق التحويلات.

خبرته على رأس مؤسسات مالية في المغرب، أتاحت لمحافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، اكتساب مهارات بطريقة اشتغال المؤسسات المالية الدولية والدول الغنية، حيث ما فتئ ينبه إلى ضرورة الحفاظ على السيادة المالية من أجل عدم الخضوع للإملاءات.

قضى حياته في قطاع الصيرفة والمال. فقد التحق بالبنك المركزي ولم يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر، قبل أن يلتحق بالحكومة كوزير مفوض لدى الوزير الأول المكلف بإصلاح الشركات الحكومية، ويتولى بعد ذلك منصب وزير المالية في حكومتين، ويعود للقطاع المصرفي، حيث ترأس البنك المغربي للتجارة الخارجية قبل خصخصته، ثم الصندوق المهني المغربي للتقاعد، الذي غادره كي يتولى أمر البنك المركزي منذ 2003.

اعتبرته مؤسسات دولية في العديد من المرات أفضل محافظ بنك مركزي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد خبر الأزمات جيدا، ما يجعل تجربته مطلوبة في الظرفية الحالية التي يطيح فيها الفيروس الاقتصاد الوطني.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

يتولى أمر البنك المركزي منذ 19 عاما، يتميز بصراحته، يزاوج بين الأجوبة المباشرة، والرسائل المشفرة، غير أن الجميع ينتظر تحليلاته التي تنم عن اطلاع واسع على ما ينتج من أدبيات اقتصادية وتقارير عبر العالم.

عندما افتتح أمس الخميس منتدى الرباط حول تخفيض تكاليف تحويلات المغتربين الأفارقة، دافع عن ذلك المسعى بالنظر لأهمية تلك التحويلات بالنسبة لبلدان القارة السمراء، حيث تساهم في دعم أسر المغتربين وتعزيز رصيد النقد الأجنبي لتلك الدول.

هو يؤكد أن التحويلات نحو القارة التي تصل إلى 870 مليار دولار على مدى عقد من الزمن مهمة، مسجلا أن تلك التحويلات صمدت في مواجهة الأزمات.

وقد تجلت أهمية تلك التحويلات بالنسبة لبلدان مثل مصر والسنغال والمغرب في العامين الأخيرين، عندما ارتفعت، بل إنها يمكن أن تدعم رصيد عملتها الصعبة في الأعوام المقبلة في ظل حالة عدم اليقين التي تميز الاقتصاد العالمي.

غير أن محافظ البنك المركزي المغربي، يؤكد أن خطرا آخر يتهدد تحويلات المغتربين، يتجاوز ارتفاع تكاليفها، ويتمثل في سعي الاتحاد الأوروبي إلى منع المصارف غير الأوروبية غير المستقرة في فضاء الاتحاد الأوروبي من توفير خدمات مصرفية للمغتربين المقيمين في البلدان الأوروبية.

هو يدعو إلى عمل ديبلوماسي قوي من قبل البلدان الأفريقية من أجل التحذير من مخاطر مثل هذه المبادرات والعمل على صيانة المكتسبات، من قبيل توفير مصارف بلدان المغتربين لخدمات لهم دون إقصاء.

وينبه إلى خطر آخر آت من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول تبادل المعلومات الجبائية الذي يثير دخوله حيز التنفيذ الكثير من القلق، مشددا على أنه يجب ألا ينعكس هذا التدبير الذي يراه خبراء مستلهما لقانون "فاتكا" الأميركي، على تدفق التحويلات.

يتولى أمر البنك المركزي منذ 19 عاما، يتميز بصراحته، يزاوج بين الأجوبة المباشرة، والرسائل المشفرة

حماية التدفقات نحو البلدان الأفريقية تحتاج في تصوره إلى عمل مشترك، بالنظر إلى أهمية التحويلات في توفير إيرادات للأسر وتعزيز رصيد العملة الصعبة، ودعم الودائع لدى البنوك، والمساهمة في التنمية الاقتصادية عبر الاستثمار.

خبر الأزمات على مدى ستين عاما في عالم المال وتحمل المسؤوليات في أهم المؤسسات التي تصنع القرار المالي في المملكة، حيث رسخت لديه مناعة ضد الهلع والارتجال. هذا ما يجعل منه صوتا مسموعا حتى لدى المؤسسات الدولية، التي لا يتردد على صعيد المغرب في مواجهة مطالبها ذات الصلة بوتيرة الإصلاحات، بتذكيرها بضرورة إعداد الأرضية لها قبل تنفيذها.

وعندما يدافع عن حماية التحويلات من القرارات التي يمكن أن تخفضها، فإنه يدرك أهميتها في تمكين الدول من رصيد مهم من العملة الصعبة، التي خبر دورها الحاسم في توفير الأمان المالي للدول، فقد كان وزيرا للمالية عندما فرض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، برنامجا للتقويم الهيكلي على المغرب في ظل نفاد الرصيد من النقد الأجنبي ووصول المديونية إلى حوالي 100 في المائة من الناتج الداخلي في الثمانينيات من القرن الماضي.

المساهمون